المَعَارِف ابنُ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيّ
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة المؤلف
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب الدينوري.
هذا كتاب: جمعت فيه من المعارف ما يحق على من أنعم عليه بشرف المنزلة، وأخرج بالتأدب عن طبقة الحشوة وفضل بالعلم والبيان على العامة، أن يأخذ نفسه بتعليمه، ويروضها على تحفظه. إذا كان لا يستغني عنه في مجالس الملوك إن جالسهم، ومحافل الأشراف إن عاشرهم، وحلق أهل العلم إن ذاكرهم. فإنه قل مجلس عقد على خير، أو أسس لرشد، أو سلك فيه سبيل المروءة إلا وقد يجري فيه سبب من أسباب المعارف.
إما في ذكر نبي أو ذكر ملك أو عالم أو نسب أو سلف أو زمان أو يوم من أيام العرب، فيحتاج من حضر إلى أن يعرف عين القصة، ومحل القبيلة وزمان الملك، وحال الرجل المذكور، وسبب المثل المشهور.
فإني رأيت من الأشراف من يجهل نسبه، ومن ذوي الأحساب من لا يعرف سلفه، ومن قريش من لا يعلم من أين تمسه القربى برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الرحم بالأعلام من صحابته، ورأيت من أبناء ملوك العجم من لا يعرف حال أبيه وزمانه، ورأيت من ينتمي إلى الفصيلة وهو لا يدري من أي العمائر هي، وإلى البطن وهو لا يدري من أي القبائل هو. ورأيت من رغب بنفسه عن نسب دق فانتهى إلى رجل لم يعقب، كرجل رأيته ينتسب إلى أبي ذر ولا عقب لأبي ذر! وآخر ينتمي إلى حسان بن ثابت، وقد انقرض عقب حسان! وكآخر دخل على المأمون فكلمه بكلام أعجبه، فسأله عن نسبه، فقال: من طيء من ولد عدي بن حاتم! فقال له المأمون: لصلبه? فقال نعم. فقال المأمون: هيهات أضللت! إن أبا طريف لم يعقب! فكان سقوطه بجهله حال الرجل الذي اختاره لدعوته أقبح من سقوطه بالنسب الذي رغب فيه. وقد يكون الرجل متبوعاً في الأدب قد سمق فيه وأخذ بالحظ الأوفى منه، إلا أنه أغفل شيئاً من الجليل كان أولى به من بعض ما حفظ فيلحقه فيه النقيصة ويرجع عليه منه الهجنة كطالب غوامض الفقه، وقد أغفل أبواب الصلاة والفرائض. وطالب طرق الحديث، وقد أغفل متونها ومعانيها. وطالب علل النحو وتصاريفه وهو يلحن في رقعة إن كتبها وبيت شعر ينشده.
وكتابي هذا: يشتمل على فنون كثيرة من المعارف أولها مبتدأ الخلق وقصص الأنبياء وأزمانهم وحلاهم وأعمارهم وأعقابهم وافتراق ذراريهم ونزولهم بمشارق الأرض ومغاربها، وأسياف البحار والفلوات والرمال، إلى أن بلغت زمن المسيح والفترة بعده، ووصلت ذلك بذكر أنساب العرب مختصراً ذلك، ومقتصراً على العمائر ومشهور البطون.
ثم أتبعته أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسبه وذكر عمومته وعماته وجداته لأبيه وأمه وأظآره وأزواجه وأولاده ومواليه وأحواله في مولده ومبعثه ومغازيه إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخبار العشرة من المهاجرين رحمهم الله تعالى. ثم الصحابة المشهورين، ثم الخلفاء من لدن معاوية بن أبي سفيان إلى أحمد بن محمد بن المعتصم المستعين بالله والمشهور من صحابة السلطان والخارجين عليهم من الخوارج، ثم التابعين ومن بعدهم من حملة الحديث وأصحاب الرأي، ومن عرف منهم بالترفض والتشيع والأرجاء والقدر وأصحاب الأخبار ورواة الشعر والغريب، وأصحاب النحو والمعلمين والمتهاجرين من الصحابة والتابعين، وأول من أحدث شيئاً بقي على مرور الأيام.
وذكرت المساجد المشهورة كالكعبة وبيت المقدس، ومسجد المدينة ومسجد البصرة ومسجد الكوفة ومسجد دمشق، ومتى ابتنيت، وعلى يد من أسست. ودللت على جزيرة العرب وحدود السواد والجزيرة بين دجلة والفرات وحدود نجد والحجاز وتهامة.
وأخبرت عن الفتوح وما كان منها عنوة وما كان عن صلح، وعمن جمع له العراقان عن فرق ما بين المهاجرين الأولين والمهاجرين الآخرين وعن المخضرمين، وعن سبب أضعاف الصدقة عن نصارى بني تغلب، وعن أديان العرب في الجاهلية؛ وعن صناعات الأشراف في الجاهلية، وعن أهل العاهات الذين كثرت فيهم، وعن البرص والعرج والصم والجدع والجذمى والحول والزرق والفقم والكواسج والصلع والبخر والعور والمكافيف.
وعن أشياء تتابعت في نسق ليس لها مثل، وعن المنسوبين إلى غير عشائرهم وآبائهم، وعن المسمين بكناهم، وعن ذكر الطواعين وأوقاتها، وعن الأيام المشهورة مثل يوم ذي قار، والفجارين وحلف الفضول، وحلف المطيبين وحرب بكر وتغلب وحرب داحس والغبراء، وعن قصص قوم جرى المثل بأسمائهم مثل قوس حاجب وباقل وقرطا مارية وخريم الناعم وحجام ساباط وشقائق النعمان وحديث خرافة وبرجان اللص وسحبان وائل الخطيب وطفيل الذي ينسب إليه الطفيليون وكنز النطف وندامة الكسعى. ومواعيد عرقوب وخفي حنين وعطر منشم. وأشباه ذلك.
وأخبرت عن ملوك الحيرة والردافة وعن ملوك فارس ملكاً ملكاً، ومددهم وجمل من سيرهم، وكان غرضي في جميع ما اقتصصت الإيجاز والتخفيف والقصد المشهور من الأنباء دون الغمور ولما يجري له سبب على ألسنة الناس دون ما لا يجري له سبب، ولو قصدت الاستقصاء لطال الكتاب، حتى يعجز عن نسخه فضلاً عن حفظه، ولاختلط الخفي بالجلي فمجته الآذان، وملته النفوس. والنفس إلى ما تعلم منه سبباً أكثر تطلعاً وأشد استشرافاً وهو بها ألصق ولها ألزم، وقد شرطت عليك تعلم ما في هذا الكتاب وتعرفه، ولو أطلته وذكرت ما بك عنه الغناء أكثر دهرك أتعبتك وكديتك وأحوجتك إلى أن تتلفظ منه شيئاً للمعرفة والحفظ وتنبذ منه شيئاً فكفيتك ذلك، واحتطت لك فيه بأبلغ الاحتياط، وعايرت على نظري بنظر للحفاظ من إخواننا والنساب. وأرجو أن أكون قد بلغت لك فيه همة النفس، وثلج الفؤاد ولنفسي ما أملت في تبصيرك وإرشادك من توفيق الله وحسن الثواب.
مبتدأ الخلق
قال أبو محمد رحمه الله: قرأت في أول سفر من أسفار التوراة أن أول ما خلق الله تعالى من خليقته السماء والأرض، وكانت الأرض خربة خاوية وكانت الظلمة على الغمرة وكانت ريح الله تبارك وتعالى ترف على وجه الماء.
فقال الله عز وجل ليكن النور، فكان نوراً فرآه الله حسناً فميزه من الظلمة وسماه نهاراً وسمى الظلمة ليلاً فكان مساء وكان إصباح يوم الأحد.
وقال الله تعالى ليكن سقف وسط الماء فليحل بين الماء والماء فكان سقفه، وميز بين الماء الذي هو أسفل وبين الماء الذي هو أعلى فسمى الله السقف سماء، وكان مساء وكان إصباح يوم الاثنين.
قال أو محمد: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا مالك بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قول الله عز وجل: "والبحر المسجور" الطور6 " قال: كان علي رضي الله عنه يقول: هو بحر تحت العرش وهذا شبيه بما ذكر في التوراة من أن السماء بين ماءين.
وعاد الخبر إلى التوراة: وقال الله عز وجل: ليجتمع الماء كله الذي تحت السماء إلى مكان واحد فليرَ اليبس، وكان كذلك فدعا الله عز وجل اليبس أرضاً، وسمى ما اجتمع من المياه البحور.
ثم قال الله تبارك وتعالى لتخرج الأرض زهرة العشب والشجر ذا الحمل كلاً لسوسه، فأخرجت الأرض ذلك فرآه الله حسناً، وكان مساء وكان إصباح يوم الثلاثاء.
وقال الله ليكن نوران في سقف السماء ليميزا بين الليل والنهار وليكونا آيات للأيام والسنين، فكان نوران الأكبر لسلطان النهار والأصغر والنجوم لسلطان الليل، فرآه الله حسناً وكان مساء وكان إصباح يوم الأربعاء.
وقال الله: ليحرك الماء كل نفس حية وليطر الطير على وجه الأرض في جو السقف، وخلق الله تنانين عظاماً، وحرك الماء كل نفس حية لجنسها وكل طائر لجنسه، فرأى الله ذلك حسناً فبركهن وقال: أثمروا وأكثروا، وكان مساء وكان إصباح يوم الخميس.
ثم قال الله تعالى: نخلق بشراً بصورتنا فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة وقال: إن آدم لا يصلح أن يكون وحده ولكن أصنع له عيناً مثله، فألقى عليه السبات، فأخذ إحدى أضلاعه فلامها وسمي الضلع الذي أخذ امرأة لأنها من المرء أخذت، فقربها إلى آدم فقال آدم: عظم من عظامي ولحم من لحمي. ومن أجل ذلك يترك الرجل أباه وأمه ويتبع امرأته، ويكونان كلاهما جسماً واحداً وبركهما الله وقال: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وتسلطوا على أنوان البحور وطير السماء والأنعام والدواب وعشب الأرض وشجرها وثمرها ورأى كل ما خلق فإذا هو حسن جداً، وكان مساء وكان إصباح يوم السادس. فكمل كل أعمال الله التي عمل ثم استراح في اليوم السابع من خليقته فبركه وطهره.
ونصب ربنا الفردوس في عدن، وبها نهر يسقي الفردوس فانقسم على أربعة رؤوس: فجيحون وهو محيط بأرض خويلا كلها، وثم يكون أجود الذهب وحجارة البللور والفيروزج. واسم النهر الثاني: سيحون وهو محيط بأرض كوش والحبش. واسم النهر الثالث: دجلة وهو الذي يذهب قبل أثور. والنهر الرابع: الفرات. ونصف شجرة الحياة وسط الفردوس وشجرة علم الخير والشر. وقال لآدم كل ما شئت من شجر الفردوس، ولا تأكل من شجرة علم الخير والشر، فإنك يوم تأكل منها تموت.
وقال أبو محمد: يريد أنك تتحول إلى حال من يموت، وكانت الحية أمكر دواب البر، فقالت للمرأة إنكما لا تموتان إن أكلتما منها ولكن أعينكما تنفتح وتكونان كالآلهة، تعلمان الخير والشر.
فأخذت المرأة من ثمرها فأكلت وأطعمت بعلها فانفتحت أبصارهما وعلما أنهما عريانان فوصلا من ورق التين واصطنعاه أزراً، ثم سمعا صوت الله في الجنة حين بورك النهار فاختبأ آدم وامرأته في شجر الجنة فدعاهما. فقال آدم: سمعت صوتك في الفردوس، ورأيتني عرياناً فاختبأت منك. فقال: ومن أراك أنك عريان? ها! لقد أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها، فقالت: إن المرأة أطعمتني. وقالت المرأة: إن الحية أطعمتني! قال الله تعالى للحية: من أجل فعلك هذا فأنت ملعونة وعلى بطنك تمشين، وتأكلين التراب وسأغري بينك وبين المرأة وولدها فيكون يطأ رأسك، وتكونين أنت تلدغينه بعقبه.
وقال للمرأة: وأنت فأكثر أوجاعك وأحبالك وتلدين الأولاد بالألم، وتردين إلى بعلك فيكون مسلطاً عليك.
وقال لآدم ملعونة الأرض من أجلك وتنبت الحاج والشوك، وتأكل منها بالشقاء ورشح وجهك حتى تعود إلى التراب من أجل إنك تراب. وسمى الله امرأته حواء لأنها أم كل حي، وألبسها وإياه سرابيل من جلود، وقال إن آدم قد علم الخير والشر فلعله يقدم يده ويأخذ من شجرة الحياة فيأكل منها فيعيش الدهر، فأخرجه من مشرق جنة عدن إلى الأرض التي منها أخذ فهذا ما في التوراة!.
وأما وهب بن منبه: فذكر أن الجن كانت سكان الأرض قبل آدم فكفرت طائفة منهم فسفكوا الدماء، فأمر الله جنداً من الملائكة من أهل سماء الدنيا، منهم إبليس وكان رئيسهم فهبطوا إلى الأرض فاجلوا عنها الجان واستشهد على ذلك: بقول الله عز وجل: "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" الحجر:27 أي من قبل أن نخلق آدم فألحقوهم بأطراف التخوم وجزائر البحر، وسكن إبليس والجند الذي معه عمران الأرض وأريافها.
وكان اسم إبليس عزازيل، ثم ذكر خلق الله آدم وقال: ثم كساه لباساً من ظفر يزداد جلده في كل يوم حسناً، فلما أكلا من الشجرة انكشط عنهما اللباس، وكان له مثل شعاع الشمس حتى صار في أطراف أصابعهما من أيديهما وأرجلهما.
قال وخلقه يوم الجمعة ومكنه في الجنة ستة أيام.
وكان أول شيء أكلا في الجنة العنب وكانت الشجرة التي نهيا عنها شجرة البر.
وكان الله أخدم آدم الحية في الجنة، وكانت أحسن خلق الله، لها قوائم كقوائم البعير، فعرض إبليس نفسه على دواب الأرض كلها أنها تدخله الجنة فكلها أبى ذلك عليه إلا الحية فإنها حملته بين نابين من أنيابها ثم أدخلته الجنة.
قال: ولما تاب الله على آدم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض وقبض عنه المفاوز فلم يضع قدمه إلى شيء من الأرض إلا صار عمراناً حتى انتهى إلى مكة، وكان مهبطه حين أهبط من جنة عدن في شرقي أرض الهند وأهبط الله حواء بجدة والحية بالبرية وإبليس على ساحل بحر الإبلة.
وقال ابن إسحاق: يذكر أهل العلم أن مهبط آدم وحواء على جبل يقال له واسم، من أرض الهند وهو جبل بين قرى الهند واليوم به الدهنج والمندل.
قال أبو محمد: والعرب تنسب الطيب واليلنجوج إلى المندل. قال الشاعر يذكر امرأة:
إذا برزت نادى بها في ثيابها * ذكي الشذا والمندلي المطير
والمندلي العود والمطير المشقق. قال: وكان آدم صلى الله عليه وسلم أمرد وإنما نبتت اللحا لولده بعده، وكان طويلاً كثير الشعر جعداً. آدم أجمل البرية، ولما هبط إلى الأرض حرث وغزلت حواء الشعر وحاكته بيدها.
وقال أبو محمد: وقرأت في التوراة أن آدم عليه السلام جامع امرأته حواء فولدت له قابيل فقالت: استفدت لله رجلاً ثم ولدت هابيل أخاه فكان قابيل حراثاً وكان هابيل راعي غنم، فقربا قرباناً فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقتل أخاه هابيل.
وقال وهب: إن آدم كان يولد له من كل بطن ذكر وأنثى وكان الرجل منهم يتزوج أي أخواته شاء إلا توأمته فأبى قابيل أن يزوج أخته التي هي توأمته هابيل فقال أنا أحق بها، فغضب آدم عليه السلام وقال اذهبا فتحاكما إلى الله تعالى بالقربان فأيكما قبل قربانه فهو أحق بها، فقربا القربان بمنى فمن ثم صار مذبح الناس إلى اليوم فنزلت نار فقبلت قربان هابيل فقتل قابيل هابيل ورضخ رأسه بحجر، واحتمل أخته حتى أتى وادياً من أودية اليمن في شرقي عدن فكمن فيه، فبلغ آدم ما صنع فوجد هابيل قتيلاً، وقد نشفت الأرض دمه فلعن الأرض فمن أجل لعنة آدم لا تنشف الأرض دماً وأنبتت الشوك.
قال أبو محمد: وفي التوراة أن آدم طاف على امرأته حواء فولدت له غلاماً سماء شيئاً من أجل أنه خلف من عند الله مكان هابيل، وولد لآدم أربعون ولداً في عشرين بطناً، وأنزل عليه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة، وهو أول كتاب كان في الدنيا حد الله عليه الألسنة كلها.
قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم قال: حدثني يحيى بن كثير قال: حدثنا عثمان بن سعد الكاتب عن الحسن عن عتي عن أبي أن آدم لما احتضر اشتهى قطفاً من قطف الجنة، فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملائكة، فقالوا أين تريدون يا بني آدم? قالوا: إن أبانا اشتهى قطفاً من قطف الجنة. فقالوا: ارجعوا فقد كفيتموه، فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل والملائكة صلى الله وسلم عليهم خلفه وبنوه خلف الملائكة، ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم يا بني آدم.
قال وهب: وحفر له في موضع من أبي قبيس يقال له غار الكنز، فلم يزل آدم في ذلك الغار حتى كان زمان الغرق فاستخرجه نوح وجعله في تابوت معه في السفينة، فلما نصب الماء وبدت الأرض لأهل السفينة رده نوح إلى مكانه.
قال أبو محمد: ووجدت في التوراة أن جميع ما عاش آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة. قال وهب: وعاش آدم ألف سنة.
شيث بن آدم
صلى الله وسلم عليهما:
قال وهب: كان شيث بن آدم أجل ولد آدم وأفضلهم وأشبههم بآدم وأحبهم إليه، وكان وصي أبيه وولي عهده، وهو الذي ولد البشر كلهم، إليه انتهى أنساب الناس، وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة، وكانت هناك خيمة لآدم وضعها الله له من الجنة وأنزل الله على شيث بن آدم خمسين صحيفة، وعاش شيث تسعمائة سنة واثنتي عشرة سنة وولد لشيث أنوش وبنون وبنات، وولد لأنوش قينان وولد لقينان مهلائيل وولد لمهلائيل اليارد وولد لليارد أخنوخ وهو إدريس.
إدريس
صلى الله عليه وسلم قال وهب: إن إدريس النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً طويلاً ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد، كثير شعر الرأس وكانت إحدى أذنيه أعظم من الأخرى، وكانت في جسده نكتة بيضاء من غير برص، وكان دقيق الصوت دقيق المنطق قريب الخطى إذا مشى، وإنما سمي إدريس لكثرة ما كان يدرس في كتب الله تعالى وسنن الإسلام، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب ولبسها، وكانوا من قبله يلبسون الجلود، واستجاب له ألف إنسان ممن كان يدعوه، فلما رفعه الله اختلفوا بعده وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح. وهو أبو جد نوح ورفع وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة، وفي التوراة أن أخنوخ أحسن قدام الله تعالى فرفعه إليه. وولد لإدريس متوشالخ على ثلثمائة سنة من عمره، وولد لمتوشالخ لمك وولك لمك غلام فسماه نوح.
نوح
النبي صلى الله عليه وسلم:
قال وهب: كان نوح أول نبي نبأه الله بعد إدريس، وكان نجاراً إلى الأدمة ما هو دقيق الوجه في رأسه طول، عظيم العينين غليظ الفصوص دقيق الساقين كثير لحم الفخذين دقيق الساعدين، ضخم السرة طويل اللحية عريضها طويلاً جسيماً وكان في غضبه وانتهاره شدة، فبعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، ثلاثة قرون في قومه عايشهم وعمر فيهم فلا يجيبونه ولا يتبعه منه إلا قليل، كما قال الله عز وجل في التوراة! وأوحى الله إليه أن اصنع الفلك وليكن طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعاً وارتفاعها ثلاثين ذراعاً وليكن بابها في عرضها، وادخل الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل شيء من اللحم اثنين ذكوراً وإناثاً، فإني منزل المطر على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة فأتلف كل شيء خلقته على الأرض، وأن تعمل تابوتاً تحمل جسد آدم فيه وتجعل التابوت من خشب الشمشار الساسم وتحمل معك زاد سنة.
ففعل نوح وأرسل الله تعالى ماء الطوفان على الأرض في سنة ستمائة من عمر نوح في سبعة عشر يوماً من الشهر الثاني ولبثت في الماء مائة وخمسين يوماً.
ثم أرسل الله ريحاً فغشيت الأرض فسكن الماء وانسدت ينابيع الغوط الأكبر وميازيب السماء، واستقرت في الشهر السادس على جبل قردى. وفي الشهر العاشر بانت رؤوس الجبال فلما كان في سنة ستمائة سنة وستة في أول يوم من الشهر الأول نضب الماء على الأرض، فكشف نوح غطاء الفكل فرأى وجه الأرض. وفي سبعة عشر يوماً من الشهر الثاني جفت الأرض. هذا ما في التوراة.
قال وهب: ذكر لنا أن السفينة استقلت في عشر خلون من رجب، وكانت في الماء مائة وخمسين يوماً، ثم استقرت على الجودى، وهو جبل بأرض الجزيرة شهراً، وخرج إلى الأرض في عشر خلون من المحرم.
وفي التوراة أن الله أمر نوحاً أن يخرج من الفلك ومن معه، فخرجوا وابتنى نوح مذبحاً لله وقدم قرباناً على المذبح، فأنشأ الله على القربان ريح الراحة وبرك نوحاً وبنيه وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض ولتكن هيبتكم على دواب الأرض وكل طير السماء وأنوان البحور، ولكن لا تأكلوا لحماً فيه نفسه، ومن يهريق دم البشر ففي البشر يهراق دمه من أجل آدم صلى الله عليه وسلم خلق على صورة الله عز وجل.
وقال لنوح: إن آية ميثاقي الذي أواثقكم به أن لا أفسد في الأرض بالطوفان قوسي الذي جعلت في الغمام فإذا رأيتم ذلك فاذكروا ميثاقي.
وذكر وهب أن نوحاً دخل الفلك وولده الثلاثة سام وحام ويافث ونساؤهم وأربعون رجلاً وأربعون امرأة، ولما خرجوا بنوا قرية بقردى سموها ثمانين لأنه كان فيها ثمانون بيتاً، لكل إنسان ممن آمن معه بيت، فهي إلى اليوم تسمى سوق ثمانين، وقرب قرباناً وصام شهر رمضان وهو أول من صامه. قال: وإنما سمي الماء طوفاناً لأنه طفا فوق كل شيء. قال: وكان بين موت آدم إلى غرق الأرض ألفا سنة ومائتا سنة واثنتان وأربعون سنة.
وفي التوراة أن نوحاً عاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، فكان عمر نوح تسعمائة سنة وخمسين سنة.
وقال وهب: كان عمره ألف سنة لأنه بعث إلى قومه وهو ابن خمسين سنة، ولبث يدعوهم إلى أن مات تسعمائة وخمسين سنة.
ولد نوح
صلى الله عليه وسلم:
قال أبو محمد: وفي التوراة: أنه ولد لنوح سام وحام ويافث بعد خمسمائة سنة من عمره. وأما المختلف عنه الذي قال له يا بني اركب معنا فهو يام ولم أرَ له في التوراة ذكراً، فالناس جميعاً من هؤلاء الثلاثة. قال: حدثني سهل بن محمد، حدثنا الأصمعي عن مسلمة بن علقمة المازني، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب: لأي ابني آدم كان النسل فقال ليس لواحد منهما نسل، أما المقتول فدرج، وأما القاتل فهلك نسله في الطوفان فالناس من بني نوح ونوح من بني شيث وشيث ابن آدم.
وفي التوراة أن نوحاً لما خرج من السفينة غرس كرماً، ثم عصر من خمره فشرب وانتشى، فتعرى في جوف قبته، فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه فأطلع على ذلك أخويه، فأخذ سام ويافث رداء فألقياه على عواتقهما ومشيا على أعقابهما يواريان عورة أبيهما وهما مدبران، فاستيقظ نوح من نشوته وعلم ما فعل به ابنه الأصغر فقال: ملعون أبو كنعان عبد عبيد يكون لأخويه، وقال مبارك سام، ويكثر الله يافث ويحل في مسكن سام ويكون أبو كنعان عبداً لهما.
حام بن نوح عليه السلام: قال وهب بن منبه: إن حام بن نوح كان رجلاً أبيض حسن الوجه والصورة، فغير الله عز وجل لونه وألوان ذريته من أجل دعوة أبيه، وإنه انطلق وتبعه ولده فنزلوا على ساحل البحر فكثرهم الله وأنماهم فهم السودان، وكان طعامهم السمك فحددوا أسنانهم حتى تركوها مثل الأبر لأن السمك كان يلصق بها، ونزل بعض ولده المغرب فولد حام كوش بن حام وكنعان بن حام وفوط ابن حام. فأما فوط فسار فنزل أرض الهند والسند، فأهلها من ولده. وأما كوش وكنعان فأجناس السودان النوبة والزنج والقران والزغاوة والحبشة والقبط وبربر من أولادهما.
يافث بن نوح وأما يافث فمن ولده الصقالب وبرجان والأسبان، وكانت منازلهم أرض الروم، ومن ولده الترك والخزر ويأجوج ومأجوج.
سام بن نوح عليه السلام وأما سام بن نوح فسكن وسط الأرض الحرم وما حوله واليمن إلى حضرموت إلى عمان إلى البحرين إلى عالج ويبرين ووبار والدو والدهناء، فمن ولده أرم بن سام وأرفخشد بن سام فمن ولد أرفخشد قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وابنه يعرب بن قحطان أول من تكلم بالعربية ونزل أرض اليمن، فهو أبو اليمن كلهم وهو أول من حياة ولده بتحية الملك أنعم صباحاً، وأبيت اللعن.
ومن ولد أرفخشد يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقطن هو أبو جرهم بن يقطن، وجرهم هو ابن عم يعرب، وكانت جرهم ممن سكن اليمن وتكلم بالعربية، ثم نزلوا بمكة فكانوا بها وقطورا بنو عم لهم، ثم أسكنها الله عز وجل إسماعيل عليه السلام فنكح في جرهم فهم أخوال ولده.
ومن ولد إرم بن سام بن نوح عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح وكانوا ينزلون الأحقاف من الرمل فأرسل الله إليهم أخاهم هود ومن ولد إرم بن سام بن نوح ثمود بن عابر ويقال ثمود بن جائر بن إرم بن سام بن نوح وهو ابن عم عاد وكانوا ينزلون الحجر فأرسل الله إليهم أخاهم صالحاً عليه السلام.
ومن ولد إرم بن سام بن نوح: طسم وجديس ابنا لاود بن إرم بن سام بن نوح، ونزلوا اليمامة وأخوهما عمليق بن لاود ابن إرم بن سام بن نوح نزل بعضهم بالحرم وبعضهم الشام، فمنهم العماليق أمم تفرقوا في البلاد، ومنهم فراعنة مصر والجبابرة، ومنهم ملوك فارس وأهل خراسان، وأخوهم أميم بن لاود بن إرم بن سام بن نوح نزل أرض فارس، فأجناس الفرس كلهم من ولده.
ومن ولد سام ماش بن رام بن سام بن نوح، نزل بابل فولد نمروذ بن حام سبعة عشر لساناً وفي ولد يافث ستة وثلاثين لساناً ويقال إن النبط من ولد ماش، وهو الذي بنى الصرح ببابل وملك خمسمائة سنة، وفي زمانه فرق الله عز وجل الألسنة فجعل في ولد سام تسعة عشر لساناً، وفي ولد ماش سموا نبطاً لإنباطهم المياه، ويقال أيضاً النبط من ولد شاروغ بن أرعو بن فالغ بن سالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وإن النمروذ هو أخو شاروغ بن أرعو والأنبياء عليهم السلام كلها عجميها وعربيها، والعرب كلها يمينها ونزاريها من ولد سام بن نوح.
هود
صلى الله عليه وسلم
قال وهب: هو هود بن عبد الله بن رباح بن جاوب بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح. وكان أشبه ولد آدم بآدم عليه السلام خلا يوسف عليه السلام، وكان رجلاً آدم كثير الشعر حسن الوجه. وكانت عاد ثلاث عشرة قبيلة ينزلون الرمل وبلادهم أخصب بلاد الله، وكثرتهم وديارهم بالدو والدهناء وعالج ويبرين ووبار إلى عمان إلى حضرموت إلى اليمن، فلما سخط الله عز وجل عليهم جعلها مفاوز وغيطاناً، فلما أهلك الله قومه لحق هود ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا وكان هود رجلاً تاجراً.
صالح
صلى الله عليه وسلم
قال وهب: إن الله عز وجل بعث صالحاً عليه السلام إلى قومه حين راهق الحلم، وكان رجلاً أحمر إلى البياض سناط الشعر، وكان يمشي حافياً ولا يتخذ حذاء كما يمشي المسيح، ولا يتخذ مسكناً ولا بيتاً، ولا يزال مع ناقة ربه حيث توجهت، وهو صالح بن عبيد بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وكانت منازل قومه بالحجر، وبين الحجر وبين قرح ثمانية عشر ميلاً، وقرح هي وادي القرى. ولما قال له قومه ائتنا بآية أتى بهم هضبة فلما رأته تمخصت كما تمخض الحامل وانشقت عن الناقة، وعاقر الناقة هو أحمر ثمود الذي يضرب به المثل في الشؤم، واسمه قدار بن سالف، وكان أحمر أشقر أزرق سناطاً قصيراً، والعاقر الآخر مصدع بن مهرج وكان رجلاً نحيفاً طويلاً أهوج مضطرباً، ولما عقرت الناقة صعد فصيلها جبلاً، ثم رغا فأتاهم العذاب.
وقال غير وهب: فلذلك تقول العرب رغا فوقهم سقب السماء إذا هلكوا.
قال وهب: فلما أهلكهم الله قال صالح لمن معه: يا قوم! إن هذه دار قد سخط الله على أهلها، فاظعنوا عنها والحقوا بحرم الله وأمنه فأهلوا من ساعتهم بالحج وأحرموا في العباء وارتحلوا قلائص حمراً مخطمة بحبال من ليف، ثم انطلقوا يلبون حتى وردوا مكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا، فقبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة والحجر، وكان صالح عليه السلام رجلاً تاجراً.
قصة إبراهيم
صلى الله عليه وسلم
هو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن أشرع بن أرعو بن فالغ بن عابر بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. هكذا قال وهب.
قال أبو محمد: وقابلت بهذه النسبة ما في التوراة، فوجدتها موافقة إلا أني وجدت مكان أشرغ شاروغ. قال وهب: كان إبراهيم عليه السلام أول من أضاف الضيف وأول من ثرد الثريد وأطعمه المساكين، وهو أول من قص شاربه واستحد واختتن وقلم أظفاره واستاك وفرق شعره وتمضمض واستنثر واستنجى بالماء. قال: وهو أول من شاب وهو ابن مائة وخمسين سنة، وذلك لأن سارة لما ولدت إسحاق قال الكنعانيون: أما تعجبون لهذا الشيخ والعجوز وجدا غلاماً لقيطاً فتبنياه، فصور الله عز وجل إسحاق على صورة إبراهيم، فلم يكن يفصل بينهما فوسم الله إبراهيم بالمشيب.
قال أبو محمد: ووجدت في التوراة أنه ولد لتارخ أبي إبراهيم: إبراهيم وناحور وهارون، فولد لهرون لوط وسارة وملكي، ومات هرون في حياة أبيه تارخ في أرضه التي ولد فيها فنكح إبراهيم سارة ابنة هارون ونكح ابنة هارون ملكي، وكانت سارة عاقراً لم تلد، فساق تارخ في أرض حران، قال وهب أن أول من نبى حران أخوان لإبراهيم يقال لهما هاران وبه سميت حران وناهر وهو أبو رفقا امرأة إسحاق.
قال وهب: بين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، والذي حاج إبراهيم في ربه هو نمروذ بن كنعان وهو أول من تجبر وقهر وغصب وسن سنن السوء، وأول من لبس التاج ووضع أمر النجوم ونظر فيه وعمل به، وأهلكه الله ببعوضة دخلت في خياشيمه فعذب بها أربعين سنة ثم مات.
قال وهب: ملك الأرض مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود وذو القرنين عليهما السلام، وأما الكافران: فنمروذ وبختنصر. وسيملكها في هذه الأمة خامس، ولما نجى الله عز وجل إبراهيم من النار خرج من أرض بابل إلى الأرض المقدسة وسارة وابن أخيه لوط، وكان آمن له في رهطه معه من قومه واتبعوه حتى وردوا حران فأقاموا بها زماناً ثم خرجوا إلى الأردن، فدفعوا إلى مدينة فيها جبار من الجبابرة من القبط يقال له صادوف، وهو الذي عرض له في سارة حتى منعها الله عز وجل منه، ومتع سارة بهاجر أم إسماعيل وكانت قبطية.
قال وهب: وخرج ذلك الجبار من تلك المدينة، فورثها الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأثرى بها وأنمى الله ماله فقاسم لوطاً عليه السلام فأعطاه نصفها وأنزل الله على إبراهيم عشرين صحيفة.
قال أبو محمد: وفي التوراة: إن سارة زوجت إبراهيم هاجر، وقالت: إن الله عز وجل قد حرمني الولد فأدخل بأمتي لعلنا نتعزى منها.
وقال وهب: وهبتها له.
وفي التوراة أن هاجر ولدت إسماعيل وإبراهيم ابن ست وثمانين سنة، وولدت سارة إسحاق وإبراهيم ابن مائة سنة، وأن إبراهيم اختتن وهو ابن تسع وتسعين سنة، وختن إسماعيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وختن معه من أولاد الغرباء، وأن سارة عاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة ثم ماتت في حبرون قرية الجبابرة في أرض كنعان.
قال وهب: وتزوج إبراهيم امرأة من الكنعانيين يقال لها قطوراً، فولدت له أربعة نفر، وتزوج أخرى يقال لها حجوراً فولدت له سبعة نفر، فكان جميع ولد إبراهيم ثلاثة عشر رجلاً، وعاش إبراهيم مائة وخمساً وسبعين سنة.
قال وهب: عاش مائتي سنة وقبر في مزرعة حبرون وكان اشتراها وفيها قبر سارة.
قصة إسماعيل
صلى الله عليه وسلم
وأمر الله إبراهيم بالمسير إلى مكة بإسماعيل وأمه، وأعلمه أنه قد بوأه البيت الحرام، وأنه يقضي على يديه عمارته، وينبط لإسماعيل سقايته، فسار به وبأمه وتركهما هناك، وجاءت رفقة من جرهم فنزلوا شعاب مكة وأعطوا إسماعيل سبع أعنز فكانت أصل ماله، فنشأ إسماعيل مع أولادهم وتعلم الرمي ونطق بلسانهم ثم خطب إليهم فزوجوه امرأة منهم.
قال ابن إسحاق: هي بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، فولد لإسماعيل اثنا عشر عظيماً قيدار ونبت. والنساب يختلفون في نسب معد بن عدنان فبعضهم يقول: هو من ولد قيدار، وبعضهم يقول هو من ولد نبت. وكانت نبت بكر إسماعيل وهو ولي البيت بعده، ثم وليه نبت بعد مضاض بن عمرو والجرهمي، جد نبت لأمه، فلما كثر ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم ضاقت عليهم مكة فانتشروا في البلاد، فكانوا لا يدخلون بلداً إلا أظهرهم الله على أهلها، وهم نفوا العماليق. وعاش إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين سنة ودفن في الحجر وفيه دفنت أمه هاجر.
قصة إسحاق بن إبراهيم
صلى الله عليهم وسلم
قال: وإسحاق هو الذبيح على ذلك أكثر أهل العلم ووجدته في التوراة الذبيح.
قال: حدثني محمد بن خالد، قال: حدثنا مسلم بن قتيبة، قال: حدثنا مبارك، قال: حدثنا الحسن بن الأحنف عن العباس بن عبد المطلب، قال: الذبيح إسحاق. قال: حدثنا أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله، قال: الذبيح إسحاق. قال: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن يزيد بن عطاء عن سماك بن حرب عن محمد ابن المنتشر عن مسروق، قال: الذبيح إسحاق.
وروى عمرو بن حماد عن السباط عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة إبراهيم بطولها وتمامها: إن الذبيح إسحاق.
وروى عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري وعن عمرو بن أبي سفيان، قال: سمعت كعباً يحدث أبا هريرة، قال: إن الذبيح إسحاق، وقال: ويقول قوم: إن الذبيح إسماعيل. قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثني يحيى بن اليمان عن إسرائيل عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر، قال: الذبيح إسماعيل. قال: حدثني محمد بن عبيد، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم عن الحجاج عن الفرزدق الشاعر، قال: سمعت أبا هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذبيح إسماعيل.
قال أبو محمد: وفي التوراة مكتوب أن إسحاق تزوج رفقا بنت ناحور بن تارخ وهي بنت عمه.
قال وهب: هي رفقا بنت ناهر بن آزر بنت عمه فولدت له عيصو ويعقوف توأمين في بطن واحد، خرج عيصو ثم خرج بعد يعقوف ويده عالقة بعقبه فسمي يعقوب. وعاش إسحاق مائة وثمانين سنة، ولما مات قبره ابناه في المزرعة التي اشتراها إبراهيم عند قبر إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
???قصة عيصو بن إسحاق
قال: وكان عيصو بن إسحاق أحمر أشعر الجلد كأن عليه خواتيم من شعر، صاحب صيد، وهو أبو الروم، وكان الروم رجلاً أصفر في بياض شديد الصفرة، ومن أجل ذلك سميت الروم بني الأصفر. وتزوج عيصو بنت عمه إسماعيل بن إبراهيم فولدت له الروم بن عيصو وخمسة آخرين، فكل من بأرض الروم اليوم فهم من نسل هؤلاء الرهط، وبعض الناس يزعمون أن الا....ن من ولده. وعمر عيصو مائة وسبعاً وأربعين سنة وكذلك عمر يعقوب ودفنا في المزرعة عند قبر إبراهيم عليهم السلام.
قصة يعقوب بن إسحاق
بن إبراهيم عليه السلام
قال: ويعقوب هو إسرائيل الذي ولد الأسباط كلهم وكان رجلاً أزعر نحيفاً رزيناً لا يكاد يبرح القبة، وكذلك قيل في التوراة: وكان إسحاق أمره أن لا ينكح امرأة من الكنعانين وأن ينكح امرأة من بنات خاله لابان ابن ناهر بن آزر، وكان مسكنه الفدان، فتوجه إليه يعقوب فأدركه الليل في بعض الطريق فبات متوسداً حجراً فرأى فيما يرى النائم أن سلماً منصوباً إلى باب من أبواب السماء عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه، وأوحى الله عز وجل إليه: إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك، وقد ورثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم، وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوة، ثم أنا معك وأحفظك حتى أردك إلى هذا المكان وأجعله بيتاً تعبدني فيه وذريتك فهو بيت المقدس.
فصار إلى خاله فخطب إليه ابنته راحيل وكانت له ابنتان لايا وهي الكبرى وراحيل وهي الصغرى. فقال: ألك مال أزوجك عليه? قال يعقوب: لا، إلا أني أخدمك أجيراً حتى تستوفي صداق ابنتك. قال: صداقها أن تخدمني سبع حجج.
قال يعقوب: تزوجني راحيل وهو شرطي ولها أخدمك. قال له خاله ذلك بيني وبينك. فرعى له يعقوب سبع سنين، فلما وفاه شرطه دفع إليه ابنته الكبرى لايا وأدخلها عليه ليلاً، فلما أصبح وجد غير ما شرط فجاءه وهو في نادي قومه، فقال غررتني وخدعتني واستحللت عملي سبع سنين ودلست علي غير امرأتي. فقال له خاله: يا بن أختي أردت أن تدخل على خالك العار والسبة وهو خالك ووالدك، ومتى رأيت الناس يزوجون الصغرى قبل الكبرى! فهلم فاخدمني سبع حجج أخرى وأزوجك أختها.
وكان الناس يجمعون بين الأختين - إلى أن بعث الله موسى وأنزل عليه التوراة - فرعى له سبع سنين فدفع إليه راحيل، فولدت له لايا أربعة من الأسباط روبيل ويهوذا وسمعان ولاوى، وولدت له راحيل يوسف وأخاه بنيامين وأخوات لهما، وكان لابان دفع إلى ابنتيه حين جهزهما إلى يعقوب أمتين فوهبتا الأمتين ليعقوب، فولدت كل واحدة منهما ثلاثة رهط من الأسباط، ثم فارق يعقوب خاله وعاد حتى نازل أخاه عيصو وعاش يعقوب في أرض مصر سبع عشرة سنة وكان عمره مائة وسبعاً وأربعين سنة، ودفن عند قبر إبراهيم عليهما السلام.
يوسف بن يعقوب
عليهما السلام: وكان بين دخول يوسف مصر إلى أن دخلها موسى بن عمران أربعمائة عام وعاش يوسف عليه السلام بعد موت أبيه ثلاثاً وعشرين سنة.
وفي التوراة: إنه عاش مائة وعشر سنين، وولد ليوسف ابنان أفرائم وهو جد يوشع بن نون بن أفرائم والآخر منشا فولد منشا ابناً يقال له موسى، فنبئ قبل موسى بن عمران، ويزعم أهل التوراة أنه هو الذي طلب للخضر شعيباً وبلعم والخضر عليهم السلام. ذكر وهب أن شعيباً وبلعم كانا من ولد رهط، آمنوا لإبراهيم صلى الله عليه وسلم يوم أحرق وهاجروا معه إلى الشام فزوجهم بنات لوط فكل نبي كان قبل بني إسرائيل، وبعد إبراهيم من أولئك الرهط، وجدة شعيب هي بنت لوط.
قال وهب: ولم تكن مدين قبيلة شعيب، ولكنها أمة أمة بعث إليهم، ولما أصاب قوم شعيب ما أصابهم لحق شعيب والذين آمنوا معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا.
قال: واسم الخضر بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد ابن سام بن نوح وكان أبوه ملكاً.
قصة أيوب
عليه السلام
قال وهب: هو أيوب بن صوص بن رعويل وكان أبوه ممن آمن لإبراهيم يوم أحرق، وكان أيوب في زمن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وكان صهره وكانت تحته بنت ليعقوب يقال لها اليا وهي التي ضربها بالضغث، وكانت أم أيوب بنت لوط صلى الله عليه وسلم وكانت لها البتنية وهي مدينة بالشام.
قصة موسى وهارون
عليهما السلام
قال وهب: هو عيسى بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم، ولم يكن بين آل يعقوب وأيوب نبي حتى كان موسى، وكان موسى عليه السلام جعداً آدم طوالا كأنه من رجال شنوءة، وكان هارون عليه السلام أطول من موسى وأكثر لحماً وأبيض جسماً وأغلظ ألواحاً وأسن من موسى بثلاث سنين، وكانت في جبهة هارون عليه السلام شامة وفي أرنبة أنف موسى شامة وعلى طرف لسانه شامة، ولا يعرف أحد قبله ولا بعده كانت على طرف لسانه شامة وهي العقدة التي ذكرها الله عز وجل، وكانت أختهما مريم أسنّ منهما، وكانت تحب كالب بن يوفنا بن فارض بن يهوذا بن يعقوب، واسم أم موسى أبا حثة.
وفي التوراة: اسمها يوخابث بنت لاوى بن يعقوب. قال: وفرعون موسى هو فرعون يوسف، عمره أكثر من أربعمائة سنة واسمه الوليد بن مصعب، وغيره ينكر هذا ويزعم أن ذلك غيره، واسم امرأة فرعون آسية بنت مزاحم، وقارون هو ابن صاقر بن قاهث بن لاوى ابن عم موسى بن عمران عليه السلام، والسامري هو موسى بن ظفر ويقال إنه من أهل باجرمى، وكان من بني إسرائيل من بني عم موسى. قال: وقبض هارون وهو ابن مائة وسبع عشرة سنة وعمر موسى من بعده ثلاث سنين ومات وهو في سنة يوم مات، وخلفه يوشع بن نون، وهو يوشع بن نون بن أفرائم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام.
أشماويل بن هلقانا
عليه السلام
وهو إسماعيل بالعربية، واسم أمه حنة، وهو من بني إسرائيل ولم يكن بينه وبين يوشع بن نون نبي، وهو الذي ذكره الله جل ذكره في القرآن حين قال: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً" البقرة: 247
قصة طالوت
عليه السلام
قال وهب: هو من سبط بنيامين بن يعقوب، وكان مسكيناً راعي حمير، وخرج من قريته يطلب حمارين له فنزل بأشماويل فأعلمهم أنه ملكهم وأنه من سبط بنيامين، فقالوا: قد علمت أنه لم يكن من هذا السبط ملك ولا فيه نبوة، فقال لهم أشماويل: أعلم أنتم لذلك أم الله? ألم تعلموا أن الله عز وجل حين بعثه عليكم قد عرف نسبه.
قصة داود وسليمان وولده
صلى الله على داود وسليمان
قال وهب: ثم استخلف الله عز وجل بعد أشماويل داود بن إيشا وكان سابع سبعة إخوة له وهو أصغرهم، وكان يرعى على أبيه وكان فيه قصر وزرق وقرع في ناحية من رأسه، وكان تزوج بنت طالوت، وكان شرط ذلك على طالوت إن قتل جالوت، فولدت له أبشالوم وهو بكره وهو الذي خرج على أبيه وأراد نزعه من الملك، ثم تزوج امرأة أوريا بعد أن قتل، فولدت له سليمان بن داود، ولم يزل الملك والنبوة بعد سليمان في ولده وأولادهم إلى الأعرج من ولد ولده وكان عرجه من عرق النساء فطمعت الملوك في بيت المقدس لزمانته وضعفه وأنه لم يكن نبياً فسار إليه ملك الجزيرة وكان يقال له لنقر ويسكن برية الثرثار وهي برية سنجار في مدينة يقال لها الحضر مبنية بالحجارة، وكان لنقر يعبد الزهرة فنذر لئن ظفرت ببيت المقدس ليذبحن ابنه للزهرة، وكان بختنصر يومئذ كاتبه، فأرسل الله عز وجل ريحاً فأهلكت جيشه وأفلت هو وكاتبه حتى ورد الحضر فقتله ابنه وغضب له بختنصر فاغتره حتى قتله وملك بعده، فكان ذلك أول ملك بختنصر. وسار إليهم ملك الهند فأهلكه الله وانقرض ولد سليمان ونظراؤهم، وسار سنجاريب ملك الموصل وكان يسكن نيبوى وملك آذربيجان إليهم وكان اسمه سلما عاشر وهو بالعربية سليمان الأعشر فاختلفا ووقع الحرب بينهما حتى تفاؤوا، وغنم بنو إسرائيل ما كان معهما، وسار إليهم ملك الروم ومعه الأسبان والصقالب وملك الأندلس، وتشاجروا أيضاً واقتتلوا فأهلك الله بعضهم ببعض ثم أحدثوا وغيروا فرغب بعضهم عن بيت المقدس وضارعه بمسجد ضرار فزلزل بهم ذلك المسجد وشدخوا بخشبة، ثم غزاهم بعد ذلك بختنصر فرغبوا إلى الله عز وجل وتابوا، فرده الله عنهم بعد أن فتحوا المدينة وجالوا في أسواقها، فهذه المرة الأولى التي ذكرها الله عز وجل فقال: "فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً، ثم رددنا لكم الكرة عليهم" الإسراء:5،6 ثم أحدثوا بعد ذلك أيضاً، فبعث الله أرمياء النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرهم بغضب الله عليهم فقام فيهم بوحي الله فضربوه وقيدوه وسجنوه فابتعث الله عليهم عند ذلك بختنصر وهي الكرة الآخرة التي ذكرها الله عز وجل فقال: "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً" الإسراء:7 فقتل منهم وصلب وأحرق وجدع وباع ذراريهم ونساءهم ومثل بهم كل مثلة، وسارت طائفة منهم إلى مصر ولجأوا إلى ملكها، فسار بختنصر إلى ملك مصر فاقتتلوا فظفر به بختنصر فأسره وأسر بني إسرائيل وقتل جنوده، ولحق بأرض بابل وأقام أرميا بأرض مصر واتخذ جنينة يزرع فيها بقلاً يعيش منه، فأوحى الله عز وجل إليه أن لك هماً وشغلاً من الزرع والمقام بأرض الكفر، وكيف تسعك أرض أو تحملك مع ما تعلم من سخطي على بني إسرائيل، فليحزنك هذا القضاء الذي قضيته على ايليا وأهلها وأنه ليس زمن العمران ولكنه زمن الخراب فاعمد إلى جنينتك هذه فاهدم جدرها وانتف بقلها وغوّر نهرها والحق بايليا فلتكن بلادك حتى يبلغ كتابي أجله. فخرج أرميا مذعوراً خائفاً وذلك في زمن الثمار فركب أتاناً له وتزود سلة فيها عنب وتين واتخذ سقاء جديداً فملأه ماء، وفتل حبلاً جديداً فرسن به أتانه، ثم انطلق حتى إذا رفع له شخص بيت المقدس رأى خراباً عظيماً لا يوصف فقال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام. ثم ابتعث ملكاً من ملوك فارس يقال له كورش فعمرها وأحياه الله وقيل له انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه.
?عزير ودانيال عليهما السلام: قال: وكان في الأسارى الذين في يد بختنصر دانيال وعزير، فأما دانيال فهو الذي عبر رؤياه فنزل منه بأفضل المنازل وكان قبره بناحية السوس ووجده أبو موسى الأشعري فأخرجه وكفنه وصلى عليه ثم قبره.
وأما عزير فأقام لبني إسرائيل التوراة بعد أن أحرقت يعرفونها حين عاد إلى الشام فقالت طائفة من اليهود هو ابن الله وهو الذي أكثر المناجاة في القدر فمحا الله اسمه من الأنبياء فلا يذكر فيهم وهو رسول.
?شعيا النبي عليه السلام:
قال: ومكثت بنو إسرائيل يطيعون الله زماناً وابتعث الله شعيا بن أموص نبياً، ثم كثرت فيهم الأحداث والبدع، فابتعث الله سنجاريب ملك بابل، فأقبل إليهم حتى نزل بساحتهم فتابوا إلى الله وأنابوا فقبل الله عز وجل منهم، وسلط على عدوهم الطاعون، فأصبحوا موتى وغنمهم عسكرهم بجميع ما فيه ولم يفلت منهم إلا سنجاريب ملكهم وخمسة نفر معه. ثم أحدثوا بعد ذلك أحداثاً ونبذوا كتاب الله وتنافسوا الملك فأمر الله عز وجل شعيا أن يقوم فيهم مقاماً بوحيه، فلما فعله قتلوه، فسلط الله عز وجل عليه عدوهم فشرد بهم وأفناهم، فضربت عليهم الذلة والمسكنة ونزع منهم الملك والنبوة، فليسوا في أمة من الأمم إلا وعليهم ذل وصغار إلى يوم القيامة. وشعيا هو الذي بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم ووصفه وبشر بعيسى عليه السلام.
قصة حزقيل
النبي عليه السلام:
هو حزقيل بن بوذى وهو الذي أصاب قومه الطاعون فخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فأماتهم الله ثم أحياهم.
قصة إلياس
عليه السلام
وهو من سبط يوشع بن نون بعثه الله في أهل بعلبك وكانوا يعبدون صنماً يقال له بعل وملكهم اسمه أحب وامرأته إزبيل وكان يستخلفها على ملكه إذ غاب فتحكم بين الناس، وكانت قتالة الأنبياء قد قتلت منهم بشراً، وهي بنت ملك صيدا وعمرت عمراً طويلاً وتزوجها سبعة من ملوك بني إسرائيل وما ملك إلا وتقتله، وهي التي قتلت يحيى بن زكريا. وقال الله عز وجل لإلياس سلني أعطك! فقال: ترفعني إليك وتؤخر عني مذاقة الموت، فرفعه الله إليه بعد أن كساه الريش وجعله أرضياً سمائياً ملكياً يطير مع الملائكة صلى الله عليهم.
قصة اليسع
عليه السلام
وكان اليسع تلميذ إلياس فدعا له إلياس فنبأه الله عز وجل بعده وأيده بمثل روح إلياس وبعث الله تبارك وتعالى من بعد إلياس يونس بن متى عليه السلام إلى أهل نينوى.
قصة زكريا
عليه السلام
قال وهو زكريا بن أزم وكان زكريا بن أزن وعمران بن ماتان بن يعاقيم من ولد داود النبي عليه السلام من سبط يهوذا بن يعقوب، وكانا في زمان واحد، فتزوج زكريا إيساع ابنة عمران،اختا لمريم ابنة عمران واسم أم مريم حنة وكان يحيى وعيسى ابني خالة. وكان زكريا نجاراً، وأشاعت اليهود أنه ركب من مريم الفاحشة وقتلوه في جرف شجرة قطعوها وقطعوه معها.
قصة عيسى
عليه السلام
قال: فأما يحيى فإن أحب قتله بحيلة امرأته أزبيل في قتله، وأما عيسى فإن أمه لما ولدته هربت به من أحب صاحب ازبيل إلى مصر، وحمله وأمه إلى هناك يوسف النجار، وكان يوسف النجار هذا خطب مريم وتزوجها فيما يذكر في الإنجيل فلما صارت إليه وجدها حبلى قبل أن يباشرها وكان رجلاً صالحاً فكره أن يفشي عليها وائتمر أن يسرحها خفية فتراءى له ملك في النوم فقال يا يوسف بن داود إن امرأتك مريم سوف تلد ابناً يسمى عيسى وهو ينجي أمته من خطاياهم، وفي الإنجيل إن الملك الذي خافته مريم على عيسى هرادس وكان عيسى ولد في بيت لحم يهوذا وهو بيت بالشام، فلما مات هرادس رأى يوسف في النوم أن يذهب به وبأمه إلى أرض الخليل وهو موضع بالشام، فانطلق فسكن في قرية تدعى ناصرة فلذلك قيل نصارى.
قصة أصحاب الكهف
قال وهم فتية من الروم دخلوا الكهف قبل المسيح فضرب الله على آذانهم فيه، فلما بعث المسيح عليه السلام أخبر بخبرهم. ثم بعثهم الله بعد المسيح في الفترة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
قصة ذي القرنين
ولم يكن نبياً
قال وهو رجل من الإسكندرية اسمه اسكندروس ودخوله في الظلمة غير صحيح. كذا قال ابن كثير وكان حلم حلماً فرأى أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فقص رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين وكان في الفترة بعد عيسى عليه السلام.
قصة جرجيس
عليه السلام
قال وجرجيس من أهل فلسطين وكان قد أدرك بعض الحواريين فبعث إلى ملك الموصل وهو بعد المسيح.
قصة لقمان
ولم يكن نبياً قال: وكان لقمان عبداً حبشياً لرجل من بني إسرائيل فأعتقه وأعطاه مالاً فكان في زمن داود النبي عليه السلام واسم ابنه ثاران ولم يكن نبياً في قول أكثر الناس وروى يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان لقمان النبي خياطاً.
قال وهب: قرأت في حكمته نحواً من عشرة آلاف باب ولم يسمع الناس كلاماً أحسن منه: ثم نظرت فرأيت الناس قد أدخلوه في كلامهم واستعانوا به في خطبهم ورسائلهم ووصلوا به بلاغاتهم.
قصة ذي الكفل
عليه السلام
قال: وأما ذو الكفل فلم أجد له فيما نقله وهب ذكراً. وقال غيره هو من بني إسرائيل بعث إلى ملك كان فيهم يقال له كنعان، فدعاه إلى الإيمان وكفل له الجنة. وكتب له كتاباً ذكر حق على الله فآمن ذلك الملك فسمي ذا الكفل بالكفالة.
عدد الأنبياء والرسل
منهم صلى الله عليهم
قال: وذكر وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول المرسلين آدم وآخرهم محمد صلى الله عليهما، وكانت الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي، الرسل منهم ثلاثمائة نبي وخمسة عشر نبياً، منهم سريانيون خمسة وهم آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم صلى الله عليهم، وخمسة من العرب هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد صلوات الله عليهم، وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى صلى الله عليهما.
الكتب
قال: والكتب التي أنزلت على الأنبياء مائة كتاب وأربعة، كتب على شيث خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم عشرون صحيفة وعلى موسى التوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم الفرقان.
التاريخ
قال: وعاش آدم صلى الله عليه وسلم ألف سنة، وفي التوراة ألف سنة إلا سبعين سنة، وكان بين آدم والطوفان ألفا سنة واثنتان وأربعون سنة، وبين الطوفان وبين موت نوح ثلاثمائة وخمسون سنة، وبين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، وبين إبراهيم وموسى سبعمائة عام، وبين موسى وداود خمسمائة عام، وبين داود وعيسى ألف ومائتا عام، وبين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة عام، وعشرون عاماً، فهذا تاريخ على رواية وهب ابن منبه، قال: وكان بين نوح وآدم عشرة آباء. وقال عكرمة: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام.
قال أبو محمد: وقرأت في الإنجيل أن عدد القرون من إبراهيم إلى داود أربعة عشر قرناً، ومن داود إلى جالية بابل أربعة عشر قرناً، ومن جالية بابل إلى المسيح أربعة عشر قرناً.
قال أبو محمد: ووجدت في كتب سير العجم أن بين الأسكندروس وبين أردشير مدة ملوك الطائف وهي أربعمائة وخمس وستون سنة، ثم ملك أردشير ومن بعده من ملوكهم إلى يزدجرد المقتول في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت مدتهم أربعمائة سنة ونيفاً وثلاثين سنة، وكان بين الأسكندروس وبين نبينا صلى الله عليه وسلم نحو من تسعمائة سنة والأسكندروس بعد المسيح فيما ذكر وهب وفي هذا مخالفة لقوله أن بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما ستمائة سنة وعشرين عاماً، وغيره يذكر أن الإسكندر قبل المسيح، والخبر في الإنجيل عن جالية بابل أنها كانت بعد داود بأربعة عشر قرناً وقبل المسيح بأربعة عشر قرناً، والنساب يذكرون أنها كانت قبل إبراهيم وفي هذا من الاختلاف والتفاوت ما قد ترى والله أعلم.
من كان على دين قبل مبعث النبي
صلى الله عليه وسلم
أرباب بن رئاب
هو من عبد القيس من شن وكان على دين عيسى وسمعوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي خير أهل الأرض ثلاثة رئاب الشنى وبحيرا الراهب وآخر لم يأتِ بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يموت أحد من ولد أو باب فيدفن إلا رأوا طشاً على قبره.
العزىّ
ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزىّ
هو ابن عم خديجة رضي الله عنهما، وكان رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين فتنصر وذكرت له خديجة شيئاً من أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى.
زيد بن عمرو بن نفيل
هو أبو سعيد بن زيد أحد العشرة المسمين للجنة، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وكان رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين فأولع به عمر بن الخطاب وسلط عليه سفهاء مكة فآذوه فقتله النصارى بالشام وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه يبعث أمة وحده وهو القائل شعراً:
أسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذباً زلالا
وله يقول ورقة بن نوفل شعراً:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنوراً من النار حاميا
أمية بن أبي الصلت
قال: وكان أمية قد قرأ الكتب ورغب عن عبادة الأوثان، وكان يخبر بأن نبياً يبعث قد أظل زمانه، فلما سمع بخروج النبي صلى الله عليه وسلم كفر حسداً له، ولما أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره قال: آمن لسانه وكفر قلبه.
أسعد أبو كرب الحميري
قال: وكان أسعد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة وقال:
شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم
فلو مد عمري إلى عصره * لكنت وزيراً له وابن عم
وألزم طاعته كل من * على الأرض من عرب أو عجم
وهو أول من كسا البيت الأنطاع والبرد.
قس بن ساعدة الأيادي
قال: وقس هو حكيم العرب وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رآه يخطب بعكاظ على جمل أحمر، واقتص أبو بكر قصته وأنشد شعره.
أبو قيس صرمة بن أبي أنس
قال: وهو من بني النجار، وكان ترهب ولبس المسوح وفارق الأوثان وهمّ بالنصرانية ثم أمسك عنها، ودخل بيتاً له فاتخذه مسجداً لا يدخله طامث ولا جنب، وقال: أعبد رب إبراهيم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم وحسن إسلامه وهو القائل في رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة * بمكة لا يلقى صديقاً مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه * فلم يرَ من يوفي ولم يرَ داعيا
فلما أتانا أظهر الله دينه * وأصبح مسروراً بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى من الناس واحداً * بعيداً ولا يخشى من الناس دانيا
بذلنا له الأموال في كل ملكنا * وأنفسنا عند الوغى والتأسيا
ونعلم أن الله لا ربّ غيره * وأن رسول الله للحق رائيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم * جميعاً وإن كان الحبيب المصافيا
وهو القائل في الجاهلية:
سبحوا الله شرق كل صباح * طلعت شمسه وكل هلال
يا بني الأرحام لا تقطعوها * وصلوها قصيرة من طوال
يا بني النجوم لا تظلموها * إن ظلم النجوم داء عضال
خالد بن سنان بن غيث
هو من بني عبس بن يغيض، وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذلك نبي أضاعه قومه ولما حضرته الوفاة قال لقومه إذا دفنت فإنه سيجيء عانة من حمير يقدمها عير أقمر فيضرب قبري بحافره فإذا رأيتم ذلك فانبشوا عني فإني سأخرج فأخبركم بجميع ما هو كائن بعد الموت وأحوال البرزخ والقبر. فلما مات رأوا ما قال وأرادوا أن يخرجوه فكره ذلك بعضهم، وقالوا نخاف أن نسب بأنّا نبشنا عن ميت لنا، وأتت ابنته رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ: قل هو الله أحد، فقالت كان أبي يقول ذا.
أنساب العرب
نسب عدنان
اختلف الناس في نسب عدنان فقال بعضهم هو عدنان بن أدد بن بحثوم بن مقوم بن ناحور بن تارخ بن يعرب بن يشجب بن نابت ابن إسماعيل بن إبراهيم.
وقال بعضهم: هو عدنان بن أدد بن أشجب بن أيوب بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم.
وقال بعضهم: ابن ميدع بن متيع بن أدد بن كعب بن يشجب بن يعرب ابن الهميسع بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم فولد عدنان عك بن عدنان ومعد بن عدنان وولد معد بن عدنان ثمانية يذكر منهم أربعة تعرف أعقابهم قضاعة بن معد وقنص بن معد وأياد بن معد ونزار بن معد.
فأما قضاعة فصارت إلى حمير وهي تعد من اليمن.
وأما قنص فيزعم قوم أن آل المنذر ملك الحيرة منهم.
وأما أياد فينسبون إلى القبيل الأكبر، ليست لهم قبائل مشهورة، ويذكر قوم أن ثقيفاً منهم ويذكر قوم أن ثقيفاً من قيس عيلان.
وأما نزار فولدت مضر وربيعة وأنمار، فأما أنمار فولد خثعم وبجيلة وصاروا باليمن.
وأما مضر وربيعة فإليهما ينسب ولد نزار وهم الصريح من ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم فولد مضر بن نزار إلياس بن مضر.
وأما إلياس بن مضر فيقال لولده خندف لأن امرأة إلياس كان يقال لها خندف،فنسب ولد إلياس إليها وهي أمهم وولده مدركة بن إلياس وطانجة بن إلياس وقمعة بن إلياس، فأما قمعة فيذكر بعض النساب أن خزاعة من ولده، ويزعم قوم أنهم من اليمن من ولد عمر بن عامر ورجعت خندف كلها إلى مدركة وطانجة، وأما قمعة بن إلياس بن مضر فهو قيس عيلان فمضر كلها ترجع إلى هذين الحيين خندف وقيس.
مدركة بن إلياس:فأما بنو مدركة بن إلياس فهم هذيل وأسد وكنانة وقريش، فأما هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر وولده ثلاثة: سعد ولحيان وعمير. والعدد في سعد بن هذيل تميم بن سعد وحريث بن سعد ومنعة بن سعد وخزاعة بن سعد وجهامة بن سعد وغنم بن سعد والعدد في تميم فولد تميم معاوية بن تميم والحارث بن تميم والعدد في معاوية وأما الحارث فهو رهط عبد الله بن مسعود مضت هذيل.
وأما أسد: فهو أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وله أخوان: كنانة بن خزيمة بن مدركة، والهون بن خزيمة بن مدركة، فولد أسد ودودان بن أسد وكاهل بن أسد وعمرو بن أسد وحملة بن أسد فهؤلاء بنو أسد بن خزيمة ومنهم تفرقت أسد كلها، ومن بطونهم المشهورة بنو فقعس وبنو الصيد أو بنو نصر بن قعين وبنو الزنية وبنو غاضرة وبنو نعامة وولد الهون بن خزيمة ابن مدركة القارة بن الهون فمن القارة عضل والديش وهما قبيلا الهون بن خزيمة، والقارة قوم رماة ولذلك قيل فيه: قد أنصف القارة من رماها
وأما كنانة: فهو كنانة بن خزيمة وكان خلف على امرأة أبيه بعده وهي برة بنت مر أخت تميم ابن مر فولد كنانة النضر وأمه برة ومالك بن كنانة وملكان وعبد مناة وهو علي، وربما قالوا مسعود، فإما بنو ملكان فلهم بقية وليس فيهم شرف بارع.
وأما بنو مالك فمن قبائلهم بنو فقيم وبنو فراس، فأما بنو فقيم فهم نسأة الشهور، وأما بنو فراس فمنهم القعقاع بن حكيم الذين يكونون بالبصرة ومنهم بنو يجر الأطباء بالكوفة.
وأما عبد مناة فمنهم بنو مدلج القافة ومنهم بنو جذيمة الذين قتلهم خالد ابن الوليد بالغميصاء فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم بنو ليث رهط عبيد بن عمير الليثي وعبد الله بن شداد ومنهم الدئل رهط أبي الأسود الدئلي.
قال أبو محمد: ليس في كلام العرب اسم على فعل الدئل إنما هذه بنية الأفعال مثل شتم وضرب وأنشدني أبو حاتم، قال: أنشدني الأخفش:
جاءوا بجيش لو قيس معرسه * ما كان إلا كمعرس الدئل
قال والدئل دابة تشبه ابن عرس، ومنهم بنو ضمرة رهط عمرو بن أمية الضمري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ضمرة غفار رهط أبي ذر ومنهم بنو عريج وهم قليل، وأبو نوفل بن أبي عقرب العريجي منهم.
قريش: وأما النضر ابن كنانة فهو أبو قريش وولده مالك والصلت فأما الصلت فصاروا في اليمن، ويقول قوم إنه أبو خزاعة ورجعت قريش إلى مالك بن النضر فهو أبوها كلها، وولد مالك بن النضر فهراً والحرث أمهما جرهمية.
فأما الحرث بن مالك فهو من المطيبين منهم أبو عبيدة بن الجراح ويقال إن الخلج منهم ويقال كانوا من عدوان فألحقهم عمر بن الخطاب بالحارث وسموا خلجاً لأنهم اختلجوا من عدوان وهم بالمدينة كثير.
وأما فهر بن مالك فمنه تفرقت قبائل قريش فقيل لهم بنو فهر وولده غالب بن فهر ومحارب بن فهر.
فأما محارب فمنهم ضرار بن الخطاب شاعر قريش في الجاهلية، ومنهم الضحاك بن قيس الفهري الذي قتله مروان يوم مرج راهط.
وأما غالب بن فهر فولده لؤي وتيم فأما تيم فهم بنو الأدرم من أعراب قريش ليس منهم بمكة أحد وفيهم يقول الشاعر:
إن بني الأدرم ليسوا من أحد * ليسوا إلى قيس وليسوا من أسد
ولا توفاهم قريش في العدد
وأما لؤي: فإليه ينتهي عدد قريش وشرفها وولده كعب بن لؤي وعامر بن لؤي وسامة بن لؤي وسعد بن لؤي وخزيمة بن لؤي والحارث بن لؤي وعوف بن لؤي.
فأما عامر فولده حسل ومعيص، فمن معيص ابن أم مكتوم وابن قيس الرقيات وأم خديجة ابنة خويلد، ومن حسل سهل وسهيل والسكران بنو عمرو.
وأما سامة بن لؤي فوقع بعمان وهلك بها فولده هناك.
وأما سعد بن لؤي فهو أبو بنانة رهط ثابت البناني وهي أمهم ونسب ولده إليها وكانت تحته.
وأما خزيمة بن لؤي فمنهم عائذة وهم في بني شيبان ومقاس العائذي الشاعر منهم.
وأما الحرث بن لؤي وأما عوف بن لؤي وأما كعب بن لؤي فولده مرة وهصيص وعدي.
فأما هصيص فمنهم بنو سهم وبنو جمع.
وأما عدي فمنهم عمر بن الخطاب وزيد بن عمرو بن نفيل.
وأما مرة فمنهم تيم بن مرة رهط أبي بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله وعبيد الله بن معمر وآل المكندر ومنهم مخزوم بن يقظة بن مرة ومن بني مخزوم أبو جهل بن هشام بن المغيرة وآل المغيرة وكان هشام بن المغيرة سيداً في قومه وفيه يقول الشاعر:
وأصبح بطن مكة مقشعراً * كأن الأرض ليس بها هشام
ومنهم كلاب بن مرة وولده زهرة بن كلاب وقصي بن كلاب وزهرة امرأة نسب ولدها إليها دون الأب وهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما قصي بن كلاب: فاسمه زيد وكان يسمى مجمعاً وذلك أنه جمع قبائل قريش من خزاعة وأنزلها بمكة وبنى دار الندوة وأخذ المفتاح من خزاعة. وولد قصي بن كلاب عبد مناف وعبد الدار وعبد العزّى وعبد.
فأما عبد فبادوا.
وأما عبد العزّى فمنهم خويلد بن أسد بن عبد العزّى جد الزبير بن العوام وهو أبو خديجة بنت خويلد وأبو حزام بن خويلد.
وأما عبد الدار فمنهم آل أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار فقتلوا جميعاً يوم أحد إلا عثمان بن طلحة، فإنه أسلم ودفع إليه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، وابنه شيبة بن عثمان وفي ولده المفتاح إلى يومنا هذا. وأما عبد مناف بن قصي فاسمه المغيرة وولده هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل وأبو عمرو. فأما أبو عمرو فلا عقب له. وأما نوفل فمنهم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل. وأما المطلب بن عبد مناف فولده عشرة منهم عبد الحارث وعباد ومخرمة وهشام.
نسب بني هشام
فأما هاشم بن عبد مناف فاسمه عمرو ومات بغزة من أرض الشام وخلف عبد المطلب وأسداً وغيرهما ممن لم يعقب.
فأما أسد فولد حنينا ولم يعقب وهو خال علي بن أبي طالب وفاطمة وهي أم علي بن أبي طالب وليس في الأرض هاشمي إلا من ولد عبد المطلب بن هاشم لأنه كان لهاشم ذكور لم يعقبوا.
وأما عبد المطلب فإنه سمّي عبد المطلب لأنه كان بالمدينة عند أخواله فقدم به المطلب بن عبد مناف عمه فدخل مكة وهو خلفه فقالوا هذا عبد المطلب فلزمه الاسم وغلب عليه واسمه عامر وبقي حتى كبر وعمي ومات بمكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن ثماني سنين وشهرين، وولد له عشرة بنين وست بنات قد ذكرتهم عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
نسب بني أمية
وأما عبد شمس بن عبد مناف فولد أمية الأكبر وحبيبا وعبد العزى وسفيان وربيعة وثلاثة أولاد يسمون العبلات لأن أمهم عبلة وهم أمية الأصغر وعبد أمية مات وهو ابن ثماني سنين ونوفل.
فأما سفيان فلا عقب له.
وأما ربيعة فهو أبو عتبة وشيبة ابني ربيعة، وقال غيره أبو سفيان بن أمية لم يعقب وسفيان أعقب وهند أم معاوية بنت عتبة.
وأما عبد العزى فولده ربيع وربيعة جرو البطحاء.
وأما الربيع فهو ابن أبي العاص بن الربيع زوج زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عقب له من الذكور.
وأما أمية الأصغر فمنهم الثريا التي يشبب بها عمرو بن أبي ربيعة.
وأما حبيب بن عبد شمس فولده ربيعة وهو جد عامر بن كريز بن ربيعة وسمرة بن حبيب وكانت أمه سوداء تسمى زبيبة وأخوه لأمه أبو جمعة جد كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة الشاعر.
وأما أمية بن عبد شمس الأكبر فولده حرب وأبو حرب وسفيان وعمرو وأبو عمرو وهؤلاء العنابس شبهوا بالأسد. والعاص وأبو العاص والعيص وأبو العيص، وهؤلاء الأعياص.
فأما حرب بن أمية فهو أبو أبي سفيان بن حرب وأم جميل ابنة حرب حمالة الحطب.
وأما أبو العيص بن أمية فولده أسيد أبو عتاب بن أسيد وكان عتاب عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة.
وأما العاص بن أمية فولد أبا أحيحة واسمه سعيد.
وأما أبو العاص فمن فولده عفان بن أبي العاص أبو عثمان والحكم بن أبي العاص أبو مروان بن الحكم.
وأما أبو عمرو بن أمية فمن ولده أبو معيط أبو عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو ولم يعقب عمرو بن أمية وأبو سفيان بن أمية وأبو حرب بن أمية والعيص بن أمية هؤلاء ولد مدركة بن إلياس.
ثم ولد طابخة: فولد طابخة بن إلياس أد بن طابخة فولد أد مر بن أد وعبد مناة وضبة ومزينة وحميسا.
فأما عبد مناة بن أد فمنهم تيم بن عبد مناة وبطونها وعدي بن عبد مناة منهم ذو الرمة الشاعر، وعكل وبطونها وهؤلاء الثلاثة من الرباب وثور بن عبد مناة وهم رهط سفيان الثوري والربيع بن خثيم.
ضبة بن أد: وأما ضبة بن أد فولده سعد وسعيد وباسل.
فأما باسل فهو أبو الديلم وقتل سعيد ولا عقب له، وضبة كلها ترجع إلى سعد بن ضبة وهي جمرة من جمرات العرب، وهي من الرباب وولد سعد الذين تنسب إليهم ضبة بكر وثعلبة وصريم، ومن بطونهم نصر ومازن والسيل وذهل وعائذة وتيم اللات واسمه جارم وزبان وعوف وشييم ومن ذهل بجالة وتيم وصبيح وضبيعة وكعب، وهؤلاء بنو بجالة. ومن كعب ضرار بن عمرو وهو بيت ضبة وهو القائل: "من سره بنوه ساءته نفسه" وولد له ثلاثة عشر ذكراً. وبنو صباح وهم معروفون بالصيد وشقرة وهلال.
مزينة بن أد: وأما مزينة بن أد فهم مزينة مضر منهم النعمان بن مقرن ومعقل بن يسار وبكر بن عبد الله المزني وزهير الشاعر.
حميس بن أد: وأما حميس بن أد فهم قليل يكونون في البصرة في بني عبد الله بن دارم وبالكوفة في بني مجاشع.
مر بن أد: قال: وأما مر بن أد فولده ثعلبة بن مر وهم بنو ظاعنة نسبوا إلى أمهم، وبكر بن مر وهم الشعيراء وأرأشة بن مر ولحقوا باليمن فصاروا في جذام ويقال لهم جديس والغوث بن مر وصاروا باليمن ويقال لهم بنو صوفة وكانوا يفيضون بالناس قبل صفوان وتميم بن مر.
قصة تميم بن مر: وأما تميم بن مر فقبره بمران وولده زيد مناة بن تميم وعمرو بن تميم والحارث بن تميم أمهم العوراء بنت ضبة.
فأما الحرث بن تميم فمنهم شقرة.
وأما عمر بن تميم فولده العنبر بن عمرو والهجيم بن عمرو وأسيد بن عمرو رهط أبي حاضر الأسيدي، وأكثم بن صيفي وأبي هالة زوج خديجة والقليب بن عمرو والحارث بن عمر والحبط ويقال لولده الحبطات ومالك بن عمرو ومنهم المازني والحرماز وأبو عمرو بن العلاء من مازن.
وأما زيد مناة بن تميم فولد سعد بن زيد مناة وفيهم العدد، وعامر بن زيد مناة، وانتسب ولده إلى عامر بن مجاشع، والحارث بن زيد مناة وهم قليل، وامرؤ القيس بن زيد مناة منهم عدي بن زيد الشاعر وقبائلهم بنو عصية. ومالك بن زيد مناة ومنهم ربيعة الجوع رهط علقمة بن عبدة وعلقمة الخصي، ومنهم: البراجم وهم عمرو وقيس وكلفة وظليم وغالب بنو حنظلة بن مالك، ومنهم يربوع بن حنظلة، وكانت بنو كليب بن يربوع رهط جرير، ورياح بن يربوع رهط الأحوص الشاعر، وقعنب الرياحي وسحيم بن وثيل الرياحي، وثعلبة بن يربوع رهط عتيبة بن الحارث بن شهاب، وغدانة بن يربوع رهط وكيع بن أبي سود قاتل قتيبة بن مسلم الباهلي وحزام بن يربوع رهط سجاح التي تنبأت، ومنهم بنو دارم بن مالك بن حنظلة ومجاشع بن دارم ونهشل بن دارم ومنهم: بنو العدوية نسبوا إلى أمهم وهم زيد بن مالك بن حنظلة وصدي بن مالك بن حنظلة ويربوع بن مالك بن حنظلة، ومنهم بنو طهية نسبوا إلى أمهم وهم بنو سود بن مالك بن حنظلة وعوف بن مالك بن حنظلة وجشيش بن مالك بن حنظلة منهم أبو البلاد الطهوي.
وأما سعد بن زيد مناة بن تميم فهو الفزر وفيه المثل المضروب "كما تفرقت معزى الفزز" وولده كعب بن سعد وعمرو بن سعد والحارث بن سعد، وهم عوافة وعبشمس بن سعد واسمه مقروع، وجشم بن سعد ومالك بن سعد وعوف بن سعد وهبيرة بن سعد.
فأما كعب بن سعد ففيهم العدد منهم مقاعس وهو الحارث بن عمرو بن كعب، ومنهم بنو حمان بن كعب بن سعد، ومنهم بنو منقر بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب، ومنهم بنو مرة بن عبيد رهط الأحنف بن قيس، وعكراش بن ذؤيب، ومنهم ربيعة بن كعب وهو أبو المستوغر بن ربيعة، وعاش ثلاثمائة وعشرين سنة، ومن عوف بن كعب بهدلة رهط الزبرقان بن بدر وقريع رهط بني أنف الناقة وهو أبو الأضبط بن قريع المتنقل في القبائل، فلما لم يجدهم رجع إلى قومه، فقال: بكل واد بنو سعد. ومنهم آل عطارد رهط أبي رجاء العطاردي وآل صفوان بن شجنة الذين كانت فيهم الإفاضة بالناس من عرفة ومن عطارد بنو عوف. انقضى ولد طابخة بن إلياس بن مضر.
وأما قيس بن عيلان: وهو قمعة بن إلياس بن مضر، فولد سعد وعكرمة وأعصر وعمرو وخصفة، وبعض النساب يزعم أن عكرمة هو ابن خصفة، وأعصر هو ابن سعد.
نسب بني عمرو بن قيس عيلان
فأما عمرو بن قيس فولده فهم وعدوان فمن فهم تأبط شراً ولا أعرف أفخاذهم.
وأما عدوان فمن بطونهم: بنو خارجة وبنو وابش وبنو يشكر وبنو عوف والفرعا وبنو رهم وبنو رباح ومنهم الخلج، فيما يقال، ومن عدوان: عامر بن الظرب حاكم العرب، وأبو سارة الذي كان يفيض بالناس، وعدوان أنزلوا ثقيفاً الطائف وكانت كثيرة السادة فتفرقوا ببغي بعضهم على بعض.
نسب بني سعد بن قيس عيلان
وأما سعد بن قيس فولده غطفان وأمه تكمة بنت مر، وأخوه لأمه سليم بن منصور، وأعصر بن سعد فولد أعصر غنى بن أعصر ومعن بن أعصر وهو أبو باهلة، وباهلة امرأة من همدان، نسب بنو معن إليها، ومنبه بن أعصر وهم الطفاوة، فأما غنى، فمنهم: بنو ضبينة وبنو بهثة وبنو عبيد وهم خلفاء في بني كلاب.
وأما الطفاوة: فمنهم: بنو حسر وبنو سنان وكانوا في بني شيبان حلفاء، ومن الطفاوة الحبال وكانوا في الهجيم.
وأما معن بن أعصر: فولده قتيبة ووائل وأمهما من فزارة وأود وجأوة أمهما باهلة امرأة من همدان وفراص وأبو عليم.
وأما قتيبة بن معن: فمن ولده: غنم بن قتيبة، وولد غنم سهم بن غنم، منهم: بكر بن حبيب السهمي وعبد الله بن بكر السهمي، ومنهم أبو أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بني قتيبة صحب وهو ينزلون اليمامة، ومنهم عمرو بن عبد وأعبد وقعنب وسعد بن عبد وعامر بن عبد، ومن بني سعد بنو أصمع رهط الأصمعي.
وأما وائل بن معن: فمنهم بنو سلمة وبنو هلال بن عمرو وبنو زيد وبنو عامر بن عوف وبنو عصية، فمن بني هلال قتيبة بن مسلم الباهلي ومن بني عامر بن عوف سلمان بن ربيعة الباهلي، ومن بني وائل سحبان وائل الخطيب.
وأما أود بن معن: فمنهم أم الأحنف بن قيس، ومنهم المأذونون في المسجد الجامع بالبصرة. وأما فراص بن معن فمنهم: ابن أحمر الشاعر، وجاوة لهم بقية يعني من ولده، وأما أبو عليم فلهم عدد بالجزيرة منهم بكر بن معاوية صاحب ديوان الجند وكان من قواد أبي جعفر.
وأما غطفان بن سعد: فولده ريث وعبد الله، فولد ريث بغيضاً وأشجع فولد بغيض ذبيان وعبساً وأنمار، وأما عبد الله بن غطفان فهم في بني عبس.
وأما أشجع بن ريث بن غطفان فمنهم بنو دهمان وكانت أشجع ممن أعان على عثمان يوم الدار، وأما أنمار بن بغيض فهم قليل منهم فاطمة بنت الخرشب أم الربيع بن زياد وإخوته الكملة.
وأما عبس بن بغيض فولده قطيعة وورقة ومعتم والشرف، والعدد في قطيعة منهم: الربيع بن زياد وإخوته الكملة، ومنهم زهير بن جذيمة وإخوته وولده قيس بن زهير وورقاء وغيرهم، وقيس بن زهير هو صاحب حرب داحس وغبراء، وأما ورقة ومعتم ابنا عبس فلا يعرف منهما أحد.
وأما ذبيان بن بغيض: فولده فزارة وسعد وهاربة البقعاء، وقد بادت هاربة إلا بقية يسيرة في بني ثعلبة بن سعد.
وأما فزارة بن ذبيان فولده عدي وظالم ومازن وشمخ أمهم منولة.
فأما ظالم بن فزارة فولده لاي وهلال، فمن بني لاي: سمرة بن جندب. وأما مازن بن فزارة، فمنهم بنو العشراء، ومن بني العشراء: هرم بن قطبة بن سيار الذي تحاكم إليه عامر وعلقمة.
وأما عدي بن فزارة فولده ثعلبة وسعد. فمن سعد: عمرو بن هبيرة الفزاري، ومن ثعلبة: عدي بن أرطأة، ومنهم: حذيفة بن بدر وحمل بن بدر وابنه حصن بن حذيفة أبو عيينة بن حصن، ومن بني بدر بنو أم قرفة، ومن بني فزارة بنو خالدة.
وأما سعد بن ذبيان فولده ثعلبة وعوف، فمن ثعلبة: بنو جحاش وبنو سبيع وبنو حشور، وفي بني سبيع البيت والشرف. ومن ثعلبة: شماخ ومزرد ابنا ضرار الشاعران وولد عوف بن سعد مرة وعيدا.
فأما عيد فقليل منهم الرجل الذي قتله محلم بن جنامة الليثي وهو يقول لا إله إلا الله، وفي مرة بن عوف الشرف والسؤدد فولد غيظ بن مرة ومالك بن مرة وصرحة وسهما وبني صادر وغيرهم فولد غيظ بن مرة.نشبة ويربوعا، فمن يربوع الحارث بن ظالم، ومنهم: النابغة الذبياني ومنهم عقيل بن علقمة.
وأما نشبة بن غيظ فمن ولده هرم بن سنان الجواد الذي كان يقدمه بمدحه زهير، وأخوه خارجة بقير غطفان استخرج من بطن أمه بعد أن هلكت، وأخوه عوف بن سنان، وابنه الحارث بن عوف صاحب الحمالة بين عبس وذبيان.
نسب بني خصفة بن قيس عيلان
وأما خصفة بن قيس عيلان فولده: عكرمة ومحارب، وبعضهم ذكر أن عكرمة هو ابن قيس.
فأما محارب بن خصفة فمنهم: جسر والخضر وبنو جسر حلفاء بني عامر بن صعصعة.
وأما عكرمة بن خصفة فولده عامر ومنصور وأبو مالك.
فأما بنو أبي مالك بن عكرمة بن خصفة فهم في بني تيم الله أربعمائة بيت.
وأما عامر بن عكرمة بن خصفة فهو حشو في بني سليم بالبصرة ولهم بقية بالبادية.
وأما منصور بن عكرمة فولده: سليم وسلامان وهوازن ومازن، فأما مازن فمنهم عتبة بن غزوان الذي اختط البصرة.
وأما سليم بن منصور فولده بهثة امرأ القيس وعوفاً، ومن قبائل سليم بنو حرام وبنو خفاف وسماك ورعل وذكوان ومطرود وبهز وقنفذ ورفاعة وعصية وظفر وبجلة وحبيب بن مالك وبنو الشريد وبنو قتيبة.
فأما بجلة فخرجت من بني سليم وصارت في بني عقيل وبنو الشريد بيت سليم منهم خنساء وإخوتها صخر بن عمرو ومعاوية بن عمرو.
وأما هوازن بن منصور: فولده بكر وسبيع وحرب ومنبه، ولا عقب لسبيع وحرب ابني هوازن.
وأما منبه فهو أبو ثقيف في قول بعضهم وولد بكر بن هوازن سعد بن بكر ومعاوية بن بكر وزيد بن بكر.
فأما زيد بن بكر فقتله أخوه معاوية وهو أول من فدى بالإبل.
وأما سعد بكر فهم: آظار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبيت هوازن فجاءته أخته من الرضاعة فأعتقهم أجمعين.
وأما معاوية بن بكر فولده جشم ونصر وصعصعة والسباق وجسر وجحش وجحاش وعوف ودحوة ودحية.
فأما دحوة ودحية وجحش وجحاش فلا نعلم لهم عقباً.
وأما عوف فيقال لهم الواقعة. قال الشاعر:
يا أخت دحوة بل يا أخت أخوتهم * من عامر أو سلول أو من الوقعة
وأما جشم ففيهم يقول الأخطل:
ولا جشم شر القبائل إنهم * كبيض القطا ليسوا بسود ولا حمر
ومنهم غزية رهط دريد بن الصمة.
وأما بنو نصر فمنهم: مالك بن عوف النصري وكان على هوازن يوم حنين.
وأما صعصعة بن معاوية فولده: عامر ومرة وغاضرة ومازن ووائلة.
فأما بنو مرة فيعرفون ببني سلول وهي أمهم. منهم: أبو مريم السلولي ومنهم: العجير السلولي الشاعر وعبد الله بن همام الشاعر السلولي.
وأما عامر بن صعصعة فولده هلال بن عامر رهط زينب ابنة خزيمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وميمونة بنت الحارث وسواءة بن عامر ونمير بن عامر، وهي جمرة من جمرات العرب منهم: أبو حية النميري، ومنهم: الراعي الشاعر، وربيعة بن عامر وولده بنو مجد وينسبون إلى أمهم، قال لبيد:
سقى قومي بني مجد وأسقى * نميراً والقبائل من هلال
وهم عامر بن ربيعة وكلاب بن ربيعة وكعب بن ربيعة.
فأما عامر بن ربيعة فمن ولده: عمرو بن عامر فارس الضحياء، ومن ولد عمرو: خداش بن زهير الشاعر، ومن ولده: بنو اليكا بن عامر، ومن بني اليكا: خرقاء صاحبة ذي الرمة.
وأما كلاب بن ربيعة فكان فيه نوك وولده جعفر ومعاوية وربيعة وأبو بكر وعمرو والوحيد ورواس والأضبط وعبد الله، فمن بني رواس: وكيع المحدث: ومن بني الوحيد: أم البنين كانت عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولدت له العباس وجعفراً وعبد الله.
وأما معاوية بن كلاب فمنهم: الضباب، وهم: حسل وحسيل وضب بنو معاوية.
وأما عمرو بن كلاب فلهم عدد كثير وفيهم قوم يقال لهم بنو دودان، ومن عمرو يزيد بن الصعق.
وأما جعفر بن كلاب فولده الأحوص وخالد ومالك وعتبة بنو جعفر بن كلاب، وكان الأحوص يكنى أبا شريح، وكان علي بن عامر يوم جبلة ومن ولده: علقمة بن علاثة الذي نافر عامر بن الطفيل إلى هرم بن قطبة الفزاري.
وأما خالد بن جعفر فهو الذي قتل زهير بن جذيمة العبسي وقتله الحرث بن ظالم المري.
وأما مالك بن جعفر، فولده: عامر وطفيل وربيعة وعبيدة ومعاوية أمهم أم البنين قال لبيد: نحن بنو أم البنين الأربعة
جعلهم أربعة وهم خمسة للقافية.
وأما معاوية فهو معوذ الحكماء.
وأما ربيعة فهو أبو لبيد الشاعر.
وأما الطفيل فهو أبو عامر بن الطفيل.
وأما أبو بكر بن كلاب فمن ولده: القرطات قرط وقريط ومقرط ومنهم: الضحاك بن سفيان استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني سليم، ومنهم المحلق بن حنتم الذي قال فيه الأعشى: وبات على النار الندى والمحلق * مضت كلاب
وأما كعب بن ربيعة: فولده عقيل وقشير والحريش وجعدة وعبد الله وحبيب.
فأما عبد الله بن كعب فمن ولده: بنو العجلان بن عبد الله بن كعب رهط بن مقبل الشاعر.
وأما جعدة بن كعب فمنهم: النابغة الجعدي.
وأما الحريش بن كعب فمنهم: مطرف بن عبد الله بن الشخير وزرارة بن أوفى وعبد الله بن سبرة الحرشي الذي قطع يده أطريانوس الرومي.
وأما قشير بن كعب فمنهم: غطيف وغطفان، ومنهم: مالك ذو الرقيبة، ومنهم: بنو ضمرة ولهم عدد بالبصرة.
وأما عقيل بن كعب، فمنهم: خفاجة وفيهم أشراف ومنهم: الحلفاء ومنهم: الأخيل ورهط ليلى الأخيلية، ومنهم: المجنون الشاعر، ومنهم: توبة بن الحميري صاحب ليلى الأخيلية.
قصة ثقيف: وأما منبه بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان فولده: قسي وهو ثقيف، وثقيف قاتل أبي رغال وكان مصدقاً، فمر به ثقيف فقتله فقيل قسا عليه فسمي قيساً قال شاعرهم: نحن قسى قسا أبونا
فولد ثقيف جشم وعوفاً والمسك فتزوجها قاسط فولدت وائلا أبا بكر بن وائل.
وأما جشم فولد حطيطا فولد حطيط مالكا وغاضرة.
وأما عوف فهم الأحلاف، وذلك أنهم تحالفوا على بني مالك وصارت غاضرة مع الأحلاف، فثقيف فرقتان بنو مالك والأحلاف. ومن بني مالك: السائب بن الأقرع، ومنهم: بنو الحارث بن مالك، ويقال لهم الأثرون، ومن الأحلاف: المختار بن أبي عبيدة، والحجاج بن يوسف، وأمية بن أبي الصلت، وأبو محجن الشاعر، والحارث بن كلدة، ومعتب، وعتاب، وأبو عتبة، وعتبان. وهذه ربيعة فولد: ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان أسد بن ربيعة وضبيلة بن ربيعة وأكلب بن ربيعة، فأما أكل بن ربيعة فهم في خثعم، منهم: أنس بن مدرك الخثعمي قاتل سليك بن السلكة، وهم قبائل وبطون كثيرة تنسب إلى خثعم.
وأما ضبيعة بن ربيعة فولد أحمس والحارث والقلادة، فمن أحمس جماعة رهط المسيب بن علس الشاعر، ومنهم: بهثة ودوفن رهط المتلمس الشاعر والحارث بن عبد الله بن دوفن الأضجم، وكان سيد ضبيعة في الجاهلية، ومنهم: أبو الكلبة ولهم عدد وجلد، ومنهم: بنو شحنة.
وأما أسد بن ربيعة فولد جديلة بن أسد، أمه إيادية وعنزة بن أسد وعميرة بن أسد أمهما برة ابنة قيس عيلان.
فأما عميرة بن أسد فهم في عبد القيس وولده مبشر ومنصور ومالك بنو عميرة.
وأما عنزة بن أسد فاسمه عامر وسمي عنزة لأنه قتل رجلاً بعنزة ويقال: إن عنزة هو ابن أسد ابن خزيمة فولد عنزة يذكر بن عنزة ويقدم بن عنزة، وأما جديلة بن أسد فولد دعمى بن جديلة، وولد دعمى أفصى بن دعمى، فولد أفصى هنب بن أفصى، وعبد القيس بن أفصى فولد عبد القيس اللبو بن عبد القيس أمه هند بنت تميم بن مر وأخوه لأمه تغلب وبكر وأفصى بن عبد القيس.
فأما اللبو فهم بالموصل وبتوج كثير.
وأما أفصى بن عبد القيس فولد شنا ولكيزا، فمن شن الديل بن شن وولده سعد وجذيمة وعامر وحبيب. ومنهم: بنو بهثة بن جديمة بن الدبل بن شن وأما لكيز فولد نكرة وصباحاً ووديعة.
فأما نكرة فهم حلفاء جذيمة، ومنهم: منبه بن نكرة، وهم أهل البحرين. وفيهم العدد والشرف، ومنهم: المثقب العبدي الشاعر والممزق الشاعر والمفضل بن عامر الشاعر صاحب القصيدة المنصفة. وبعمان قوم من نكرة، وباليمن قوم منهم.
وأما وديعة فولده عمرو بن وديعة وغنم بن وديعة ودهن بن وديعة.
فأما دهن بن وديعة، فهم: واثلة نسبوا إلى أمهم.
وأما غنم بن وديعة فولد عمرو بن غنم وعوف بن غنم.
وأما عمرو بن وديعة فولده أنمار وعجل ومحارب والديل والعوق وامرؤ القيس، فمن ولد الديل أهل عمان منهم بنو صوحان ومصقلة بن رقبة الخطيب، ومنهم: آل المعذل بن عيلان بالبصرة.
وأما العوق فمنهم: العوقة وهم عمانيون قليل.
وأما أنمار فمنهم: عصر رهط الأشج العبدي، ومنهم ظفر رهط صحار العبدي، ومن أنمار بنو جذيمة، ومن جذيمة مهو الذي اشترى الفسو ببردى حبرة.
وأما محارب بن عمرو فولد حطمة وظفر ابني محارب.
وأما هنب بن أفصى فولد قاسط بن هنب وعمرو بن هنب وخندق بن هندب.
وأما عمرو، فمنهم: عتيب بن عمر وهم بني شيبان، ولعتيب عدد بالبصرة وعتيب في بني شيبان أيضاً.
وأما قاسط بن هنب فولد عمرو بن قاسط والنمر بن قاسط ووائل بن قاسط أمهم المسك بنت ثقيف.
فأما عمرو بن قاسط فمنهم: غفيلة ولهم عدد بالجزيرة في بني تغلب.
وأما النمر بن قاسط فولد تميم الله وأوس الله عز وجل وعائذ الله جل ثناؤه وأمهم هند بنت تميم بن مر وأخوتهم لأمهم بكر وتغلب وأخوهم لأمهم أيضاً اللبو بن عبد القيس.
فأما تيم الله جل ثناؤه فولد الخزرج والحريث وولد الخزرج سعداً وولد سعد عامر بن سعد الضحيان وسمي الضحيان لأنه كان يقعد لقومه في الضحى يقضي بينهم وكان صاحب مرباع، وولد عامر ربيعة، ومن ولده: هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر، منهم: أبو حوط الحظائر سمي الحظائر لأن المنذر بن امرئ القيس كان جمع أسارى بكر في الحظائر ليحرقهم فكلمه فيهم فشفعه وهو كعب، ومنهم: كعب بن الحارث، ومنهم: الكيس النمري، ومنهم: ابن القرية والقرية الحوصلة.
وأما وائل بن قاسط فولد بكر بن وائل وتغلب بن وائل وعنز بن وائل أمهم هند بنت تميم بن مر.
فأما عنز بن وائل فولد أراشة ورفيدة، فمن أراشة أشجع وغضاضة.
وأما تغلب بن وائل فولد غنم بن تغلب، والأوس بن تغلب، وعمران بن تغلب.
فأما غنم بن تغلب، فمنهم: معاوية بن عمر بن غنم وفيهم يقول الأخطل:
إذا حلت معاوية بن عمر * على الأطواء خنقت الكلابا
ومنهم الأراقم، وهم جشم ومالك وعمرو وثعلبة والحث ومعاوية بنو بكر بن حبيب بن عمرو، ومن بني تغلب عكب، ومنهم: بنو عدي بن أسامة، ومنهم: بنو كنانة يقال لهم قريش تغلب وهم بنو عكب، ومنهم: جشم بن بكر، ومن بني جشم بنو الحارث بن زهير رهط كليب بن ربيعة الذي يقال فيه "أعز من كليب وائل" وأخوه المهلهل وهو هيج الحرب بين بكر وتغلب أربعين سنة. ومن بني زهير بنو عتاب، منهم: عمر بن كلثوم، ومن بني جشم فدوكس رهط الأخطل الشاعر.
ثم بكر بن وائل: قال: وولد بكر بن وائل علي بن بكر ويشكر بن بكر وبدن بن بكر أمهم هند بنت تميم بن مر، ويقال لها أم القبائل.
فأما يشكر فولد كعب بن يشكر وكنانة بن يشكر وحرب بن يشكر، وفي كعب العدد والشرف، فمن ولد كعب بن يشكر حبيب والعتيك، ومنهم: بنو غنم بن حبيب وثعلبة وجشم وعدي بن جشم، فهذه يشكر.
وأما علي بن بكر بن وائل فولده صعب وولد صعب لجيم بن صعب وعكابة بن صعب ومالك ابن صعب.
فأما مالك بن صعب فمنهم بنو زمان منهم الفند الزماني وعددهم في بني حنيفة.
وأما لجيم بن صعب فولد عجل بن لجيم وحنيفة بن لجيم وأخوين لم يقلبا.
فأما عجل فولده ربيعة وضبيعة وسعد وكعب.
فأما كعب وضبيعة فقليل.
وأما ربيعة فمنهم أبو النجم الراجز والعديل بن الفرخ الشاعر.
ومنهم دغة الحمقاء وكانت عند جندب بن العنبر فولدت له عدي بن جندب.
وأما سعد بن عجل فالعدد في ولده، منهم: الأغلب الراجز، ومنهم: الفرات بن حيان وكانت له صحبة، ومنهم: أبو دلف النازل في حد أصبهان، مضت عجل.
وأما حنيفة بن لجيم: فولده الدول بن حنيفة وعدي بن حنيفة وعامر بن حنيفة وعبد مناة بن حنيفة.
فأما عبد مناة فهم قليل.
وأما عدي بن حنيفة فمنهم مسيلمة الكذاب.
وأما الدول فمنهم: بنو هفان، ومنهم: هوذة بن علي الحنفي ذو التاج مضت حنيفة.
قال: وولد عكابة بن صعب قيساً وثعلبة.
فأما قيس بن عكابة فهم قليل وعددهم في بني ذهل.
وأما ثعلبة بن عكابة فيقال له الحصن، قال الأعشى:
فما ضرها إذ خالطت في بيوتهم * بني الحصن ما كان اختلاف القبائل
وولد ثعلبة ذهل بن ثعلبة وشيبان بن ثعلبة وقيس وتيم الله بن ثعلبة وأتيد بن ثعلبة وضنة بن ثعلبة.
فأما ضنة فلحقت باليمن فصارت في بني عذرة.
وأما أتيد فهي من بني شيبان.
وأما تيم الله بن ثعلبة فهم اللهازم، وهم حلفاء بني عجل فولد تيم الله مالكاً والحارث وعامراً وهلالاً وذهلاً وزماناً وحاطمة فهؤلاء يقال لهم الأحلاف إلا الحارث وعامراً ومالكاً وسمي أولئك أحلافاً لأنهم تحالفوا على هؤلاء.
وأما قيس بن ثعلبة فولد ضبيعة وتيماً وسعداً، وفي ضبيعة العدد، ومنهم: الأعشى الشاعر ميمون بن قيس، ومنهم: ربيعة الجحدر "الجحدري" وكان فارس بكر بن وائل يوم تحلاق اللمم، ومنهم: مرة بن عباد والحارث بن عباد وجرير بن عباد الذي ينسب إليه الجريري المحدث.
وأما تيم بن قيس وسعد بن قيس فهما الحرقتان.
وأما ذهل بن ثعلبة بن عكابة فولد شيبان وعامراً، فأما عامر فيقال لهم الوخم.
وأما شيبان بن ذهل فولده سدوس بن شيبان وفيه العدد وعمرو ومازن وعلباء ومالك وعامر وزيد مناة.
فأما علباء بن شيبان فهم قليل ومن عمرو بن شيبان القعقاع بن شور الذي يقول فيه الشاعر:
وكنت جليس قعقاع بن شور * ولا يشقى بقعقاع جليس
ومنهم دغفل بن حنظلة النسابة.
وأما سدوس بن شيبان فكانت له ردافة آكل المرار، وكان له عشرة من الولد، منهم: الحارث بن سدوس وكان له واحد وعشرون ذكراً وقال فيه الشاعر:
فلو شاء ربي كان أير أبيكم * طويلاً كأير الحارث بن سدوس
وأما شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب فولده ذهل وتيم وثعلبة وعوف.
فأما عوف فلا عقب له.
وأما ثعلبة فمنهم مصقلة بن هبيرة الشيباني.
وأما تيم بن شيبان ففيهم سخاء وسؤدد ومن بني تيم الأصمعان يقال يوم الأصمعين في الجاهلية.
وأما ذهل بن شيبان فولد مرة بن ذهل، وفيه العدد والبيت، وربيعة بن ذهل ومحلم بن ذهل والحارث بن ذهل أمهم رقاش وعبد غنم وعوفاً وصبحاً وشيبان، وأمهم الورثة من بني يشكر وهم ينسبون إليها، يقال بنو الورثة وعمر وأمه جذرة سبية من اليمن، وهم يدعون بني الجذرة وهم قليل، ومن الأشراف من بني شيبان المشهورين عوف بن محلم بن ذهل الذي قيل فيه لا حرّ بوادي عوف، ومنهم: الضحاك بن قيس الشاري والبطين بن زيد الشاري وشييب وقعنب الخارجيان، ومنهم: هانئ بن مسعود صاحب ذي قار وأخوه قيس بن مسعود، ومنهم: جساس قاتل كليب، ومنهم: سويد بن سليم الشاري والمثنى بن حارثة الذي افتتح السواد وهلك المثنى، فتزوج سعد بن أبي وقاص امرأته سلمى فنظرت إلى أهل القادسية فقالت: القوم أقران ولا مثنى لهم فلطم سعد عينها، ومنهم: الحوفزان بن شريك ومطر بن شريك، ومن ولد مطر معن ابن زائدة ويزيد بن مزيد، ومنهم: قيس بن مسعود سيد بكر بن وائل وابنه بسطام بن قيس، ومنهم: بنو الشقيقة نسبوا إلى أمهم وهم من يشكر هؤلاء يرجعون إلى ذهل شيبان مضت نزار كلها.
نسب اليمن
قال: وأجمع النساب على أن اليمن من ولد قحطان، وقد ثبت نسبه فيما تقدم من الكتاب، قالوا: ولد قحطان يعرب بن قحطان، فولد يعرب، فولد يشجب بن يعرب، فولد يشجب سبأ بن يشجب. وقال بعضهم: واسم سبأ عامر، فولد سبأ حمير بن سبأ، وكهلان بن سبأ، وعمرو بن سبأ، والأشعر بن سبأ، وأنمار بن سبأ، وعاملة بن سبأ، ومر بن سبأ.
فأما عمرو بن سبأ فولد عدي بن عمرو، وولد عدي لخماً وجذاماً، فمن لخم حدس بن لخم وهم قبائل كثيرة، ويقول قوم: إنهم من ولد أراشة بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس، وذلك أن أراشة لحق باليمن وصار في جذام، ومن لخم غنم بن لخم وهم قبائل كثيرة. ويقول قوم: إنهم من مضر ومن لخم بنو الدار بن هانئ، وهم: الداريون، وكان منهم: تميم الداري، ومن جذام حرام بن جذام وحشم بن جذام، فولد حرام غطفان بن حرام ومالك بن حرام، فمن غطفان نضلة وبنو الأحنف وبنو الضبيب وبنو هدالة وبنو نفاثة وبنو ضليع وبنو عايذة وبنو شبرة وبنو عبد الله وبنو الخضراء وبنو سليم وبنو بجالة وبنو غنم وبنو الفالة، ويزعم قوم أن غطفان بن حرام من قيس عيلان وقعوا إلى اليمن، وولد مالك بن حرام بن جذام سعد بن مالك ووائل بن مالك، وبنو سعد بن مالك بطون كثيرة منهم: بنو عوف وبنو عائذة وبنو فهيرة وبنو صبحة وبنو الأخنس وينوحي وغيرهم. وبنو وائل بن مالك بطون كثيرة. وولد حشم بن جذام خمسة أبطن، منهم: حطمة ونساب مضر تزعم أنهم من بني أسد بن خزيمة وولد الأشعر بن سبأ الأشعريين رهط أبي موسى الأشعري، وولد أنمار بن سبأ ولداً فحالفوا خثعما وبجيلة، ونساب مضر تزعم أن خثعماً وبجيلة أبناء أنمار بن نزار فجرّ أنمار بن سبأ نسبهم إلى سبأ باسم أبيهم. وقال آخرون: خثعم وبجيلة هما أبناء عمرو بن الغوث أخي الأزد بن الغوث وبجيلة امرأة، ومن بطون بجيلة قسر رهط خالد القسري، وبنو أحمس رهط شبل بن معبد وبطونهم ليست بالمشهورة.
عاملة بن سبأ: وولد عاملة قبائل اليمن وهم قليل، وزعم نساب مضر أنهم من ولد قاسط بن وائل، قال الأعشى:
أعامل حتى متى تذهبي * ن إلى غير والدك الأكرم
ووالدكم قاسط فارجعوا * إلى النسب الأتلد الأقدم
حمير بن سبأ: وولد حمير بن سبأ مالك بن حمير وعامر بن حمير وعمر بن حمير وسعد بن حمير ووائلة بن حمير، فولد عامر بن حمير دهمان بن عامر، فولد دهمان يحصب كلها، وولد سعد بن حمير السلف وأسلم، وولد عمرو بن حمير الحارث بن عمرو، وولد الحارث آل ذي رعين، وولد مالك بن حمير قضاعة بن مالك، ومن قبائل قضاعة كلب بن وبرة، ومن بطونهم بنو عدي بن جناب وبنو عليم بن جناب وغيرهم ذكرهم زهير، ومنهم: بنو العبيد. قال الأعشى:
بنو الشهر الحرام فلست منهم * ولست من الكرام بني العبيد
ومنهم رفيدة ومصاد وبنو القين وسليح وتنوخ وجرم بن ربان وراسب بن جرم وبهراء وبلى ومهرة وعذرة وسعد هذيم، وكان هذيم عبداً حبشياً حضن سعداً فنسبت إليه وضنة بن سعد وسلامان بن سعد وجهينة ونهد. ومن قضاعة التبابعة، منهم، ذو الكلاع وذو نواس وذو أصبح تنسب إليه السياط الأصبحية وذو جدن وذو فايش وذو يزن وجوش والشحول وبطون كثيرة، وولد وائلة بن حمير السكاسك بن وائلة والعدد من حمير في السكاسك.
كهلان بن سبأ: وولد كهلان بن سبأ زيد بن كهلان، فولد زيد مالك بن زيد وأدد بن زيد، فولد أدد طيء بن أدد والغوث بن أدد، فمن طيء بنو نبهان بن عمرو وبنو ثعل بن عمرو وحاتم الطائي، ومنهم: جرم بن عمرو وبنو السنبس - قال الشاعر: فصبحها القانص السنبسي
وبنو تيم بن ثعلبة يقول فيهم امرؤ القيس: بنو تميم مصابيح الظلام
وأفخاذ طيء كثيرة غير أن جمهور النسب إلى طيء الأب الأكبر، وولد مالك بن زيد بن كهلان يحابر بن مالك وهو مراد ومرتع بن مالك وقرن بن مالك وخيار بن مالك، فولد مرتع ابن مالك ثور بن مرتع، فولد ثور كندة بن ثور ويزيد بن ثور، فولد يزيد صداء بن يزيد، وولد كندة تجيب والسكون، وولد خيار بن مالك ربيعة بن خيار، وولد ربيعة أوسلة بن ربيعة وهم همدان، ومن همدان السبيع رهط أبي إسحاق السبيعي ووداعة رهط مسروق بن الأجدع، وولد يحابر بن مالك مذحجاً وولد مذحج مراداً وسعد العشيرة وخالد وعنساً.
فأما عنس فهم رهط عمار بن ياسر والأسود العنسي الذي تنبأ باليمن، وولد سعد العشيرة بن مدحج جعفي بن سعد وجنب بن سعد والحكم بن سعد وعائذ الله بن سعد وعبد الله بن سعد واللبو بن سعد وخارجة بن سعد وأسد بن سعد وعمر بن سعد والصعب بن سعد وجمل بن سعد.
وأما جعفي فمنهم مران وحريم ابنا جعفي - قال لبيد:
ولقد نأت يوم النخيل وقبله * مران من أيامنا وحريم
وأما الصعب فمنهم: زبيد بن الصعب رهط عمرو بن معد يكرب الزبيدي وأود بن الصعب.
وأما خارجة فمنهم جديلة بن خارجة وهي من طيء.
وأما عمرو بن سعد فهو أبو خولان بن عمرو.
وأما حكم فهم الذين قيل فيهم جاؤوا حكم.
وأما جنب ففيهم يقول المهلهل:
أنكحها فقدها الأرامل في * جنب وكان الحباء من أدم
وأما جمل فمنهم هند بن عمرو الجملي، وكان مع علي بن أبي طالب فقتل فقال قاتله: قاتل علباء وهند الجملي
وولد مراد بن مذحج أنعم بن مراد ويحابر بن مراد، وكان لهم يغوث بجرش ولد خالد بن مذحج علة بن خالد، فولد علة عمرا فولد عمرو جسرا وكعبا فأما جسر فهو أبو النخع بن جسر رهط إبراهيم النخعي.
وأما كعب فمنهم: بنو النار وبنو الحماص رهط النجاشي الشاعر وبنو قنان، وولد قرن بن مالك بن زيد بن كهلان واسمه نبت الغوث، فولد الغوث الأزد، فولد الأزد مازناً وعمراً ودوساً ونصراً ومالكاً وقداراً والهنو وميدعان وزهران وعامراً وعبد الله.
فأما مازن فهم غسان وغسان ماء نسبوا إليه، ومنهم: بنو جفنة رهط الملوك وآل العنقاء وآل المحرق وتنوخ، وكعب رهط جبلة بن الأيهم، وكان يقال: مازن غسان أرباب الملوك، وحمير أرباب العرب، وكندة كندة الملوك، ومذحج مذحج الطعان، وهمدان أحلاس الخيل، والأزد أشد الناس.
وأما ميدعان: فمنهم سلامان.
وأما زهران: فمنهم دوس بن عدثان رهط أبي هريرة، ومنهم: جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس صاحب الزباء وهو جذيمة الأبرش وجهضم بن مالك رهط الجهاضم، منهم جرير بن حازم الفقيه وسليمة بن مالك رهط أبي حمزة الخارجي وبنو هناءة بن مالك رهط عقبة بن سلم ومعن بن مالك رهط مسعود بن عمرو، ومنهم بطن يقال لهم يحمد منهم الخليل بن أحمد صاحب العروض من فخذ يقال لهم الفراهيد يقال فلان الفرهودي ومن زهران الغطاريف بنو يشكر والجدرة.
وأما عامر بن الأزد: فمنهم بنو لهب بن عامر القافة ومنهم غامد.
وأما عبد الله بن الأزد: فولده كثير منهم القسامل، ومنهم: أزد العتيك رهط المهلب بن أبي صفرة، ومنهم، بارق بن عوف وشهران بن بارق وطاحية بن سود وهداد، ومنهم: عمرو بن عامر مزيقياء والأنصار من ولده وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر، ومنهم: عمران بن عامر وخزاعة من ولد عمرو بن عامر ومن خزاعة بطن يقال لهم بنو قمير رهط قبيصة بن ذؤيب ورهط عبد الله بن مالك، ومنهم: بنو حليل رهط بنو كرز القافة ومنهم بنو المصطلق وكعب ومليح وعدي وسعد وأسلم وجشم انتهى.
نسب الأوس والخزرج
وهما الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهما ابنا قيلة نسبا إلى أمهما، وهما الأنصار، فولد الخزرج بن حارثة خمسة نفر: جشم بن الخزرج، وعوف بن الخزرج، وهما الخرطومان وكان يقال: إن سرك الغز فحجحج بجشم
والحارث بن الخزرج وعمرو بن الخزرج وكعب بن الخزرج.
فأما جشم بن الخزرج فمنهم: بنو تزيد ومن بني تزرد بن جشم سلمة وبطونها، ومن بني جشم بنو بياضة.
وأما عوف بن الخزرج فمنهم بنو الحبلى رهط عبد الله بن أبي سلول، ومنهم: القواقل كان يقال في الجاهلية للرجل إذا استجار بيثرب قوقل في هذا الجبل ثم قد أمنت. ومنهم: بنو سالم.
وأما عمرو بن الخزرج فمنهم بنو النجار واسم النجار تيم اللات بن ثعلبة سمي بذلك لأنه نجر رأس رجل بقدوم، ويقال لأنه اختتن بقدوم.
وأما كعب بن الخزرج فمنهم بطون بني ساعدة رهط سعد بن عبادة "نسب الأوس بن حارثة" قال: وولد الأوس مالك بن الأوس فمن مالك تفرقت قبائل الأوس وبطونها كلها، فولد مالك بن الأوس عمرو بن مالك وهم النبيت وعبد الأشهل وبنو ظفر، واسم ظفر كعب بن الخزرج وهؤلاء خزرج في الأوس وبنو حارثة ابن الحارث بن الخزرج فهذه النبيت من الأوس وعوف بن مالك، ومنهم: بنو عمرو بن عوف أهل قباء ومنهم جحجبي ومرة بن مالك وهم الجعادرة ويقال لهم أوس الله، وسالم بن مالك وهو بنو واقف والسلم بن مالك وهو رهط سعد بن خثيمة وعبد الله بن مالك وهو بنو خطمة "انقضت الأنساب".
تسمية من خلف على امرأة أبيه بعده
برة: كانت برة ابنة مر أخت تميم بن مر تحت خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر فخلف عليها ابنه كنانة بن خزيمة فولدت له النضر بن كنانة وغيره من ولده إلا عبد مناة بن كنانة.
ناجية ابنة جرم: وكانت ناجية ابنة جرم بن زبان من قضاعة تحت سامة بن لؤي، فولدت له غالب بن سامة، ثم هلك عنها فخلف عليها ابنه الحارث بن سامة.
واقدة: وكانت واقدة من بني مازن بن صعصعة عند عبد مناف فولدت له نوفلاً وأبا عمرو فهلك عنها وخلف عليها هاشم بن عبد مناف فولدت له خالدة وضعيفة.
آمنة: كانت آمنة ابنة ابان بن كليب عند أمية بن عبد شمس فولدت له الأعياص ثم هلك عنها فخلف عليها ابنه أبو عمرو بن أمية وولدت له أبا معيط.
مليكة: كانت مليكة بنت سنان بن أبي حارثة المري أخت هرم بن سنان تحت زبان بن سيار بن عمرو الفزاري فتزوجها بعده ابنه منظور بن زبان وولدت له خولة بنت منظور وهاشم بن منظور فتزوج بها الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فولدت له الحسن بن الحسن ثم خلف عليها بعده محمد بن طلحة بن عبيد الله فجاءت بإبراهيم بن محمد وهو الأعرج.
امرأة من الأنصار: وهي امرأة أساف بن زير بن أساف فخلف عليها أساف بعد أبيه.
امرأة من فهم: كانت تحت نفيل بن عبد العزّى جد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فتزوجها عمرو بن نفيل بعد أبيه فولدت له زيداً فأمه أم الخطاب وزيد هذا هو أبو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.
نسب سيدنا محمد بن عبد الله
المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو محمد: هو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. واختلف النساب فيما بعد عدنان، وقد بينت ذلك في كتاب النسب، واسم عبد المطلب عامر واسم أبيه هاشم عمر وسمي هاشماً لهشم الثريد وإطعامه، واسم عبد مناف المغيرة، واسم قصي زيد ويدعى مجمعاً لأنه جمع قبائل قريش وأنزلها مكة "أبو النبي صلى الله عليه وسلم وعمومته وعماته".
قال أبو محمد: كان لعبد المطلب بن هاشم من الولد لصلبه عشرة من الذكور ومن الإناث ست بنات أسماؤهم عبد الله بن عبد المطلب وهو أبو النبي صلى الله عليه وسلم والزبير بن عبد المطلب، وأبو طالب بن عبد المطلب واسمه عبد مناف والعباس بن عبد المطلب، وضرار بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب والمقوم بن المطلب وأبو لهب بن عبد المطلب واسمه عبد العزّى والحارث بن عبد المطلب والغيداق بن عبد المطلب واسمه حجل.
????أسماء عماته
صلى الله عليه وسلم:
عاتكة ابنة عبد المطلب وأميمة بنت عبد المطلب والبيضاء ابنة عبد المطلب وهي أم حكيم وبرة بنت عبد المطلب وصفية بنت عبد المطلب وأروى بنت عبد المطلب وهؤلاء الذكور والإناث لأمهات شتى، أسماؤهن فاطمة ابنة عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم وولدها منهم عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طالب وعاتكة وأميمة والبيضاء وبرة - سبعة، والنمرية امرأة من النمر بن قاسط واسمها نتيلة بنت كليب بن مالك بن جناب وولدها منهم العباس وضرار - اثنان، وهالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وولدها منهم حمزة والمقوم وصفية - ثلاثة، ولبنى امرأة من خزاعة وولدها منهم أبو لهب واحد. وصفية بنت جندب امرأة من بني عامر بن صعصعة وولدها الحارث وأروى اثنان. وأخرى خزاعية لم يحفظ اسمها - وبلغني أن اسمها ممنعة بنت عمرو - وولدها منهم الغيداو واحد.
أخوال عمومته وأبيه
صلى الله عليه وسلم:
أما عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن له ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ولا أنثى وكان أخواله بالمدينة فأتاهم فهلك بها وهو شاب.
وأما الزبير بن عبد المطلب فكان من رجالات قريش في الجاهلية وكان يقول الشعر، وهو القائل:
ولولا الحمس لم تلبس رجال * ثياب أعزة حتى يموتوا
قال أبو محمد: والحمس كنانة وقريش وكان يكنى أبا طاهر ومن ولده عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب أدرك الإسلام وأسلم ولم يعقب، وضباعة بنت الزبير وهي التي كانت تحت المقداد، وأم الحكم وكانت تحت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ولا عقب للزبير بن عبد المطلب من ذكور ولده.
وأما أبو طالب بن عبد المطلب: فولد له علي وجعفر وعقيل وطالب وأم هانئ واسمها فاختة وجمانة، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من علي بعشر سنين، وأعقبوا إلا طالباً فإنه لم يعقب، وأسلمت أمهم فاطمة بنت أسد وهي أول هاشمية ولدت لهاشمية، وتوفي أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وأربعة أشهر.
وأما العباس بن عبد المطلب: فكان يكنى أبا الفضل وكانت له السقاية وزمزم دفعهما إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وكان يوم العقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم فعقد له على الأنصار وقام بذلك الأمر وبقي إلى خلافة عثمان، فمات بالمدينة وقد كف بصره وهو ابن تسع وثمانين سنة، وكان ولد قبل الفيل بثلاث سنين، فكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم فمات بها وصلى عليه عثمان ودخل قبره عبد الله ابنه، وكان له من الولد عبد الله والفضل وعبيد الله وقثم ومعبد وعبد الرحمن وأم حبيب وأمهم أم الفضل، بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أم الفضل لبابة. وتمام وكثير والحارث وآمنة وصفية لأمهات أولاد.
فأما الفضل فكان يكنى أبا محمد وكان أكبر ولده وبه يكنى، ومات بالشام في طاعون عمواس ولا عقب له إلا بنت يقال لها أم كلثوم وكانت عند أبي موسى الأشعري.
وأما عبيد الله بن العباس فكان سمحاً جواداً وكان عاملاً على اليمن وعمي في آخر عمره فولد عبيد الله عبد الله والعباس وجعفراً.
فأما عبد الله فولد الحسن والحسين وأمهما أسماء بنت عبد الله بن العباس وكانت عند عبيد الله بن العباس عائشة الحارثية فولدت له غلامين باليمن فوجه معاوية بسر بن أرطأة مكانه فهرب عبيد الله وأخذ بسر ابنيه فقتلهما وأمهما التي تقول:
يا من أحس بابنيّ اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف
وأما معبد بن العباس: فخرج في خلافة عثمان غازياً إلى أفريقية فقتل بها وأخذت سريته وهي حبلى فولدت جارية، فاستفدت الجارية وزوجت يريم الحميري، وولد معبد عبد الله بن معبد، وولد عبد الله العباس والعباس سود أحدهم بالمدينة أيام قام أبو العباس فأخذها ولا عقب له.
وأما الحارث بن العباس فله عقب منهم السري بن عبد الله والي اليمامة.
وأما قثم بن العباس فقتل بسمرقند.
قال أبو صالح صاحب التفسير: ما رأينا بني أم قط أبعد قبوراً من بني العباس لأم الفضل، مات الفضل بالشام ومات عبد الله بالطائف ومات عبيد الله بالمدينة ومات قثم بسمرقند وقتل معبد بأفريقية.
وأما عبد الله بن العباس فكان يكنى أبا العباس وبلغ سبعين سنة وهلك بالطائف في فتنة ابن الزبير، وقد كف بصره وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعاً وضرب على قبره فسطاطاً.
قال الواقدي: مات ابن عباس سنة ثمان وستين بالطائف وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وكان يصفر لحيته فولد عبد الله علي بن عبد الله، وعباساً ومحمداً والفضل وعبد الرحمن وعبيد الله ولبابة وأمهم زرعة بنت مشرح الكندية، وأسماء لأم ولد.
فأما عبيد الله والفضل ومحمد فلا عقب لهم.
وأما علي بن عبد الله فكان من أعبد الناس وأحلمهم وأكثرهم صلاة، كان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة، ويكنى أبا محمد ومات بالشراة سنة سبع عشرة ومائة وهو ابن ثمانين سنة.
قال الواقدي: ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب وتوفي سنة ثماني عشرة ومائة.
قال الكلبي: كان الوليد ضرب علي بن عبد الله سبعمائة سوط بسبب سليط وذكر قصته، فولد علي بن عبد الله محمد بن علي أمه العالية بنت عبيد الله بن العباس، وأمها عائشة بنت عبد المدان الحارثي، وداود وعيسى لأم ولد وسليمان، وصالح لأم ولد تسمى سعدى، وإسماعيل وعبد الصمد لأم ولد، ويعقوب لأم ولد، وعبد الله وعبيد الله أمهما أم أبيها ابنة عبد الله بن جعفر، وأمها ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي وأمينة وأم عيسى ولبابة لأمهات أولاد شتى.
وأما محمد بن علي فكان من أجمل الناس وأعظمهم قدراً وكان بينه وبين أبيه أربع عشرة سنة، وكان علي يخضب بالسواد ومحمد بالحمرة فيظن من لا يعرفهما أن محمداً هو علي، ومات سنة اثنتين وعشرين ومائة وفيها ولد المهدي، ويقال: مات سنة خمس وعشرين ومائة بالشراة من أرض الشام وهو ابن ستين سنة، وخلفاء ولد العباس من ولده، وسنذكرهم ونذكر أخوته عند افتتاحنا ذكرهم بعد خلفاء بني أمية إن شاء الله تعالى.
وأما ضرار بن عبد المطلب: فمات قبل الإسلام ولا عقب له وكان يقول الشعر.
وأما حمزة بن عبد المطلب: فكان يكنى أبا عمارة وهو أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم وقتل يوم بدر شبية بن ربيعة وطعينة بن عدي وسباعاً الخزاعي، وقتل يوم أحد زرقة وحشى غلام طعينة فمات وكان رضيع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي أرضعتهم امرأة من أهل مكة يقال لها ثويبة، وولد لحمزة ابن يقال له عمارة من امرأة من بني النجار، ولم يعقب، وبنت يقال لها أم أبيها، أمها زينب بنت عميس الخثعمية وكانت تحت عمر بن أبي سلمة المخزومي.
وأما المقوم بن عبد المطلب: فلم يدرك الإسلام ولا عقب له وكانت له بنت تسمى هند تحت عبد الله بن مسروح أخي بني سعد بن بكر بن هوازن.
وأما أبو لهب بن عبد المطلب: فاسمه عبد العزّى ويكنى أبا عتبة وكان أحول، وقيل له أبو لهب لجماله وأصابته العدسة، فمات بمكة وهو سارق غزال الكعبة وكان من ذهب، وولد له عتبة وعتيبة ومعتب وبنات أمهم أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب، وهي أخت أبي سفيان بن حرب وعمة معاوية.
وأما عتبة: فكان النبي صلى الله عليه وسلم زوجه رقية بنته فأمره أبو لهب أن يطلقها ففعل ودعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم سلط عليه كلباً من كلابك، فأكله الأسد في بعض أسفاره وكان يكنى أبا واسع وله عقب كثير من بنين وبنات منهم: إبراهيم بن أبي خداش بن عتبة والي مكة ومنهم الفضل بن عباس بن عتبة الشاعر وهو القائل:
وأنا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب
قال أبو محمد: الخضرة السواد أراد الأدمة وكان الفضل مغنياً وله قصة في مداينة الناس قد ذكرناها في كتاب عيون الأخبار.
وأما معتب فأسلم وشهد حنيناً مع النبي صلى الله عليه وسلم وله عقب كثير.
وأما عتيبة فتزوج أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم وفارقها قبل أن يدخل بها.
وأما الحارث بن عبد المطلب: فهو أكبر ولد عبد المطلب وشهد معه حفر بئر زمزم وبه كان يكنى، ولد له أبو سفيان بن الحارث والمغيرة بن الحارث ونوفل بن الحارث وأروى وربيعة وعبد شمس.
فأما أبو سفيان بن الحارث: فكان أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أرضعته حليمة أياماً وكان يألف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بعث عاده وهجاه ثم أسلم عام الفتح وشهد يوم حنين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أرجو أن يكون خلفاً من حمزة. وقال فيه أيضاً: أبو سفيان سيد فتيان أهل الجنة، ومات بالمدينة وكان سبب ذلك ثؤلولاً كان في رأسه فحلقه الحلاق بمنى فقطعه، فقال لأهله لا تبكوا علي فإني لم أنتظف بخطيئة منذ أسلمت، وكانت وفاته سنة عشرين ودفن بالبقيع ولم يبقَ له عقب.
وأما نوفل بن الحارث:فكان أسن من أسلم من بني هاشم، كان أسن من حمزة والعباس وجميع أخوته، وأسر يوم بدر ففداه العباس، وأسلم وهاجر أيام الخندق، وله عقب كثير منهم عبد الله بن الحارث ولقبه ببة، وكان أصم وخرج مع ابن الأشعث فلما هزم هرب إلى عمان فمات بها.
وأما عبد شمس بن الحارث: فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ومات بالصفراء بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفنه النبي صلى الله عليه وسلم في قميصه وعقبه بالشام يقال لهم الموزة لقلتهم، ولأنهم لا يكادون يزيدون على ثلاثة.
ومن ولد نوفل بن الحارث: المغيرة، كان قاضياً بالمدينة في خلافة عثمان وشهد مع علي صفين، وأوصاه علي أن يتزوج أمامة بنت أبي العاص بعده، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: إني أخاف أن يتزوجها معاوية، فتزوجها المغيرة فولدت له يحيى وكان به يكنى، وولد له من غيرها عبد الملك وعبد الواحد وسعيد وعبد الرحمن وفلان وفلان كل هؤلاء من غير أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب: فكانت له صحبة وقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل ربيعة لو قصر من شعره وشمر من ثوبه، وكان شريك عثمان في التجارة ولربيعة بنون وبنات منهم العباس بن ربيعة، وكان له قدر، وأقطعه عثمان داراً بالبصرة، وأعطاه مائة ألف درهم، وشهد صفين مع علي فقتل وهو المذكور في حديث أبي الأغر التميمي، وكانت تحته أم فراس بنت حسان بن ثابت فولدت له أولاداً وعقبه كثير. انقضى ذكر عمومة النبي صلى الله عليه وسلم.
??ذكر عماته
صلى الله عليه وسلم:
أما عاتكة بنت عبد المطلب فكانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. وكانت أميمة بنت عبد المطلب عند جحش بن رئاب الأسدي، وكانت البيضاء بنت عبد المطلب عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وكانت برة بنت عبد المطلب عند عبد الأسد بن هلال المخزومي فولدت له أبا سلمة بن عبد الأسد الذي كانت أم سلمة عنده قبل أن تكون عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزّى من عامر بن لؤي فولدت له أبا سبرة بن أبي رهم، وكانت صفية ابنة عبد المطلب عند الحارث بن حرب بن أمية ثم خلف عليها العوام بن خويلد وهي أم الزبير، وكانت أروى بنت عبد المطلب عند عمير بن عبد بن قصي بن كلاب ولم تسلم من عماته صلى الله عليه وسلم إلا صفية أم الزبير واختلف في أروى فذكر بعضهم أنها أسلمت أيضاً، وتوفيت صفية في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه.
آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم:
قال أبو محمد: وأما أم النبي صلى الله عليه وسلم فهي آمنة ابنة وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ولا يعلم أنه كان لآمنة أخ فيكون خال النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بنو زهرة يقولون نحن أخوال النبي صلى الله عليه وسلم لأن آمنة منهم رضي الله تعالى عنهم.
ذكر جدات النبي
صلى الله عليه وسلم: قال أبو محمد: أما جدة النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه فهي فاطمة بنت عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم، هذه أم عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم. وأم عبد المطلب بن هاشم سلمى ابنة عمرو من بني النجار، وأمها منهم أيضاً وكذلك أم أمها، وكانت سلمى قبل أن يتزوجها هاشم بن عبد مناف تحت أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة فهو أخو عبد المطلب لأمه. وأم هاشم بن عبد مناف عاتكة ابنة مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان من بني سليم.
قال أبو محمد: وذكر أبو اليقظان أن أم عبد مناف حي ابنة حليل الخزاعية، وكان مفتاح البيت في يد حليل الخزاعي فأخذه منه قصي بن كلاب، وأم قصي بن كلاب فاطمة بنت سعيد من أزد السراة. وأم كلاب نعيم ابنة سرير بن ثعلبة بن مالك بن كنانة. وأم مرة وحشية ابنة شيبان بن محارب بن فهر. وأم كعب سلمى ابنة محارب بن فهر وأم لؤي وحشية ابنة مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة. وأم غالب سلمى ابنة سعد بن هذيل بن مدركة، وأم فهر جندلة ابنة الحارث الجرهمي، وأم مالك هند ابنة عدوان بن عمرو من قيس عيلان، وأم النضر برة بنت مر وهي أخت تميم بن مرة، وكانت تحت أبيه كنانة، فخلف عليها بعد أبيه فتميم أخوال قريش كأن قريشاً من النضر تقرشت.
جدات النبي لأمه صلى الله عليه وسلم لأمه: قال أبو محمد: أم آمنة بنت وهب برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة، وأم أم حبيب برة ابنة عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي، وأم برة بنت عوف قلابة بنت الحارث بن لحيان بن هذيل، وأم قلابة هند بنت يربوع من ثقيف.
وأما أم وهب: جد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه فهي عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال ابن فالج بن ذكوان بن سليم، وعبد مناف أبو وهب أمه زهرة، وإليها ينسب ولدها دون الأب، ولا أعرف اسم الأب، وقد أقيمت في التذكير مقام الأب، وزهرة بن كلاب أخو قصي بن كلاب، وأمهما فاطمة ابنة سعد ابن أزد السراة.
آظار النبي
صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسترضعاً في بني سعد بن بكر بن هوازن، وكان اسم ظئرة حليمة بنت أبي ذؤيب، واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن سعد بن بكر، واسم ابنه الذي أرضعته بلبانه الحارث بن عبد العزّى من سعد بن بكر، وأخوته من الرضاعة: عبد الله بن الحارث، وأنيسه ابنة الحارث وجدامة بنت الحارث، وهي الشيماء لقب غلب على اسمها، ولبث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس سنين ثم رد على أمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أفصح العرب مبدأي من قريش ونشأت في بني سعد بن بكر".
أزواج النبي
صلى الله عليه وسلم:
أول أزواجه خديجة ابنة خويلد
بن أسد بن عبد العزّى بن قصي، وأمها فاطمة ابنة زائدة بن الأصم من بني عامر بن لؤي، وأمها هالة بنت عبد مناف من بني الحارث بن معيص، وخديجة أم أولاد النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وكانت خديجة عند عتيق بن عائذ المخزومي فولدت له جارية وتزوجها بعده أبو هالة نباش بن زرارة الأسيدي، تميمي بن بني حبيب بن جروة، ومات بمكة في الجاهلية، وكانت ولدت له هند ابن أبي هالة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده، ولم ينكح عليها امرأة حتى ماتت وربي ابنها هنداً فكان ربيبه، وكان يقول هند أنا أكرم الناس أباً وأماً وأخاً وأختاً أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمي خديجة وأختي فاطمة وأخي القاسم، وولد هند ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ابن سماه هنداً أيضاً وهلك في الطاعون الجارف، وكان تزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة ولم تزل معه إلى أن قبضت أربعاً وعشرين سنة وشهوراً، وكانت وفاتها بعد وفاة عمه أبي طالب بثلاث أيام.
سودة ابنة زمعة:
قال أبو محمد: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة بنت زمعة وكانت تحت السكران بن عمرو، وهو من مهاجرة الحبشة فمات ولم يعقب، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده.
عائشة رضي الله عنها: قال أبو محمد: ثم تزوج عائشة ابنة أبي بكر الصديق بكراً ولم يتزوج بكراً غيرها، وكان تزويجه بها بمكة وهي بنت ست سنين، ودخل بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين بعد سبعة أشهر من مقدمه المدينة، وقبض وهي بنت ثماني عشرة سنة وتكنى أم عبد الله. قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا مالك بن سعير، قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها، قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت تسع سنين تريد دخل بي وكنت عنده تسعاً وبقيت إلى خلافة معاوية، وتوفيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين، فقيل لها: ندفنك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقالت إني قد أحدثت بعده، فادفنوني مع أخواني، فدفنت بالبقيع وأوصت إلى عبد الله بن الزبير.
فمن موالي عائشة رضي الله عنها: علقمة بن أبي علقمة كان يروي عنه مالك بن أنس، وكان علقمة معلماً يعلم العربية والنحو والعروض ومات في أول خلافة المنصور.
ومن مواليها أبو السائب وقد روي عنه اسمه عثمان.
حفصة رضي الله عنها: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ابنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت تحت خنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان خنيس رسول النبي إلى كسرى ولا عقب له، وحفصة أخت عبد الله بن عمر لأمه وأبيه، وأمهما زينب بنت مظعون وماتت بالمدينة في خلافة عثمان.
زينب ابنة خزيمة رضي الله عنها: وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنة خزيمة من بني عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة وكانت تحت عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وكان يقال لها أم المساكين، وماتت قبله.
زينب ابنة جحش رضي الله عنها: وتزوج زينب ابنة جحش الأسدية من بني غنم دودان بن أسد بن خزيمة، وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم، أمها أمية بنت عبد المطلب، وهي أول من مات من أزواجه بعد وفاته في خلافة عمر رضي الله عنه، وهي أول من حمل في نعش، وكانت خليقة، فلما رأى عمر النعش قال: نعمَ خباء الظعينة، وكانت عند زيد بن حارثة وفيها نزلت "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك".
أم حبيبة واسمها رملة رضي الله عنها: وتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، فتنصر وهلك بأرض الحبشة فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وكان السرير الذي حمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها، فهو باق بالمدينة عند مولى لها، وبقيت إلى خلافة معاوية.
أم سلمة رضي الله عنها: وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد، وكان لها منه زينب بنت أبي سلمة وعمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر مع علي يوم الجمل وولاه البحرين، وله عقب بالمدينة، وأم سلمة بنت عم أبي جهل وأخوها عبد الله بن أبي أمية كان من أشد قريش عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم واستشهد يوم الطائف. وتوفيت أم سلمة سنة تسع وخمسين بعد عائشة بسنة وأيام، وكانت خيرة أم الحسن البصري مولاة أم سلمة، وكان شيبة بن نصاح بن سرحس بن يعقوب مولى أم سلمة، وكان إمام أهل المدينة في القراءة في دهره، ومن مواليها أبو ميمونة وكان نافع بن أبي نعيم قرأ عليه.
ميمونة رضي الله عنها:
وتزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث وهي من ولد عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، فتزوجها وبنى بها بسرف، وسرف على عشرة أميال من مكة، وتوفيت أيضاً بسرف سنة ثمان وثلاثين ودفنت هناك، وكانت قبل أن يتزوجها تحت أبي سبرة بن أبي رهم العامري، وكانت أم ميمونة امرأة من جرش يقال لها هند ابنة عمرو، وولدت بنات من رجلين منهن: ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهن: أم الفضل لبابة بنت الحارث بن جزء بن بجير بن هرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، وكانت عند العباس بن عبد المطلب، ومنهن: زينب ابنة عميس الخثعمية، وكانت عند حمزة. وسلمى بنت عميس، وكانت تحت شداد بن الهاد. وأسماء ابنة عميس الخثعمية، وكانت عند جعفر بن أبي طالب، وخلف عليها أبو بكر، ثم خلف عليها علي وقد ولدت لهم جميعاً، وكان يقال لأمهم: الجرشية أكرم عجوز في الأرض آصهاراً، وكان يسار مولى ميمونة وولده عطاء وسليمان ومسلم وعبد الملك، كلهم فقهاء.
صفية رضي الله عنها: وتزوج صلى الله عليه وسلم صفية ابنة حيي بن أخطب النضيري، وكانت تحت رجل من يهود خيبر يقال له: كنانة، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقه بأمر أحل دمه وسبى أهله وتزوجها، وتوفيت سنة ست وثلاثين.
جويرية رضي الله عنها: وتزوج صلى الله عليه وسلم جويرية بن الحارث، وكان أغار على بني المصطلق وهم غادون ونعمهم تسقى على الماء، فكانت جويرية بنت الحارث مما أصاب وتزوجها، وتوفيت سنة ست وخمسين.
امرأة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها ثم طلقها، ولم يبن بها.
قال أبو محمد اليقظان: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة وهي من بني القرطات وهم من بني أبي بكر بن كلاب فوصفها أبوها، ثم قال: وأزيدك أنها لم تمرض قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لهذه عند الله من خير وطلقها ولم يبن بها.
امرأة تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بها ثم طلقها ولم يطأها.
قال أبو اليقظان: وتزوج أميمة بنت النعمان بن شراحيل الجونية، فلما دخل عليها قال لها: هبي لي نفسك فقالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة? فأهوى بيده يضعها عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: قد عذت بمعاذ، ثم سرحها ومتعها. وقال قوم: إن التي قالت أعوذ بالله منك هي مليكة الليثية وقال آخرون: هي فاطمة بنت الضحاك وكان تزوجها بعد وفاة زينب ابنته.
امرأة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عنها.
قال أبو اليقظان: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان إلى أبيها، فقال: إن بها برصاً وهو كاذب، فرجع فوجدها برصاء، ويقال إن ابنها شبيب بن البرصاء بن الحارث بن عوف المري والحارث بن عوف هو صاحب الحمالة بين عبس وذبيان. "التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم" قال أبو اليقظان: هي خولة بنت حكم السلمي وقال غيره هي أم شريك الأزدية.
أولاد النبي
صلى الله عليه وسلم: وولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة القاسم، وبه كان يكنى، والطاهر والطيب وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم، ومن مارية القبطية إبراهيم.
فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين، قال مجاهد: مكث القاسم سبع ليال ثم مات.
زينب فكانت عند أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، واسم أبي العاص القاسم، ويقال: مقسم، وأمه هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى أخت خديجة ابنة خويلد، فأبو العاص بن الربيع ابن خالة زينب وهو زوجها، وكان تزوجها وهو مشرك، فقالت له قريش: طلقها ونزوجك بنت سعيد بن العاص فأبى، وكان أبو العاص أسر يوم بدر فمنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلقه بغير فداء، فأتت زينب الطائف ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقدم أبو العاص المدينة فأسلم وحسن إسلامه، وماتت زينب بالمدينة بعد مصير النبي صلى الله عليه وسلم إليها بسبع سنين وشهرين، وتزوج أبو العاص بنت سعيد بن العاص وهلك بالمدينة وأوصى إلى الزبير بن العوام، وكان له من زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة يقال لها أمامة تزوجها المغيرة بن نوفل، فولدت له يحيى ولم يعقب.
رقية
فتزوجها عتبة بن أبي لهب، فأمره أبوه أن يطلقها فطلقها قبل أن يدخل بها، وتزوجها عثمان بن عفان بالمدينة وماتت بها بعد مقدمه يعني النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوماً، وولدت لعثمان عبد الله وهلك صبياً لم يجاوز ست سنين، وكان نقره ديك على عينه فمرض فمات.
أم كلثوم فتزوجها عتيبة بن أبي لهب وفارقها قبل أن يدخل بها، ثم تزوجها عثمان رضي الله عنه بعد رقية، وتوفيت لثماني سنين وشهر وعشرة أيام بعد مقدمه المدينة.
فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمدينة بعد سنة من مقدمه المدينة، وابتنى بها بعد ذلك بنحو من سنة، وماتت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمائة يوم، وولدت لعلي الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى، وسنذكرهم عند ذكرهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع سائر ولده.
إبراهيم بن مارية القبطية فإنه ولد بالمدينة بعد ثماني سنين من مقدمه وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، وكانت أمه مارية هدية المقوقس ملك الإسكندرية إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: حدثني محمد بن زياد الزيادي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن بشر بن المهاجر الغنوي، عن عبد بن بريدة بن الخضيب، عن أبيه قال: أهدى أمير القبط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين أختين وبغلة، فكان يركب البغلة بالمدينة، واتخذ إحدى الجاريتين فولدت له إبراهيم ووهب الأخرى لحسان بن ثابت، وقال غيره: كان اسم الجارية سيرين، وهي أم عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، ويقال: إن مارية أم ولده ماتت بعده بخمس سنين.
موالي رسول
الله صلى الله عليه وسلم: زيد بن حارثة وأم أيمن امرأته.
قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم الطائي، قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: أم أيمن مما ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمه، وكان اسمها بركة فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها عبيد الخزرجي بمكة، فولدت أيمن، ثم إن خديجة ملكت زيد بن حارثة اشتراه لها حكيم بن حزام بسوق عكاظ بأربعمائة درهم: فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تهب له زيداً وذلك بعد أن تزوجها فوهبته له، فأعتقه وزوجه أم أيمن فولدت له أسامة بن زيد، فأسامة وأيمن أخوان لأم، فكان لأيمن ابن يقال له جبير، وقال بعض أصحاب الأخبار: هو زيد بن حارثة بن شراحيل من كلب أدركه سباء فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه، فكان يقال له زيد بن محمد حتى نزلت: "ادعوهم لآبائهم" الأحزاب:5 وكان ممن أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجيش يوم مؤته فاستشهد، وكان يوم مؤته في سنة ثمان، وكانت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم امرأته، وقتل وهو ابن خمس وخمسين سنة، وكان قصيراً آدم شديد الأدمة في أنفه فطس ويكنى أبا أسامة، وكان لأسامة ابنان يروي عنهما محمد بن أسامة والحسن بن أسامة. وأبو غزية محمد بن موسى من بني مازن بن النجار قد ولده أسامة بن زيد بن حارثة من قبل أمهاته.
أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: واسمه أسلم أجمعوا على ذلك واختلف في قصته فقال بعضهم: كان للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم العباس بشر أبو رافع، فلم يزل كاتباً لعلي بن أبي طالب خلافته كلها. وقال آخرون: كان لسعيد بن العاص إلا سهماً من سهام، فأعتقه سعيد واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك السهم فأعتقه، وكان له ابنان: عبيد الله وكان يكتب لعلي وقد روى عنه الحديث، وعبد الله وكان شريفاً فلما ولي سعيد بن العاص المدينة أرسل إلى عبيد الله فقال له: مولى من أنت? فقال له: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه لسعيد بن العاص فورثه ولده، فأعتق بعضهم في الإسلام، وتمسك ببعض، فجاء أبو رافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه على من لم يعتق فكلمهم فيه، فوهبوه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه.
سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان أسود من مولدي الأعراب، واختلفوا في اسمه، فقال بعضهم: كان اسمه مهران ويكنى أبا عبد الرحمن، وقال بعضهم: كان اسمه ريا فسماه رسول الله سفينة، وذلك أنه كان في سفر، فكان كل من أعيا وكل ألقى عليه بعض متاعه ترساً سيفاً حتى حمل من ذلك شيئاً كثيراً، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سفينة. واختلفوا أيضاً في قصته، فقال بعضهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراه فأعتقه، وقال آخرون: اشترته له أم سلمة وأعتقته، وشرطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش.
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان يكنى أبا عبد الله، وهو من أهل السراة وذكروا: أنه من حمير أصابه سباء فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقه ولم يزل - قال - معه حتى قبض، ثم تحول إلى الشام فنزل حمص وله بها دار صدقة ومات سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية.
بشار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان بشار نوبياً أصابه في غزاة بني عبد بن ثعلبة فأعتقه، وهو الذي قتله العرنيون الذين أغاروا على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم وقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات، فانطلقوا بالسرح وأدخل المدينة ميتاً.
شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمه صالح ويقال إن أباه كان يقال له عدي: واختلفوا في قصته، فقال بعضهم: كان لعبد الرحمن بن عوف وابتاعه منه وأعتقه.
قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: شقران مما ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه.
أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسم أبي كبشة سليم من مولدي أرض دوس، ويقال من مولدي مكة، ابتاعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه، وتوفي أول يوم استخلف فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أبو ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان مما أفاء الله على رسوله، وكان من العرب وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاباً هو في يد ولده بالإيصاء به وبأهل بيته ومن ولده: حسين بن عبد الله بن ضميرة وفد على المهدي ومعه الكتاب فوضعه على عينيه ووصله بثلاثمائة دينار.
مدعم مولى النبي صلى الله عليه وسلم: كان مدعم عبداً لرفاعة بن زيد الجذامي فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال: هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم حين قتل: إن الشملة التي غلها يوم حنين تحرق عليه في النار.
أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان أبو مويهبة مولداً من مولدي مزينة فاشتراه فأعتقه وهو الذي انطلق به إلى البقيع وقال: إني أمرت أن استغفر لهم.
النبيه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان النبيه من مولدي السراة فاشتراه صلى الله عليه وسلم وأعتقه.
فضالة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان فضالة هذا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بالشام.
خيل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومراكبه كان فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد السكب وفرس أبي بردة بن نيار يومئذ يقال له: ملاوح والمرتجز فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اشتراه من الأعرابي وشهد له خزيمة بن ثابت، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرس يقال له لزاز وفرس يقال له الضرب وفرس يقال له: اللحيف وفرس يقال له: الورد. وكانت البغلة التي أهداها إليه المقوقس يقال لها: دلدل، وبقيت إلى زمن معاوية وكان له حمار يقال له يعفور، وكان له من النوق القصواء والجدعاء والعضباء، وكانت لقاحه صلى الله عليه وسلم التي أغار عليها عيينة بن حصن بالغابة عشرين لقحة.
أحوال النبي ومغازيه
صلى الله عليه وسلم في مولده ومبعثه ومغازيه إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم
قال: وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، وبين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة، ودفعته أمه إلى آظاره من بني سعد بن بكر، فلم يزل عندهم خمس سنين ثم ردوه عليها فأخرجته أمه إلى أخواله إلى المدينة بعد سنة وتوفيت بالأبواء، وردته أم أيمن حاضنته إلى مكة بعد موت أمه، وتوفي عبد المطلب وهو ابن ثماني سنين وشهرين وخرج مع أبي طالب عمه إلى الشام في تجارة وهو ابن اثنتي عشرة، وشهد الفجار وهو ابن عشرين سنة، وخرج إلى الشام لخديجة ابنة خويلد وهو ابن خمس وعشرين سنة وتزوجها بعد ذلك بشهرين وأيام، وبنيت الكعبة ورضيت قريش بحكمه فيها وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وبعث وهو ابن أربعين سنة بعد بنيان الكعبة بخمس سنين. ورأت قريش النجوم يرمي بها بعد عشرين يوماً من مبعثه، وتوفي عمه أبو طالب وهو ابن تسع وأربعين سنة وثمانية أشهر وأيام، وتوفيت خديجة بعد أبي طالب بثلاثة أيام وخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة بعد ثلاثة أشهر من موت خديجة فأقام بها شهراً ثم رجع إلى مكة في جواره مطعم بن عدي، وأسرى به إلى بيت المقدس من بعد سنة ونصف من وقت رجوعه إلى مكة، ثم أمره الله عز وجل بالهجرة وافترض عليه الجهاد فأمر أصحابه بالهجرة فخرجوا أرسالاً وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وعبد الله بن أرقم ويقال أرقط الديلي، وخلف علياً على ودائع كانت عنده للناس حتى أداها ثم لحق به مهاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فقال في ذلك حسان بن ثابت: هكذا قال أبو اليقظان:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة * يذكر لو يلقى حبيباً مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه * فلم يرَ من يؤوي ولم يرَ داعيا
فلما أتانا واطمأنت به النوى * فأصبح مسروراً بطيبة راضيا
وأما محمد بن إسحاق فذكر أن البيت الأول لصرمة بن أبي أنس الأنصاري، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأولى فكان التاريخ من شهر ربيع الأول فرد إلى المحرم لأنه أول شهور السنة ونزل بقباء على كلثوم بن الهدم من بني عمرو بن عوف الأوسي، ثم مات كلثوم فتحول إلى سعد بن خثيمة الأوسي فأقام شهراً وأربعة أيام إلى أن تمت صلاة المقيم ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد خمسة أشهر من وقت إتمام الصلاة، ثم غزا غزاة ودان بعد ستة أشهر، ثم غزا عيراً لقريش بعد شهر وثلاثة أيام ثم غزا في طلب كرز حتى بلغ بدراً بعد عشرين يوماً ووجهت من غفار رهط أبي ذر من بطن يقال لهم بنو النار نسب الماء إليه. وقال الشعبي: بدر بئر كانت لرجل يدعى بدراً ولم ينسبه، وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلاً، وكان المسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً يعتقب النفر البعير الواحد، عدة لأنصاريين منهم مائتان وسبعون رجلاً والباقون من سائر الناس، وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض ورايته سوداء من مرط لعائشة مرحل وكانت رايته يومئذ مع علي ولواؤه مع مصعب بن عمير ولم يبق من قريش بطن إلا نفر منهم ناس من المشركين إلا بني عدي بن كعب فإنه لم يخرج منهم رجل واحد، وكان قوم من زهرة قد خرجوا، فقام الأخنس بن شريق الثقفي فيهم وكان حليفاً له، فأشار عليهم بالرجوع فرجعوا، فلم يشاهد منهم بدراً أحد، وإنما سمي الأخنس. قال أبو اليقظان: عثمان البتي الفقيه بالبصرة من مواليه صلى الله عليه وسلم.
أسماء المتخلفين عن بدر
من المهاجرين والأنصار المشهورين بالعذر أسماؤهم: عثمان بن عفان تخلف عن بدر على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه فقال عثمان: وأجري برسول الله! قال: وأجرك.
وطلحة بن عبيد الله كان بالشام فتخلف عن بدر وقدم بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له بسهمه فقال: وأجري برسول الله? قال: وأجرك.
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كان أيضاً بالشام فقدم بعدما رجع رسول الله من بدر فضرب له بسهمه فقال: وأجري برسول الله? قال: وأجرك.
وأبو لبابة والحارث بن حاطب الأنصاريان خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فردهما وأمر أبا لبابة على المدينة وضرب لهما بسهمين مع أصحاب بدر.
أسماء المطعمين من قريش
في غزاة بدر:
كان المطعمون من قريش، العباس بن عبد المطلب وعتبة بن ربيعة والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي.
وأما النجاري بن هشام وحكيم بن حزام والنضر بن الحارث بن كلدة وأبا جهل بن هشام وأمية بن خلف ومنبهاً ونبيهاً ابني الحجاج وسهل بن عمرو.
عدة من قتل ومن أسر يوم بدر
وعدة من قتل من المشركين: قتل يوم بدر خمسون رجلاً، وأسر أربعة وأربعون رجلاً، وكان فيمن أسر العباس بن عبد المطلب أسره أبو اليسر كعب بن عمرو، وعقيل بن أبي طالب وكانا خرجا مكرهين، ونوفل بن الحارث بن كلدة فقتلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء.
وروى ابن المبارك عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أنه قال: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبراً ثلاثة يوم بدر: عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي والنضر بن الحارث.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس أفد نفسك وابني أخويك عقيلاً ونوفلاً وحليفك فإنك ذو مال. فقال: يا رسول الله إني كنت مسلماً. ولكن القوم استكرهوني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك إن يكن ما تقول حقاً فالله يجزيك به، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا قال: فإنه ليس لي مال. قال: فأين المال الذي وضعته عند أم الفضل بمكة حين خرجت وليس معكما أحد ثم قلت: إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا ولعبد الله كذا? قال: والذي بعثك بالحق نبياً ما علم بهذا أحد غيرها، وإني لأعلم إنك رسول الله ففدّى نفسه بمائة أوقية وكل واحد بأربعين أوقية. هكذا قال ابن إسحاق. وقال: تركتني أسأل الناس في كفي فأسلم العباس وأمر عقيلاً فأسلم ولم يسلم من الأسارى غيرهما وقتل علي بن أبي طالب يومئذ العاص بن سعيد بن العاص والوليد بن عتبة بن ربيعة وعامر بن عبد الله حليفاً لهم من بني أنمار بن بغيض. وقتل علي أيضاً نوفل بن خويلد أخا العوام بن خويلد، واختلف في طعيمة بن عدي فقال بعضهم: قتله علي. وقال بعضهم: قتله حمزة وقال بعضهم: قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبراً وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة، وقتل حمزة بن عبد المطلب شيبة بن ربيعة والأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي، وقتل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب عتبة بن ربيعة، وقتل الزبير بن العوام عبيدة بن سعيد بن العاص، وقتل عمرو بم الجموح الأنصاري أبا جهل بن هشام ضربه بالسيف على رجله فقطعها وذفف عليه عبد الله بن مسعود، وقتل عمار بن ياسر علي بن أمية بن خلف، وسائر من قتل لا يعرف قاتلهم من الأنصار. واستشهد من المسلمين يوم بدر أربعة عشر رجلاً منهم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قاتل عتبة ومهجع مولى عمرو ذو الشمالين وعمير بن أبي وقاص أخو سعد، وغافل بن البكير يقال له غافل، وعاقل وصفوان بن البيضاء، والباقون من الأنصار. وكانت بدر في شهر رمضان سنة اثنتين لسبع عشرة ليلة خلت منه، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وتوفيت رقية ابنته، وابتنى علي بفاطمة بعد وفاة رقية بستة عشر يوماً، وتزوج عثمان ابنته أم كلثوم وابتنى بها بعد ابتناء علي بفاطمة بخمسة اشهر ونصف، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بعد ذلك بشهرين، وتزوج زينب ابنة خزيمة بعدها بعشرين يوماً، وولد الحسن بن علي بعد ذلك بخمسة أيام. هذا في بعض الروايات وإن كان صحيحاً فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض والحسن ابن سبع سنين. وفي رواية ابن إسحاق فيما أحسب أنها ولدت الحسن سنة ست بعد خيبر.
فأما الحسين فإنه ولد بعد الحسن بعشرة أشهر واثنين وعشرين يوماً، وأرضعته وهي حامل ثم أرضعتهما جميعاً.
قال ابن إسحاق: وكانت غزاة أحد سنة ثلاث. قال: ولما سارت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، حتى نزل بيوت بني حارثة فأقاموا بقية يومهم وليلتهم ثم خرج من غد في ألف رجل من أصحابه، فلما كانوا ببعض الطريق انخذل عنهم عبد الله بن أبي سلول بثلث الناس، وقالوا: والله ما ندري علام نقتل أنفسنا! وهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع؛ ثم عصمهم الله عز وجل، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذب فرس بذنبه فأصاب ذؤاب سيف فاستله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب السيف، وكان يحب الفأل ولا يعلف: شم سيفك، فإني أرى السيوف ستسل اليوم.وكانت قريش يومئذ ثلاثة آلاف، وث3 صلى الله عليه وسلم في سبعمائة، فظاهر يومئذ بين درعين وأخذ سيفاً فهزه وقال: من يأخذ بحقه? فقال عمر: أنا فأعرض عنه، وقال الزبير أنا فأعرض عنه، فوجدا في أنفسهما. فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فأعطاه إياه وكان على الرماة يومئذ عبد الله بن جبير أخو خوات بن جبير صاحب ذات النحيين وكانت الدائرة على المشركين حتى خالفت الرماة ما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثبوت بموضعها ومالت إلى الغنائم فأصيب المسلمون وانهزم منهم من انهزم.
عدة من استشهد من المسلمين يوم أحد
استشهد من المهاجرين يوم أحد أربعة نفر: حمزة بن عبد المطلب وعبد الله بن جحش ومصعب بن عمير وشماس بن عثمان بن الشريد، واستشهد من الأنصار أحد وسبعون رجلاً.
عدة من قتل من المشركين يوم أحد
قتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار مبارزة، وكان صاحب لواء المشركين، وأبا حكم بن الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، وأبا أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة. وقتل حمزة عثمان بن أبي طلحة وسباع بن عبد العزّى. وقتل سعد بن أبي وقاص أبا سعد بن أبي طلحة. وقتل عاصم بن ثابت مسافع بن طلحة وكلاب بن طلحة والجلاس بن طلحة والحارث بن طلحة، هذا قول بعضهم.
وأما قول ابن إسحاق فإنه ذكر أن الجلاس والحارث قتلهما قزمان حليف بني ظفر. قال: وقتل قزمان يومئذ أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وغلاماً له حبشياً يقال له صوات، والقاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وهشام بن أبي أمية بن المغيرة، والوليد بن العاص بن هشام وخالد بن الأعلم، وعبيدة بن جابر، وشيبة بن مالك بن المضرب. وكان قزمان هذا منافقاً وهو القائل: "والله إني قاتلت الأحدبا على قومي" وجرح، فاشتد به جراحه فقتل نفسه وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر. وقتل عبد الرحمن بن عوف أسيد بن أبي طلحة فكان من قتل في هذا اليوم من بني عبد الدار عشرة نفر ومولى لهم، ولم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم من بني الدار بن قصي إلا مصعب بن عمير، واستشهد في هذا اليوم، وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال أن هذه الآية نزلت في عبد الدار: "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" الأنفال: 22.
وكان يوم الخندق سنة أربع، ويم بني المصطلق ويوم بني لحيان في شعبان سنة خمس، ويوم خيبر في سنة ست، وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة، وفيه قدم عليه جعفر بن أبي طالب من عند النجاشي، وفيها صالحه أهل فدك على النصف من ثمارهم فكانت له، خاصة لأنه لم يوجف عليها المسلمون، وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمراً فصده المشركون، وكان ساق معه من الهدي سبعين بدنة، فعكفوه عن أن يبلغ محله فبايع المسلمون تحت الشجرة بيعة الرضوان، وكان الناس سبعمائة.
قال: حدثنا زيد بن أخرم، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا قرة بن خالد عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كانوا في بيعة الرضوان? قال: خمس عشرة مائة، قال: قلت فإن جابر بن عبد الله هو الذي حدثني أنهم كانوا أربعة عشرة مائة. قال: أوهم رحمه الله هو الذي حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
وكان أول من بايع عبد الله بن عمر، وكانت البيعة بسبب عثمان رضي الله عنه، وذلك أنه بعثه إلى مكة ليخبر قريشاً أنه لم يأت لحرب، فاحتبسته قريش عندها، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قتل، فدعا الناس إلى البيعة على مناجزة القوم. ثم بلغه أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة في سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة. وقال: إن أصيب زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب على الناس. فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس. وكانوا ثلاثة آلاف، فقتل زيد بن حارثة وجعفر وعبيد الله بن رواحة وقام بأمر الناس خالد بن الوليد فحاشى بهم يعني: اتقى بهم.
وفي سنة ثمان ولد له صلى الله عليه وسلم إبراهيم ومات النجاشي وماتت أم كلثوم بنته. وفي سنة ثمان فتح الله عليه مكة في شهر رمضان فأقام بها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة ثم سار إلى حنين في سنة ثمان في شوال واستخلف على مكة عتاب بن أسيد وحج بالناس على منازلهم ومن الشرك. ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع هوازن بحنين للنصف من شوال فهزمهم الله عز وجل ونفله أموالهم ونساءهم، وكان الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعد هزيمة الناس علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، أخذ بحكمة بغلته، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه والفضل بن العباس بن عبد المطلب وأيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته وقتل يومئذ، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأسامة بن زيد بن حارثة. وقال العباس بن عبد المطلب:
نصرنا رسول الله في الحرب سبعة * وقد فر من فر منهم فأقشعوا
وثامننا لاقى الحمام بسيفه * بما مسه في الله لا يتوجع
يعني أيمن بن عبيدة. ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حنين إلى الطائف فحاصرهم شهراً ثم انصرف ولم يفتحها، فاعتمر في الجعرانة في ذي القعدة ثم انصرف راجعاً إلى المدينة فدخلها وأقام بها إلى رجب سنة تسع، ثم سار إلى أرض الروم فكان أقصى أثره تبوك فأقام بها وبنى مسجداً، وهو بها إلى اليوم، وفتح الله عليه في سفره ذلك دومة الجندل بعث إليها خالد بن الوليد فأتاه باكيدر صاحبه فصالحه على الجزية، ثم قدم المدينة فأقام إلى حضور الموسم سنة تسع، فبعث أبا بكر أميراً على الحاج فأقام للناس حجهم وهي أول حجة كانت في الإسلام، وأنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم براءة بعد أن سار أبو بكر فبعث بها مع علي بن أبي طالب وأمره أن يقوم بها في الناس إذ فرغ أبو بكر من الحج، ثم صدر علي وأبو بكر رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودخل سنة عشر فأقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وجاءته وفود العرب من كل وجه، وبعث رسله إلى ملوك الأرض ودخل الناس في الإسلام أفواجاً وأنزلت عليه: "إذا جاء نصر الله والفتح" النصر: 1 " فعلم أنه قد نعى إليه نفسه، فلما حضر الموسم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس ليال بقين من ذي الحجة فأقام للناس حجهم ثم صدر إلى المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة من سنة عشر والمحرم وصفر واثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة، ثم قبضه الله عز وجل صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وكان مقامه إلى أن قبض عشر سنين كوامل وقد بلغ من السنين ثلاثاً وستين سنة.
ويقال إنه ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ودفن ليلة الأربعاء في حجرة عائشة وفيها قبض، ودخل العباس بن عبد المطلب القبر وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس بن عبد المطلب، ويقال أيضاً: دخل معه قثم بن العباس. وقالت بنو زهرة: نحن أخواله فأدخلوا منا رجلاً، فأدخلوا عبد الرحمن بن عوف. ويقال: دخل معهم أسامة بن زيد. وقال المغيرة بن سعيد: أنا أقربكم عهداً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه ألقى خاتمه في القبر فاستخرجه.
قال: حدثني زيد بن أخرم. قال: حدثنا عثمان بن فرقد قال: سمعت جعفر بن محمد يحدث عن أبيه. قال: الذي لحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة، والذي ألقى القطيفة تحته شقران.
قال: وقال جعفر: أخبرني ابن أبي رافع، قال: سمعت شقران يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر.
أخبار الصحابة
أخبار أبو بكر الصديق
رضي الله تعالى عنه
قال أبو محمد: اسم أبي بكر عبد الله واسم أبي قحافة أبيه عثمان، وكان اسم أبي بكر في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ولقبه عتيقاً لجمال وجهه. ويقال: سمي عتيقاً لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أنت عتيق من النار. وسمي صديقاً لتصديقه خبر الإسراء، فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وينسب أبو بكر إلى تيم قريش فيقال: التيمي وهو في التعدد مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يلتقي هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند مرة بن كعب، وبين كل واحد منهما وبين مرة ستة آباء.
أبو أبي بكر وأمه: قالوا: أسلم أبو قحافة يوم فتح مكة وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه ثغامة، فأمرهم أن يغيروه وبايعه وأتى المدينة وبقي حتى أدرك خلافة أبي بكر، ومات أبو بكر قبله وورثه أبو قحافة السدس، فرده على ولد أبي بكر. وكانت وفاته سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وله يوم قبض سبع وتسعون سنة. وأم أبي بكر سلمى ابنة صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وهي بنت عم أبي قحافة وتكنى أم الخير، وولد أبو قحافة أبا بكر وأم فروة وقريبة، فأما أم فروة فتزوجها رجل من الأزد فولدت له جارية ثم تزوجها تميم الداري ثم تزوجها الأشعث بن قيس، وأما قريبة فكانت عند سعد بن عبادة.
إسلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه والاختلاف في ذلك: قال ابن إسحاق: كان أول من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به من أصحابه علي بن أبي طالب وهو ابن تسع سنين، ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر بن أبي قحافة، ثم أسلم رهط من المسلمين منهم: عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله.
قال: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثني نوح بن قيس، قال: حدثنا سليمان أبو فاطمة عن معاذة بنت عبد الله العدوية، قالت: سمعت علي بن أبي طالب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر.
قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت حية العرني يقول: سمعت علياً يقول: أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وحدثني أبو الخطاب قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا الجريري، قال: سمعت أبا نضرة يقول: قال أبو بكر في الخلافة: ومن أحق بها مني ألست أول من أسلم? حلية أبي بكر: وصفته عائشة رضي الله عنها، قالت: كان أبيض نحيفاً خفيف العارضين أجنأ لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه معروق الوجه غائر العينين ناتئ الجبهة عاري الأشاجع يعني الأصابع، وقالت أيضاً: كان يصبغ بالحناء والكتم.
بيعة أبي بكر وخلافته ووفاته
وبويع أبو بكر في اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ثم بويع بيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم، وارتدّت العرب إلا القليل منهم بمنع الزكاة فجاهدهم حتى استقاموا، وبعث عمر بن الخطاب فحج بالناس سنة إحدى عشرة وفتح اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب والأسود بن كعب العنسي بصنعاء، وحج أبو بكر بالناس سنة اثنتي عشرة ثم صدر إلى المدينة فبعث الجيوش إلى الشام فكانت أجنادين سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى.
واختلفوا في مرضه الذي مات فيه، وفي اليوم الذي مات فيه. قال أبو اليقظان عن سلام بن أبي مطيع: إنه سُمَّ فمات يوم الاثنين في آخره.
وقال غيره: كان سبب موته أنه اغتسل في يوم بارد فحُمَّ ومرض خمسة عشر يوماً وكان عمر يصلي بالناس حين ثقل.
وقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وتسع ليال، وكان أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس امرأته، فلما مات حمل على السرير الذي كان ينام عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو سرير عائشة رضي الله تعالى عنها، وهو من خشبتي ساج منسوج بالليف، وبيع في ميراث عائشة، فاشتراه رجل من موالي معاوية بأربعة آلاف درهم فجعله للناس.
قال أبو محمد: وهو بالمدينة وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في حفرته عمر وطلحة وعثمان وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم، ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، وكان قال لعائشة: انظري يا بنية ما زاد في مال أبي بكر منذ ولينا هذا الأمر، فرديه على المسلمين فوالله ما نلنا من أموالهم إلا ما أكلنا من جريش طعامهم ولبسنا على ظهورنا من خشن ثيابهم، فنظرت فإذا بكر وجرد قطيفة لا يساوي خمسة دراهم وخشية، فلما جاء به الرسول إلى عمر قال له عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين! أتسلب هذه ولد أبي بكر? فقال: كلا ورب الكعبة ر يتأثم بها أبو بكر في حياته وأتحملها من بعد موته، رحم الله أبا بكر لقد كلف من بعده تعبا!
سن أبي بكر
رضي الله عنه اتفقوا على أن عمره ثلاث وستون سنة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر بمقدار سني خلافته.
قال: حدثني محمد بن زياد، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك، قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مردفاً أبا بكر شيخاً يعرف، ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر من هذا الذي بين يديك? فيقول: يهديني السبيل فيحسب الحاسب أن يهديه الطريق وإنما يعني سبيل الخير. وهذا الحديث يدل على أن أبا بكر كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدة طويلة، والمعروف عند أهل الأخبار ما حكيناه أولاً.
ولد أبي بكر لصلبه وأعقابهم رضي الله تعالى عنهم:
ولد أبي بكر
عبد الله بن أبي بكر وأسماء أمهما قتيلة من بني عامر بن لؤي وعبد الرحمن وعائشة أمهما أم رومان بنت الحارث بن سخبرة فولدت له الطفيل بن الحارث، فقدم أبو الطفيل من السراة فحالف أبا بكر ومعه امرأته أم رومان، ثم مات فتزوجها أبو بكر فكان الطفيل أخا عائشة لأمها، ومحمد أمه أسماء بنت عميس، وئام كلثوم أمها بنت زيد بن خارجة من الأنصار.
فأما عبد الله بن أبي بكر: فإنه شهد يوم الطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج وبقي إلى خلافة أبيه وهلك في خلافته وترك سبعة دنانير فاستكثرها أبو بكر، وولد عبد الله إسماعيل فهلك ولا عقب لعبد الله.
وأما أسماء: فهي ذات النطاقين وتزوجها الزبير بمكة فولدت له عدة فطلقها، فكانت مع عبد الله ابنها بمكة حتى قتل وبقيت مائة سنة حتى عميت وماتت بمكة. وأما عائشة: فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا قصتها في قصص أزواجه.
وأما عبد الرحمن بن أبي بكر: فشهد يوم بدر مع المشركين ثم أسلم وحسن إسلامه ومات فجأة سنة ثلاث وخمسين بحبل يقرب من مكة فأدخلته عائشة الحرم ودفنته وأعتقت عنه، وكان شهد الجمل معها ويكنى أبا عبد الله، فولد عبد الرحمن محمداً وعبد الله وحفصة.
فأما عبد الله بن عبد الرحمن فولد طلحة أمه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر، وكان طلحة جواداً فولد طلحة محمداً وكان عاملاً على مكة، ولطلحة عقب كثير وهم ينزلون بالقرب من المدينة فكانت عائشة بنت محمد بن طلحة عند سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس.
وأما محمد بن عبد الرحمن: فولد عبد الله بن محمد وله عقب يقال لهم آل أبي عتيق من بين ولد أبي بكر، وذلك أن عدة من ولد أبي بكر تفاضلوا، فقال أحدهم: أنا ابن الصديق، وقال آخر: أنا ابن صاحب الغار، وقال محمد بن عبد الرحمن: أنا ابن أبي عتيق. فنسب إلى ذلك هو وولده إلى اليوم.
وأما محمد بن أبي بكر: فكان يكنى أبا القاسم، وكان من نساك قريش، وكان فيمن أعان على قتل عثمان، ثم ولاه علي بن أبي طالب مصر فقاتله صاحب معاوية هناك وظفر به فقتله، فولد محمد بن أبي بكر القاسم بن محمد لأم ولد وكان فقيهاً بالحجاز فاضلاً، وتوفي بقديد سنة ثمان ومائة فولد القاسم بن محمد عبد الرحمن بن القاسم وأم فروة.
فأما أم فروة فتزوجها محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وأما عبد الرحمن فكان من أفضل قريش ويكنى أبا محمد وله عقب بالمدينة وليسوا بالكثير.
وأما أم كلثوم بنت أبي بكر: فخطبها عمر بن الخطاب إلى عائشة فأنعمت له وكرهت أم كلثوم فاحتالت له حتى أمسك عنها وتزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له زكريا وعائشة، ثم قتل عنها فتزوجها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
موالي أبي بكر وولده بلال
وهو بلال بن رباح وأمه حمامة، وكان من مولدي مكة لرجل من بني جمح فأسر فاشتراه أبو بكر بخمس أواق فأعتقه، وكان يعذب في الله وشهد بلال بدراً والمشاهد كلها وهو أول من أذّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى أبا بكر فاستأذنه إلى الشام فأذن له، فلم يزل مقيماً بها ولم يؤذن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عمر إلى الشام لقيه فأمره فأذن فبكى عمر والمسلمون، فكان ديوانه في خثعم، فليس بالشام حبشي إلا وديوانه في خثعم وهلك هناك. قال الواقدي: كان بلال من مولدي السراة فيما بين اليمن والطائف ويكنى أبا عبد الله، وكان رجلاً شديد الأدمة نحيفاً طوالاً أحنى، له شعر كثير خفيف العارضين به شمط كثير، وكان لا يغير شيبه، فمات بدمشق سنة عشرين وهو ابن بضع وستين سنة.
عامر بن فهيرة: قال: ومن موالي أبي بكر عامر بن فهيرة، وكان للطفيل بن الحارث أخي عائشة لأمها أم رومان، وأسلم عامر فاشتراه أبو بكر فأعتقه، وكان ممن يعذب في الله.
قال أبو محمد: حدثنا غير واحد، منهم الرياشي، أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله بلال وعامر بن فهيرة وزبير وأم عنبس وجارية من بني عمر بن مؤمل والنهدية وابنتها، وكان عامر بن فهيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة يخدمه وشهد يوم بدر وبئر معونة فاستشهد يومئذ.
صفية: ومن موالي أبي بكر صفية وهي أم محمد بن سيرين.
أبو نافع: ومن موالي أبي بكر أبو نافع مولى عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان مكثراً من المال وإياه يعني بهذا القول "بخت أبي نافع" وكان ينزل البصرة وله بها دار مشهورة وفيه يقول ابن مفرغ الحميري:
سقى الله أرضاً لي وداراً تركتها * إلى جنب داري معقل بن يسار
أبو نافع جار لها وابن برثن * فيالك جاري ذلة وصغار
قال أبو محمد: وابن برثن مولى لبنى ضبيعة، فقتل لأبي نافع: إنه هجاك. قال: فإذا هجاني أموت أو يموت ابني طلحة. قالوا: لا. قال: فلا أبالي.
مرة بن أبي عثمان: قال: ومن موالي أبي بكر: مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر، وكانت عائشة رضي الله عنها كتبت إلى زياد بن أبي سفيان بالوصاة فسر بكتابها وأكرمه وأقطعه نهر مرة بالبصرة، وإليه ينسب ذلك النهر، وله عقب بالبصرة.
سليمان بن بلال: ومن موالي القاسم بن محمد سليمان بن بلال وكان بربرياً جميلاً وولي خراج المدينة وحمل عنه الحديث، وتوفي بالمدينة سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة مروان.
أخبار عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنه هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن قرط بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وينسب عمر إلى عدي فيقال العدوي.
أبو عمر وأمه وأخوه زيد وأمه: كان الخطاب بن نفيل من رجال قريش وأمه امرأة من فهم، وكانت تحت نفيل فتزوجها عمرو بن نفيل بعد أبيه فولدت له زيداً وأمه أم الخطاب، وزيد هو أبو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فولد الخطاب زيد بن الخطاب وعمر بن الخطاب.
فأما زيد بن الخطاب: فأمه أسماء من بني أسد بن خزيمة فكان إسلامه قبل إسلام عمر وشهد بدراً، وكان بينه وبين عمر درع فجعل كل واحد منهما يقول: والله لا يلبسها غيرك. ثم شهد يوم أحد فصبر في أربعة أنفس ولم يهرب فيمن هرب، وشهد يوم مسيلمة سنة اثنتي عشرة فقتل، ويقال إن قاتله أبو مريم الحنفي ويقال بل قتله سلمة أخو أبي مريم، وكان زيد يكنى أبا عبد الرحمن فولد زيد عبد الرحمن وأمه بنت أبي لبابة الأنصاري وأسماء.
فأما أسماء فتزوجها عبيد الله بن عمر فقتل عنها.
وأما عبد الرحمن فولد عبد الحميد بن عبد الرحمن وكان أعرج. وعبد الله وأمه فاطمة ابنة عمر بن الخطاب. وكان عبد الحميد عاملاً لعمر بن عبد العزيز وولده إبراهيم وعبد الملك وعبد الكبير وعمر وزيد وعبد العزيز ومحمد.
فأما إبراهيم فولد إسحاق الذي يعرف بالخطابي وولده بالبصرة لهم أقدار وعدد، وكان الباقون من ولد عبد الحميد يلون الولايات.
وأما عمر بن الخطاب: فيكنى أبا حفص وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومي. وكان يدعى الفاروق لأنه أعلن بالإسلام ونادى به والناس يخفونه، ففرق بين الحق والباطل. وكان المسلمون يوم أسلم تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة بمكة فكلمهم عمر أربعين. وقال ابن مسعود ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
حلية عمر
رضي الله عنه: قال أبو محمد اختلفوا في لونه، فروى بعض الحجازيين أنه كان أبيض أمهق طوالاً أصلع تعلوه حمرة. وروى الكوفيون أنه كان آدم شديد الأدمة وإنه كان يصفر لحيته بالحناء، وروى من غير وجه أنه كان أعسر يسراً، وهو الذي يعتمل بيديه جميعاً وهو الأضبط. قال: حدثني سهل بن محمد، قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب أن عمر كان أروح كأنه راكب والناس يمشون وكأنه من رجال بني سدوس والأرواح الذي يتدانى عقباه إذا مشى.
خلافة عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: قال أبو محمد: وعهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستخلفه بعده، ففتح الله عليه في سني ولايته بيت المقدس ودمشق صلحاً على يد خالد بن الوليد وميسان ودست ميسان وأبو قباذ واليرموك، ثم كانت وقعة جلولاء سنة تسع عشرة وأميرها سعد بن أبي وقاص، وفيها كانت قيسارية وأميرها معاوية بن أبي سفيان. ثم كانت وقعة باب اليون سنة عشرين وأميرها عمرو بن العاص، وكانت وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين وأميرها النعمان بن مقرن المزني، وكانت أرجان من الأهواز سنة اثنتين وعشرين وأميرها المغيرة بن شعبة وكانت اصطخر الأولى وهمذان سنة ثلاث وعشرين.
فأما الرمادة من طاعون عمواس فكان سنة ثماني عشرة، وحج عمر بالناس عشر سنين متواليه ثم صدر إلى المدينة فقتله فيروز أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة يوم الاثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة تتمة سنة ثلاثة وعشرين سنة. قال الواقدي: طعن يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة ومكث ثلاثاً ثم توفي لأربع بقين وصلى عليه صهيب وقبر في حجرة عائشة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنهما. قال ابن إسحاق: كانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال.
سن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: واختلفوا في سنه، فقال ابن إسحاق: قبض وهو ابن خمس وخمسين سنة وهو قول أبي اليقظان، وذكر الواقدي عن قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد: توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولا أرى هذا إلا غلطاً، والقول هو الأول. وحدثني زيد بن أخرم، قال: حدثنا أبو قتيبة عن جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قتل عمر بن الخطاب وهو ابن خمس وخمسين سنة.
ولد عمر بن الخطاب
لصلبه وأعقابهم: وولد عمر بن الخطاب عبد الله وحفصة أمهما زينب بنت مظعون، وعبيد الله وأمه مليكة بنت جرول الخزاعية، وعاصماً وأمه جميلة بنت عاصم بن ثابت حمى الدبر، وفاطمة وزيداً وأمهما أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال إن اسم بنت أم كلثوم من عمر رقية، وإن عمر زوّجها إبراهيم بن نعيم النجام فماتت عنده ولم تترك ولداً، ومجبراً واسمه عبد الرحمن، وأبا شحمة واسمه أيضاً عبد الرحمن وفاطمة وبنات أخر.
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فأما عبد الله بن عمر فكان يكنى أبا عبد الرحمن وأسلم مع إسلامه أبيه بمكة وهو صغير، وشهد المشاهد بعد يوم بدر وأحد، وبقي إلى زمن عبد الملك. قال أبو اليقظان: فيزعمون أن الحجاج دس له رجلاً فسمّ، زج رمحه فرجمه في الطريق وطعنه في ظهر قدمه، فدخل الحجاج عليه فقال: يا أبا عبد الرحمن! من أصابك? قال: أنت أصبتني. قال: لمَ تقول هذا رحمك الله? قال: حملت السلاح في بلد لم يكن يحمل فيه السلاح فمات. فصلى عليه عند الردم ودفن في حائط حرماز وقال غير أبي اليقظان: مات بمكة ودفن بفخ وهو ابن أربع وثمانين سنة، وكان يصفر لحيته، وهو آخر من مات بمكة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
ولد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فولد عبد الله بن عمر عبد الله وأمه صفية بنت أبي عبيد أخت المختار وسالماً وأمه أم ولد وعاصماً وحمزة وبلالاً وواقداً وبنات كانت واحدة منهن عند عمرو بن عثمان بن عفان وأخرى منهن عند عروة بن الزبير.
فأما عبد الله بن عبد الله بن عمر فكان من رجالات قريش، وكان وصي أبيه وله عقب بالمدينة منهم: عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر كان على كرمان للمهدي، ثم استعمله موسى على المدينة. ومنهم: عبد الله بن عبد العزيز وكان من أزهد الناس وأعبدهم وأفضلهم وهلك في بادية بقرب المدينة.
وأما سالم بن عبد الله فكان يكنى أبا عمر وكان من خيار الناس وفقهائهم وكان أبوه يلام في حبه فيقول:
يلومونني في سالم وألومهم * وجلدة بين العين والأنف سالم
قال الواقدي: كان سالم يكنى أبا المنذر وهلك بالمدينة سنة ست ومائة وصلى عليه هشام بن عبد الملك.
وأما عاصم بن عبد الله بن عمر فولد محمداً وله عقب بالكوفة.
وأما واقد بن عبد الله بن عمر فوقع من بعير وهو محرم فهلك، فولد واقد عبد الله بن واقد، وكان من رجال قريش وفيه يقول الشاعر:
أحب من النسوان كل خريدة * لها حسن عباد وجسم ابن واقد
يعني عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير.
وأما بلال بن عبد الله بن عمر فكان أشج وكان عبد الله بن عمر يقول له يا بلال! أترجو أن تكون أشج بني عمر? فهلك وهو صغير لا عقب له.
عبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما عبيد الله بن عمر بن الخطاب فكان شديد البطش، فلما قتل عمر جرد سيفه فقتل بنت أبي لؤلؤة وقتل الهرمزان وجفينة رجلاً أعجمياً. وقال: لا أدع أعجمياً إلا قتلته. فأراد علي قتله بمن قتل فهرب إلى معاوية، وشهد معه صفين فقتل. وولد عبيد الله بن عمر أبا بكر وعثمان وأم عيسى وغيرهم فولد أبو بكر أم سلمة وكانت تحت الحجاج وولد عثمان أم عثمان وكانت تحت عمر بن عبد العزيز.
عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما عاصم بن عمر بن الخطاب فكان فاضلاً خيراً وتوفي سنة سبعين قبل قتل عبد الله بن الزبير ورثاه أخوه عبد الله فقال شعراً فيه:
فليت المنايا كن خلّفن عاصماً * فعشنا جميعاً أو ذهبن بنا معا
وولد عاصم حفصا وعمر وحفصة وأم عاصم وأم مسكين.
فأما أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز وماتت عنده فتزوج أختها حفصة فلها يقال ليست حفصة من رجال أم عاصم.
وأما أم مسكين فتزوجها يزيد بن معاوية وطلقها فخلف عليها عبيد الله بن زياد.
وأما حفص بن عاصم فولد عمر وأم عاصم، وولد عمر بن حفص. عبيد الله بن عمر العمري الذي يروي عنه الحديث.
أبو شحمة بن عمر بن الخطاب: وأما أبو شحمة بن عمر بن الخطاب فضربه عمر الحد في الشراب وفي أمر آخر فمات ولا عقب له.
زيد بن عمر بن الخطاب: وأما زيد بن عمر بن الخطاب فرمي بحجر في حرب كانت بين بني عويج وبين بني رزاح فمات ولا عقب له، ويقال إنه مات وأمه أم كلثوم في ساعة واحدة فلم يرث واحد منهما من صاحبه، وصلى عليهما عبد الله بن عمر فقدم زيداً وأخّر أم كلثوم فجرت السنة بتقديم الرجال.
مجير بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما مجير بن عمر بن الخطاب فكان له ولد ثم بادوا ولم يبق منهم أحد.
موالي عمر بن الخطاب
ومن موالي عمر بن الخطاب مالك الدار، وكان عمر ولاه داراً وكان يقسم بين الناس فيها شيئاً وأم ولده حبي، وكانت قد أرضعت عثمان بن عفان وكانت مليحة فقال لها عثمان إني أريد أن أقطعك، فأيما أحب إليك خمس من خمسة أخماس أو سدس من ستة أسداس? فقالت: سدس فأقطعها فانتمى مالك الدار إلى اليمن.
ومن موالي مالك الدار ذكوان عظيم القدر قد ولي بعض الأعمال وهو الذي سار من مكة إلى المدينة في يوم وليلة.
ومن موالي عمر بن الخطاب رضي الله عنه مهجع مولى عمر قتل يوم بدر.
ومن مواليه: أسلم مولى عمر بن الخطاب: قال سعيد بن المسيب أسلم حبشي بجاوي وكان يكنى أبا زيد واشتراه عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة، وفي تلك السنة قدم بالأشعث بن قيس على أبي بكر في الحديد قال أسلم فسمعته يكلم أبا بكر وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان وهو كثير الرواية عن عمر وابنه زيد بن أسلم كثير الرواية عن أبيه.
نافع مولى عبد الله بن عمر: كان نافع يكنى أبا عبد الله وكان من أهل آبر شهر أصابه عبد الله بن عمر في غزاته وكان له من الولد أبو بكر وعبد الله وعمر وقد روى عنهم.
هنى مولى عمر بن الخطاب: وكان هنى مولى لعمر وهو الذي روى أن أبا بكر لم يحم شيئاً من الأرض إلا البقيع وهو مرج حماه للخيل التي يغزى عليها.
ومن موالي عمر: المبارك بن فضالة بن أبي أمية كان جده أبو أمية مكاتبا لعمر واسمه عبد الرحمن وحمل عن المبارك حديثاً كثيراً. وتوفي سنة خمس وستين ومائة وللمبارك أخوان روى عنهما المفضل بن فضالة وعبد الرحمن بن فضالة.
أخبار عثمان بن عفان
رضي الله عنه
نسب عثمان
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ويكنى أبا عمرو وأبا عبد الله وأبا ليلى.
أبو عثمان وأمه
وكان عفان خرج إلى الشام في تجارة فمات هناك ويقال: إنه قتل بالغميصاء مع الفاكه بن المغيرة، وولد عفان عثمان وآمنة وأرنب، أمهم أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب فأم عثمان بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حلية عثمان وأخباره رضي الله عنه: قال الواقدي: كان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل بل حسن الوجه رقيق البشرة كثير اللحية عظيمها أسمر اللون كثير الرأس، وكان يشد أسنانه بالذهب، وزاد غيره: كان أصلع أقنى له جمة أسفل من أذنيه، ولكثرة شعر رأسه ولحيته كان أعداؤه يسمونه عثولا وزوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم وكان محبباً في قريش قال قائلهم: أحبك والرحمن
حب قريش عثمان
إذ دعا بالميزان"
وهو من المهاجرين الأولين: وكان تزوج رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فهاجر بها إلى أرض الحبشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهما لأول من هاجر إلى الله عز وجل بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام ثم هاجر إلى المدينة فله هجرتان واشترى بئر رومة وكانت ركية ليهودي يبيع ماءها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم وله بها مشرب في الجنة. فأتى عثمان اليهودي فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين، فقال عثمان: إن شئت فلي يوم ولك يوم، وإن شئت جعلت على نصيبي قربتين، قال بل يوم لي ولك يوم، فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى ذلك اليهودي قال لعثمان: أفسدت على ركيتي فاشتر النصف الآخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيدنا في مسجدنا? فاشترى عثمان موضع خمس سوار فزاده في المسجد وجهز عثمان جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيراً وأتمها ألفاً بخمسين فرساً، ولم يشهد يوم بدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم خلفه على رقية ابنته، وكانت ابنته وكانت تقيلة فماتت ودفنها وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، ولم يشهد بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث به إلى مكة يخبرهم أنه لم يأت لقتال، فبايع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، شهد يوم أحد فانهزم ومضى إلى الغابة مسيرة ثلاثة أيام، ففيه وفي أصحابه نزلت: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم" آل عمران: 155 ".
خلافة عثمان بن عفان
رضي الله عنه: وبويع عثمان غرة المحرم سنة أربع وعشرين وهو يومئذ ابن تسع وستين سنة، فكانت أول غزاة غزيت الري في خلافته وأمير الجيوش أبو موسى الأشعري، ثم الإسكندرية، ثم سابور، ثم أفريقية، ثم قبرس، ثم سواحل بحر الروم واصطخر الآخرة، وفارس الأولى، ثم جور وفارس الآخرة، ثم طبرستان ودار بجرد وكرمان وسجستان، ثم الأساورة في البحر، ثم أفريقية ثم حصون قبرس، ثم ساحل الأردن، ثم كانت مرو على يد عبد الله بن عامر سنة أربع وثلاثين، ثم حصر عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكان مما نقموا على عثمان أنه آوى الحكم بن أبي العاص وأعطاه مائة ألف درهم، وقد سيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤوه أبو بكر ولا عمر. قالوا: وتصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهزور موضع سوق المدينة على المسلمين فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان، وأقع فدك مروان، وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتتح أفريقية فأخذ الخمس فوهبه كله لمروان، فقال عبد الرحمن بن حنبل الجمحي وكان عثمان سيره:
أحلف بالله رب الأنام * ما ترك الله شيئاً سدى
ولكن خلقت لنا فتنة * لكي نبتلى بك أو تبتلى
فإن الأمينين قد بينا * منا الطريق عليه الهدى
فما أخذا درهما غيلة * وما جعلا درهماً في الهوى
وأعطيت مروان خمس العبا * د فهيهات شأوك ممن سعى
وطلب إليه عبد بن خالد بن أسد صلة فأعطاه أربعمائة ألف درهم، وسير أبا ذر إلى الربذة، وسير عامر بن عبد القيس من البصرة إلى الشام، فسار إليه قوم من أهل مصر فيهم محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة في جند، وكنانة بن بشر التجيبي في جند، وابن عديس البلوي في جند، ومن أهل البصرة حكيم بن جبلة العبدي وسدوس بن عبيس الشني ونفر من أهل الكوفة منهم الأشتر بن الحارث النخعي فاستعتبوه فأعتبهم وأرضاهم، ثم وجدا بعد أن انصرفوا يريدون مصر كتاباً من عثمان عليه خاتمه إلى أمير مصر إذا أتاك القوم فاضرب رقابهم فعادوا به إلى عثمان فحلف لهم أنه لم يأمر ولم يعلم. قالوا: إن هذا عليك شديد يؤخذ خاتمك بغير علمك وداخلتك فإن كنت قد غلبت على أمرك فاعتزل، فأبى أن يعتزل وأن يقاتلهم ونهى عن ذلك وأغلق بابه فحوصر أكثر من عشرين يوماً وهو في الدار في ستمائة رجل، ثم دخلوا عليه من دار بني حزم الأنصاري فضربه نيار بن عياض الأسلمي بمشقص في وجهه فسال الدم على المصحف في حجره ثم أخذ محمد بن أبي بكر بلحيته فقال: دع لحيتي، وكان قتله في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وأقام للناس الحج تلك السنة عبد الله بن العباس وصلى بالناس علي بن أبي طالب بالمدينة وخطبهم، وكان عثمان حج بالناس عشر سنين متوالية واختلفوا في يوم قتله. قال ابن إسحاق: يوم الأربعاء بعد العصر، ودفن يوم السبت قبل الظهر. وقال الواقدي: قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة، وقال: هذا ما لا اختلاف فيه، ودفن بالبقيع ليلاً وصلى عليه جبير بن مطعم وأخفوا قبره، قال أبو اليقظان قتل يوم الجمعة سنة خمس وثلاثين ودفن بأرض يقال لها حش كوكب رجل من الأنصار.
وجدت الشعراء يذكرون أنه قتل يوم الأضحى قال الفرزدق:
عثمان إذ قتلوه وانتهكوا * دمه صبيحة ليلة النحر
وقال آخر:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به * يقطّع الليل تسبيحاً وقرآنا
وقال أيمن بن خريم:
تعاقدوا يذبحوا عثمان ضاحية * فأي ذبح حرام ويحهم ذبحوا
ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ولم * يخشوا على مطمح الكفر الذي طمحوا
فأي سنة كفر سن أولهم * وباب كفر على سلطانهم فتحوا
فاستوردتهم سيوف المسلمين على * تمام ظمءٍ كما يستورد النصح
ماذا أراداو أسيوف الله سعيهم * بسفك ذاك الدم الذاكي الذي سفحوا
قال ابن إسحاق: كانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثنتي عشرة ليلة.
ولد عثمان بن عفان: فولد عثمان بن عفان عبد الله الأكبر أمه فاختة بنت غزوان، وعبد الله الأصغر أمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرا وأبان وخالدا وعمر وسعيد أو الوليد وأم سعيد والمغيرة وعبد الملك وأم أبان وأم عمرو وعائشة.
عمرو بن عثمان: فأما عمرو بن عثمان فكان أسنّ أولاده وأشرفهم عقبا وهلك بمنى، وولده عثمان الأكبر وخالد وعبد الله الأكبر، أمه حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب وعثمان الأصغر وبكير والمغيرة وعنبسة وعمر والوليد.
فأما عبد الله الأكبر فكان من أجمل الناس ولقب المطرف لجماله وفيه يقول مدرك بن حصن:
كأني إذ دخلت على ابن عمرو * دخلت على مخبأة كعوب
فولد عبد الله بن عمر الأكبر خالداً وعائشة وعبد العزيز وآمنة وأم عبد الله وولد له من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب محمد الأصغر والقاسم ورقية، ومن غيرها محمد الأكبر وعمر وسعدة. وكان محمد بن عبد الله بن عمرو الأصغر من أجمل الناس وكان يلقب بالديباج لجماله وكان له قدر ونبل، وكان يقال فيه سمي النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذريته، وزرع الخليفة المظلوم. وكان كثير التزويج كثير الطلاق، فقالت امرأة من نسائه إنما مثله مثل الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجائعها، وأخذه أبو جعفر مع الفاطميين ثم أمر به فضربت عنقه صبراً وبعث برأسه إلى الهند، وأظهر أنه رأس محمد بن عبد الله بن الحسن وله عقب. ومن ولده امرأة ولدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وهي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وأمها خديجة بنت عثمان بن عروة بن الزبير، وأم عروة وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وأم محمد فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وأم الحسين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم فاطمة ابنة الحسين بن علي أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وأم عبد الله بن عمرو وحفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وأما القاسم بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فلا عقب له.
وأما عمر بن عبد الله فولد عبد الله بن عمر وهو العرجي الشاعر، وكان ينزل العرج وهو موضع قبل الطائف، وكان يهجو إبراهيم بن هشام المخزومي فأخذه فحبسه فهلك في السجن وهو القائل في السجن:
كأني لم أكن فيهم وسيطاً * ولم تك نسبتي في آل عمرو
أضاعوني وأي فتى أضاعوا * ليوم كريهةٍ وسداد ثغر
أبان بن عثمان: فأما أبان بن عثمان فشهد الجمل مع عائشة فكان الثاني من المنهزمين، وكانت أمه بنت جندب بن عمرو بن حممة الدوسي، وكانت حمقاء تجعل الخنفساء في فمها وتقول: حاحيتك ما في فمي? وهي أم عمرو بن عثمان أيضاً، وكان أبان أبرص أحول يلقب بقيعاً وكانت عنده أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر خلف عليها بعده الحجاج وعقبه كثير، منهم: عبد الرحمن بن أبان وكان عابداً مجتهداً يحمل عنه الحديث.
خالد بن عثمان: وأما خالد بن عثمان فكان عنده مصحف عثمان الذي كان في حجره حين قتل، ثم صار في أيدي ولده وقد درجوا.
عمر بن عثمان: وأما عمر بن عثمان فولد زيداً وعاصماً وأم أيوب، وكانت أم أيوب عند عبد الملك بن مروان، وأما زيد بن عمر بن عثمان فكان تزوج سكينة بنت الحسين، وأما عاصم بن عمر أبخل الناس، فهو الذي قيل فيه:
سيرا فقد جن الظلام عليكم * فلست الذي يرجو القرى عند عاصم
فما كان لي ذنب إليه علمته * سوى أنني قد زرته غير صائم
سعيد بن عثمان: وأما سعيد بن عثمان فكان أعور بخيلاً وقتل، وكان سبب قتله أنه كان عاملاً لمعاوية على خراسان فعزله معاوية فأقبل معه برهن كانوا في يديه من أولاد الصغد إلى المدينة وألقاهم في أرض يعملون له فيها بالمساحي فأغلقوا يوماً باب الحائط ووثبوا عليه فقتلوه فطلبوا فقتلوا أنفسهم.
الوليد بن عثمان: وأما الوليد بن عثمان فكان صاحب شراب وفتوة وقتل أبوه عثمان وهو مخلق في حجلته.
عبد الله بن عثمان: وأما عبد الله بن عثمان وهو من رقية بنت رسول النبي صلى الله عليه وسلم فهلك صبياً، وذكروا أنه بلغ ست سنين فنقره ديك على عينيه فمرض فمات.
عبد الملك بن عثمان: وأما عبد الملك بن عثمان فهلك وهو غلام أيضاً.
موالي عثمان: ومن موالي عثمان أيضاً كيسان أبو فروة وابنه عبد الله بن أبي فروة، كان عظيم القدر وكان صاحب أمر مصعب بن الزبير، فلما قتل مصعب حمل مما كان معه من المال عشرة آلاف درهم فذهب بها إلى المدينة، وعددهم بالمدينة كثير وقدرهم عظيم. ومن موالي عثمان خدان بن أبان وولده وأبو الزناد وولده.
أخبار علي بن أبي طالب
رضي الله تعالى عنه
نسب علي
بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه: هو علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ويكنى أبا محسن.
أبوه وإخوته وأخواته
وولد أبو طالب عقيلاً وجعفراً وعلياً وطالباً وأم هانئ واسمها فاختة وجمانة وأمهم فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف وأمها حبي بنت حرم بن رواحة من قريش من بني عامر بن لؤي، وأسلمت أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي.
عقيل بن أبي طالب: فأما عقيل بن أبي طالب فكان يكنى أبا يزيد وأسر يوم بدر ففداه العباس بأربعة آلاف درهم فيما يذكر أبو اليقظان، وورث عقيل وطالب أبا طالب ولم يرثه علي ولا جعفر ولأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من علي بعشر سنين، وأسلم عقيل ولحق بمعاوية وترك أخاه علياً ومات بعدما عمي في خلافة معاوية، وله دار بالبقيع واسعة كثيرة الأهل، وكان عقيل قذف رجلاً من قريش، فحده عمر بن الخطاب وولد عقيل مسلماً وعبد الله ومحمداً ورملة وعبيد الله لأم ولد، وقال بعضهم كانت أم مسلم بن عقيل نبطية من آل فرزندا وعبد الرحمن وحمزة وعلياً وجعفر وعثمان وزينب وأسماء وأم هانئ لأمهات وأولاد شتى، وزيد وسعداً وجعفراً الأكبر وأبا سعيد فأما أسماء فتزوجها عمر بن علي بن أبي طالب وخرج ولد عقيل مع الحسين بن علي بن أبي طالب فقتل منهم تسعة نفر، وكان مسلم بن عقيل أشجعهم وكان على مقدمة الحسين فقتله ابن زياد سراً، قال الشاعر:
يا عين جودي بعبرة وعويل * واندبي إن ندبت آل الرسول
سبعة كلهم لصلب علي * قد أصيبوا وتسعة لعقيل
فولد مسلم بن عقيل عبد الله بن مسلم وعلي بن مسلم أمهما رقية بنت علي بن أبي طالب ومسلم بن مسلم، وعبد العزيز ولد محمد بن عقيل القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد وعبد الرحمن بن محمد أمهم زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب.
فأما عبد الله بن محمد بن عقيل فكان فقيهاً تروى عنه الأخبار وكان أحول.
وأما عبد الله بن عقيل فولد محمداً ورقية وأم كلثوم أمهم ميمونة ابنة علي بن أبي طالب.
وأما أبو سعيد بن عقيل فولد محمداً.
وأما عبد الرحمن بن عقيل فولد سعيداً أمه خديجة ابنة علي بن أبي طالب.
جعفر بن أبي طالب: وأما جعفر بن أبي طالب فهو ذو الهجرتين وذو الجناحين وكان استشهد يوم مؤتة فقطعت يداه فأبداله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما في الجنة ووجدوا يومئذ في مقدمة أربعاً وخمسين ضربة بسيف، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحبشة يوم فتح خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أدري بأي الأمرين أنا أسر، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر? واختط له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى جنب المسجد.
وقال أبو هريرة: ما ركب الكور ولا احتذى النعال ولا وطئ التراب أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر، وكان يكنى أبا عبد الله، فولد جعفر عبد الله بن جعفر وعوف بن جعفر ومحمد بن جعفر، وأمهم أسماء بنت عميس الخثعمية.
محمد بن جعفر بن أبي طالب: فأما محمد بن جعفر فولد وطلحة، وولد طلحة فاطمة، أمها أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، وأمها زينب بنت علي، وأمها فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوج فاطمة حمزة بن عبد الله بن الزبير، ثم تزوجها طلحة بن عمر بن عبيد الله ولا عقب له. واستشهد محمد بن جعفر بشتر.
عون بن جعفر بن أبي طالب: وأما عون بن جعفر فقتل بشتر أيضاً ولا عقب له، إلا أن رجلاً كان يقال له: المارد أتى عبد الله بن جعفر فقال: أنا ابن عون! فأقر به عبد الله بن جعفر وأعطاه عشرة آلاف درهم، وذكر أنه زوجه بنتاً له كانت عمياء فلم تلد له ثم نفاه بنو عبد الله وهم اليوم بالمدائن لا يزوجهم شريف ولا يتزوج إليهم ولا يقال أنتم من قريش.
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: وأما عبد الله بن جعفر فكان يكنى أبا جعفر، وولد بالحبشة وكان أجود العرب، وتوفي بالمدينة وقد كبر، هذا قول أبي اليقظان. وقال غيره: توفي ودفن بالأبواء سنة تسعين. ويقال: إنه كان ابن عشر سنين حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ولد عام الهجرة ومات وهو ابن تسعين سنة، وصلى عليه سليمان بن عبد الملك. فولد عبد الله بن جعفر جعفراً الأكبر وعلياً وعوناً الأكبر وعباساً وأم كلثوم وأمهم زينب بنت علي وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحمداً وعبيد الله وأبا بكر، أمهم الحوصاء بنت حفصة أحد بني تيم الله بن ثعلبة، وصالحاً وموسى وهارون ويحيى وأم أبيها أمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، خلف عليها بعد علي بن أبي طالب ومعاوية وإسحاق وإسماعيل والقاسم لأمهات أولاد شتى، والحسن وعوناً الأصغر أمهما جمانة بنت المسيب الفزارية وجعفرا.
فأما أم كلثوم فكانت عند القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها الحجاج بن يوسف، ثم تزوجها أبان بن عثمان بن عفان، وأما أم أبيها فكانت عند عبد الملك بن مروان فطلقها ثم تزوجها علي بن عبد الله بن العباس فهلكت عنده. وكان سبب طلاقها أنه عض على تفاحة ثم رمى بها إليها وكان بعبد الملك بخر فدعت بمدية فقال ما تصنعين? قالت أميط عنها الأذى! ففارقها والعقب من ولد عبد الله بن جعفر لعلي ومعاوية وإسحاق وإسماعيل.
وأما معاوية فكان بنحل وولد عبد الله بن معاوية ومحمد بن معاوية وأمهما أم عون من ولد الحارث بن عبد المطلب ويزيد والحسن وصالحاً، أمهم فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي وعلياً لأم ولد.
فأما عبد الله بن معاوية فطلب الخلافة وظهر بأصبهان وبعض فارس فقتله أبو مسلم ولا عقب له.
وأما إسحاق بن عبد الله بن جعفر فكان عمر بن عبد العزيز جلده الحد وهو أول وال على المدائن فقال بودك: أنه ليس في الأرض قرشي إلا محدود وذلك أن أباه عبد العزيز كان حد فولد إسحاق القاسم، أمه أم حكيم بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
خلافة علي بن أبي طالب
رضي الله عنه
قال ابن إسحاق إن عثمان لما قتل بويع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بيعة العامة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايع له أهل البصرة، وبايع له بالمدينة طلحة والزبير وكانت عائشة خرجت من المدينة حاجة وعثمان محصور، ثم صدرت عن الحج فلما كانت بسرف لقيها الخبر بقتل عثمان وبيعة علي، فانصرفت راجعة إلى مكة ولحق بها طلحة والزبير ومروان بن الحكم وعبد الله بن عامر ويعلى بن منبه عامل اليمن، فلما استقاموا بمكة تشاورا فيما يريدون عن الطلب بدم عون وهموا بالشام لمكان معاوية بها، فصرفهم عبد الله ابن عامر عن ذلك إلى البصرة فتوجهوا إليها وأخذوا عثمان بن حنيف عامل علي بها فحسبوه وقتلوا خمسين رجلاً كانوا معه على بيت المال وغير ذلك من أعماله، واحدثوا أحداثاً، فلما بلغ علياً مسيرهم خرج مبادراً إليهم واستنجد الكوفة ثم سار بهم إلى البصرة وهم أربعة عشر ألفاً فخرج إليه طلحة والزبير وعائشة بأهل البصرة فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل طلحة وهزم من كان معهم ورجع الزبير فقتل بوادي السباع، قتله عمير بن جرموز وأحيط بعائشة فأخذت ودخل على البصرة بمن معه فبايعه أهلها وأطلق عثمان بن حنيف، ولم يكن له بها كثير مقام حتى انصرف إلى الكوفة واستعمل على البصرة عبد الله بن عباس وتهيأ لحرب معاوية، فسار بأهل العراق ومن معه من سائر الناس وأقبل معاوية في أهل الشام ومن أتبعه فكانت وقعة صفين ثم الحكمان، ولم يزل في حرب إلى أن قتل رحمة الله عليه، ولم يحج في شيء من سنيه لشغله بالحروب وقتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين، وكانت ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر وقاتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي، قال الواقدي: دفن ليلاً وغبى قبره. قال أبو اليقظان: صلى عليه الحسن ودفن بالكوفة عند مسجد الجماعة في قصر الإمارة.
حلية علي بن أبي طالب وسنه
واختلفوا في سنه، فقال ابن إسحاق: قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقال غيره: قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة. واختلفوا في حليته فقال الواقدي: كان آدم شديد الأدمة عظيم البطن عظيم العينين أصلع إلى القصر هاهو. وروى قيس بن الربيع، عن ابن إسحاق قال: كان علي قصيراً أصلع حادراً ضخم البطن أفطس الأنف دقيق الذراعين لم يصارع قط أحداً إلا صرعه. قال غيره: ورأته امرأة فقالت من هذا الذي كأنه كسر ثم جبر.
ولد علي بن أبي طالب
فولد علي الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم الكبرى وزينب الصغرى وأمهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحمداً أمه خولة بنت أياس بن جعفر جار الصفا وهي الحنفية، ويقال: بل هي خولة بنت جعفر بن قيس، ويقال: بل كانت أمة من سبى اليمامة، فصارت إلى علي، وأنها كانت أمة لبني حنيفة سندية سوداء، ولم تكن من أنفسهم، وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم، وعبيد الله وأبا بكر أمهما ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، وعمر ورقية أمهما تغلبية، وكان خالد بن الوليد سباها في الردة، فاشتراها علي ويحيى أمه أسماء بنت عميس وجعفراً والعباس وعبد الله أمهم أم البنين بنت حرام الوحيدية، ورملة وأم الحسن أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي وأم كلثوم الصغرى وزينب الصغرى وجمانة وميمونة وخديجة وفاطمة وأم الكرام ونفيسة وأم سلمة وأمامة وأم أبيها لأمهات أولاد شتى.
بنات علي بن أبي طالب
فأما زينب الكبرى بنت فاطمة فكانت عند عبد الله بن جعفر، فولدت له أولاداً قد ذكرناهم.
وأما أم كلثوم الكبرى وهي بنت فاطمة فكانت عند عمر بن الخطاب وولدت له ولداً قد ذكرناهم، فلما قتل عمر تزوجها محمد بن جعفر بن أبي طالب، فمات عنها ثم تزوجها عون بن جعفر بن أبي طالب، فماتت عنده، وكان سائر بنات علي عند ولد عقيل، وولد العباس خلا أم الحسن فإنها كانت عند جعدة بن هبيرة المخزومي وخلا فاطمة، فإنها كانت عند سعيد بن الأسود من بني الحارث بن أسد.
محسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما:وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير.
الحسن بن علي:
وأما الحسن بن علي رضي الله عنهما فكان يكنى أبا محمد ولما قتل علي بويع له بالكوفة وبويع لمعاوية بالشام وبيت المقدس، فسار معاوية يريد الكوفة وسار الحسن يريده فالتقوا بمسكن من أرض الكوفة فصالح الحسن معاوية وبايع له ودخل معه الكوفة، ثم انصرف معاوية عن الكوفة إلى الشام، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة عبد الله بن عامر، ثم جمعهما لزياد. وانصرف الحسن إلى المدينة فمات بها. ويقال إن امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس سمّته، وكانت وفاته في شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وهو يومئذ ابن سبع وأربعين سنة، وصلى عليه سعيد بن العاص وهو أمير المدينة فولد الحسن حسناً أمه خولة بنت منظور بن زبان الفزارية وزيداً، وأم الحسن أمهما بنت عقبة بن مسعود البدري وعمر وأمه ثقيفة، والحسين الأثرم لأم ولد وطلحة وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وأم عبد الله لأم ولد.
فأما الحسن بن الحسن بن علي فولد عبد الله والحسن وإبراهيم ومحمداً وجعفراً وداود ومحمداً، وكان عبد الله بن الحسن بن الحسن يكنى أبا محمد وكان خيراً ورؤي يوماً يمسح على خفيه فقيل له، تمسح! فقال: نعم. قد مسح عمر بن الخطاب ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق، وكان مع أبي العباس، وكان له مكرماً وبه آنساً وأخرج يوماً سفط جوهر فقاسمه إياه وأراه بناء قد بناه، وقال له: كيف ترى هذا? فقال:
ألم تر حوشباً أمي ويبني * قصوراً نفعها لبني نفيلة
يؤمل أن يعمر عمر نوح * وأمر الله يحدث كل ليلة
فقال له: أتمثل بهذا وقد رأيت صنيعي بك? فقال: والله ما أردت بها سوءاً، ولكنها أبيات حضرت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحتمل ما كان مني، قال: قد فعلت ثم رده إلى المدينة فلما ولي أبو جعفر ألحج في طلب ابنيه محمد وإبراهيم بني عبد الله وتغيبا بالبادية فأمر أبو جعفر أن يؤخذ أبوهما عبد الله وإخوته حسن وداود وإبراهيم ويشدوا وثاقاً ويبعثوا بهم إليه فوافوه في طريق مكة بالربذة مكتفين، فسأله عبد الله أن يأذن له عليه فأبى أبو جعفر فلم يره حتى فارق الدنيا فمات في الحبس، وماتوا وخرج أبناء إبراهيم ومحمد على أبي جعفر وغلبا على المدينة ومكة والبصرة فبعث إليهما فقتل محمداً بالمدينة وقتل إبراهيم بباب خمرا على سنة عشر فرسخا من الكوفة، وإدريس بن عبد الله بن الحسن أخوهما هو الذي صار إلى الأندلس والبربر وغلب عليهما.
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما: وأما الحسين بن علي بن أبي طالب فكان يكنى أبا عبد الله وخرج يريد الكوفة فوجه إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص فقتله سنان بن أبي أنس النخعي سنة إحدى وستين يوم عاشوراء، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ويقال ابن ست وخمسين سنة، وكان يخضب بالسواد.
وولد الحسين علياً وأمه بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وعلياً الأصغر لأم ولد وفاطمة أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وسكينة أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبية، وفيها يقول:
لعمرك إنني لأحب داراً * تحل بها سكينة والرباب
فأما فاطمة فإنها كانت عند الحسن بن الحسن بن علي، ثم خلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان.
وأما سكينة فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها فتزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، فولدت له قرينا وله عقب، ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان وفارقها قبل أن يدخل بها، ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان فأمره سليمان بن عبد الملك بطلاقها ففعل وماتت بالمدينة في خلافة هشام. هذا قول أبي اليقظان. وقال الهيثم بن عدي: حدثني صالح بن حسان وغيره قال: كانت سكينة عند عمرو بن حكيم بن حزام ثم تزوجها بعده عمرو بن عثمان بن عفان، ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير.
وقال ابن الكلبي: أول أزواج سكينة الأصبغ بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز، ثم مات عنها بمصر ولم يرها، ثم خلف عليها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، ثم خلف عليها مصعب بن الزبير، ثم خلف عليها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، فولدت له عثمان الذي يقال له قرين، وكانت قد ولدت من مصعب جارية، ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف جد إبراهيم بن سعد الفقيه.
وأما علي بن الحسين الأصغر: فليس للحسين عقب إلا منه، ويقال إن أمه سندية يقال لها سلافة ويقال غزالة، خلف عليها بعد الحسين زبيد مولى الحسين بن علي فولدت له عبد الله بن زبيد فهو أخو علي بن الحسين لأمه.
وروى علي بن محمد بن عثمان بن عثمان، قال: زوّج علي بن الحسين أمه من مولاه وأعتق جارية له وتزوجها له وتزوجها، فكتب إليه عبد الملك يعيره بذلك، فكتب إليه علي: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، قد أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي وتزوجها، وأعتق زيد بن حارثة وزوجه ابنة عمته زينب بنت جحش، وتوفي علي بن الحسين بالمدينة سنة أربع وتسعين ويكنى أبا الحسن، وتوفي بالبقيع وكان خيراً فاضلاً فولد علي بن الحسين الحسن بن علي، ومحمد بن علي، وعلي بن علي، وعبد الله بن علي أمهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي، وعمر وزيداً لآم ولد تسمى حيدان، وخديجة لأم ولد وأم موسى وأم حسن وأم كلثوم لأمهات أولاد.
فأما محمد بن علي فكان يكنى أبا جعفر، وكان له فقه ومات بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة. فولد محمد جعفر بن محمد وعبد الله بن محمد، أمهما فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. فأما جعفر بن محمد فيكنى أبا عبد الله وإليه تنسب الجعفرية، ومات بالمدينة سنة ست وأربعين ومائة وله عقب.
وأما عبد الله بن محمد فهو الملقب بدقدق، ومات بالمدينة وله عقب.
وأما عبد الله بن علي بن الحسين بن علي فله عقب.
وأما زيد بن علي بن الحسين فكان يكنى أبا الحسن وأمه سندية، وخرج في خلافة هشام سنة اثنتين وعشرين ومائة، فبعث إليه يوسف بن عمر العباس المري فرماه رجل منهم بسهم فمات وصلب، فولد زيد يحيى أمه ريطة بنت أبي هاشم بن عبد الله بن محمد الحنفية، وعيسى وحسينا ومحمد لأمهات أولاد.
فأما يحيى فقتل زمن نصر بن سيار بالجوزجان ولا عقب له.
وأما عيسى بن زيد فمات بالكوفة وله عقب منهم: أحمد بن عيسى.
وأما حسين بن زيد فعمي وكانت بنته ميمونة عند المهدي وله ولد.
وأما علي بن علي بن حسين فكان يلقب الأفطن وله عقب.
وأما أم موسى بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فتزوجها داود بن علي بن عبد بن عباس، وتزوج أم حسن أختها بعدها، وتزوج أختها خديجة محمد بن عمر علي بن أبي طالب.
محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية رحمة الله تعالى عليه: وأما محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية فكان يكنى أبا القاسم، وتحول إلى الطائف هارباً من عبد بن الزبير، ومات بها سنة إحدى وثمانين وهو يومئذ ابن خمس وستين سنة، فولد محمد بن علي بن أبي طالب الحسن وعبد الله وأبا هاشم وجعفر الأكبر وحمزة وعلياً لأم ولد، وجعفراً الأصغر وعوناً أمهما أم جعفر والقاسم وإبراهيم.
فأما أبو هاشم فكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتولاه فحضرته الوفاة بالشام فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وقال له: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك ودفع إليه كتبه وصرف الشيعة إليه وليس لأبي هاشم عقب.
وأما علي وحمزة فلا عقب لهما، وإبراهيم هو الملقب بثعرة.
وأما القاسم فكان مؤخراً عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدر أن يدخله.
عمر بن علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى: وأما عمر بن علي بن أبي طالب فقد حمل عنه الحديث، وكان يروي عن عمر بن الخطاب، وولد محمداً وأم موسى أمهما أسماء بنت عقيل بن أبي طالب.
فأما محمد فولد عمراً، وعبيد الله وعبد الله أمهم خديجة ابنة علي بن الحسين بن علي وجعفراً أمه أم هاشم بنت جعفر بن جعدة بن هبيرة المخزومي ولعمر عقب بالمدينة.
العباس بن علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى: وأما العباس بن علي بن أبي طالب فقتل مع الحسين بن علي بن أبي طالب، فولد العباس عبيد الله أمه لبابة بنت عبيد الله بن عباس وحسناً لأم ولد وله عقب.
عبيد الله بن علي بن أبي طالب: وأما عبيد الله فقتله المختار ولا عقب له.
جعفر بن علي بن أبي طالب: أما جعفر بن علي بن أبي طالب فلا عقب له.
موالي علي بن أبي طالب:
قال أبو محمد: منهم يحيى بن أبي كثير الذي يروي عنه الأوزاعي، وكان مولى علي بن أبي طالب. وقال أيوب السختياني: ما بقي على الأرض مثل يحيى بن أبي كثير، وكان ابنه عبد الله بن يحيى يروي عن أبيه. ومنهم أبو أسامة حماد بن أسامة مولى الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب فهو مولى مولى توفي بالكوفة سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين سنة.
أخبار الزبير بن العوام
رضي الله عنه
نسب الزبير
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكنى أبا عبيد الله، وكان خويلد قتل في الجاهلية، فولد خويلد: خديجة وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وعمة الزبير بن العوام بن خويلد، أمه من بني مازن بن منصور، وقتل العوام يوم الفجار وولد نوفل بن خويلد وكان يقال له أسد قريش وقتله علي بن أبي طالب يوم بشر ولا عقب له، وولد حزام بن خويلد وهو أبو حكيم بن حزام، وكان حكيم يكنى أبا خالد وشهد بدراً مع المشركين فلم يقتل ولم يؤسر أسلم وحسن إسلامه، وكان إذا حلف وشدد في اليمين قال: والذي نجاني يوم بدر، وولد عبد الله بن حكيم وهشام بن حكيم وكانت لهشام صحبة ولا عقب له.
وأما عبد الله، فقتل يوم الجمل مع عائشة فولد عثمان بن عبد الله، وولد لعثمان عبد الله بن عثمان زوج سكينة بنت الحسين، وولدت له ولداً يسمى قريناً وله عقب. وولد العوام بن خويلد الزبير والسائب، وأم السائب أيضاً صفية بنت عبد المطلب، وكان السائب شهد أحداً والخندق وقتل يوم اليمامة وعبد الرحمن وأسود وأصرم ويعلى ولم يعقب أحد منهم غير الزبير، وكان الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة الذين سموا للجنة وأحد أصحاب الشورى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه حضر فرسه فركض حتى أعيا فرسه فرمى بالسوط وقتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وهو يومئذ ابن أربع وستين سنة، هذا قول الواقدي. وقال أبو اليقظان: قتل وهو ابن ستين سنة فقتله ابن جرموذ بوادي السباع وقبر هناك.
حلية الزبير بن العوام
رضي الله عنه قال الواقدي: كان الزبير رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير إلى الخفة ما هو خفيف اللحية أسمر اللون أشعر، وكان لا يغير شيبه، وروى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير كان طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب دابة، أزرق أشعر ربما أخذت وأنا غلام بشعر كتفه حتى أقوم.
ولد الزبير
فولد الزبير عبد الله وعاصماً وعروة والمنذر وأم الحسن، وأمهم أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، ومصعباً وحمزة ورملة وخالداً وعمراً وعبيدة وجعفراً وخديجة وعائشة وغيرهما تتمة تسع بنات.
فأما رملة فكانت عند خالد بن يزيد بن معاوية وفيها يقول:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى * لرملة خلخالاً يجول ولا قلبا
أحب بني العوام طراً لحبها * ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
وأما جعفر بن الزبير فكان من فتيان قريش وكان ذا غزل وهو القائل:
ولمجلس القرشي حق واجب * فانظرن في شأن الكريم الأروع
ما تأمرين بجعفر وبحاجة * يستامها في خلوة وتضرع
وله عقب بالمدينة.
وأما حمزة بن الزبير فقتل مع عبد الله بن الزبير بمكة ولا عقب له. وأما عمرو بن الزبير فكان يكنى أبا الزبير، وكان له قدر وكبر وخالف أخاه عبد الله فقاتله ثم أتاه في جوار عبيدة أخيه فقتله وله عقب، وابنه عمرو بن عمر الذي يقول فيه الحزين الدئلي:
لو أن اللؤم كان مع الثريا * تناول رأسه عمرو بن عمرو
وأما عبيدة بن الزبير فهو الذي قال لعمرو بن الزبير حين قاتل عبد الله: امض معي إليه وأنت في جواري، فإن أمّنك وإلا رددتك إلى مأمنك، فذهب معه فلم يجز عبد الله أمانه واقتص منه حتى مات ولعبيدة عقب.
وأما خالد بن الزبير فاستعمله عبد الله على اليمن وله عقب منهم خالد بن عثمان بن خالد بن الزبير كان خرج مع محمد الحسني وأخذه أبو حفص فصلبه.
وأما عاصم بن الزبير فمات وهو غلام ولا عقب له.
عروة بن الزبير: وأما عروة بن الزبير فكان فقيهاً فاضلاً ويكنى أبا عبد الله وأصابته الأكلة في رجله بالشام وهو عند الوليد بن عبد الملك فقطعت رجله والوليد حاضر فلم يتحرك، ولم يشعر الوليد أنها تقطع حتى كويت فوجد رائحة الكي وبقي بعد ذلك ثماني سنين واحتفر بالمدينة بئراً يقال لها بئر عروة ليس بالمدينة بئر أعذب منها، وهلك في ضيعة له بالقرب المدينة سنة ثلاث وتسعين ويقال مات سنة أربع وتسعين، وكانت تلك السنة تدعى سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها. فولد عروة محمداً ويحيى وعثمان وعمراً وعبد الله ومصعباً وعبيد الله وهشاماً وكانت أم هشام بن عروة أمه تسمى سارة.
فأما عبد الله بن عروة فكان من أخطب الناس وأبلغهم وكان يشبه بخالد بن صفوان في البلاغة وقيل له: تركت المدينة دار الهجرة فلو رجعت لقيت الناس ولقيك الناس، فقال: وأين الناس إنما الناس شامت بنكبة أو حاسد لنعمة. وعمي قبل موته وله عقب بالمدينة.
وأما محمد بن عروة فكان من أجلّ الناس ولا عقب له من الرجال.
وأما عثمان فكان خطيباً جلداً وله عقب بالمدينة.
وأما يحيى بن عروة فكان له علم بالنسب، وأيام الناس فذكر إبراهيم بن هشام عامل هشام بن عبد الملك على المدينة، فأمر به هشام فضرب فمات بعد الضرب وله عقب بالمدينة.
وأما عمرو بن عروة فقتل مع ابن الزبير ولا عقب له.
وأما عبيدة بن عروة فله عقب بالمدينة.
وأما هشام بن عروة فكان فقيهاً وقدم الكوفة أيام أبي جعفر فسمع منه الكوفيون ومات بها سنة ست وأربعين ومائة وله عقب بالمدينة وبالبصرة وكان يكنى أبا المنذر.
المنذر بن الزبير: وأما المنذر بن الزبير فكان يكنى أبا عثمان، وكان سيداً حليماً وقتل مع ابن الزبير، ومن ولده: محمد بن المنذر وكان يقال له سيد قريش ويكنى أبا زيد، وكان إذا مر في الطريق أطفئت النيران تعظيماً له وانقطع يوماً قبال نعله فقال برجله هكذا فنزع الأخرى ومضى وتركهما لم يعرج عليهما وهو القائل: ما قل سفهاء قوم قط إلا ذلوا. وله عقب.
مصعب بن الزبير: أما مصعب بن الزبير فكان يكنى أبا عبد الله، ويقال: إنه كان يكنى أبا عيسى، وكان أجود العرب، وولاه أخوه عبد الله العراقين فسار إليه عبد الملك بن مروان ووجه أخاه محمد بن مروان على مقدمته، فلقيه مصعب فقاتله فقتل مصعب، فولد مصعب عيسى وعكاشة وعمر وجعفراً وحمزة وسعداً ومصعباً ولقبه حصين ومحمد.
فأما عيسى فقتل مع أبيه ولا عقب له.
وأما عكاشة فله عقب بالمدينة وابنه مصعب بن عكاشة قتل يوم قديد.
وأما جعفر فتزوج مليكة بنت الحسن بن الحسن بن علي فولدت له نساء وله عقب من غيرها.
وأما حمزة فقتل هو وابنه عمارة يوم قديد وله بالمدينة عقب، وكان شرب فأخذه بعض أمراء المدينة فجلده الحد وأقامه للناس، ويوم قديد يوم قتل فيه أبو حمزة الخارجي وكان خرج من اليمن فغلب على مكة والمدينة ثم توجه إلى الشام فقتل.
عبد الله بن الزبير: وأما عبد الله بن الزبير فكان يكنى أبا بكر وأبا حبيب وولد بعد الهجرة بعشرين شهرين شهرين شهراً هذا قول الواقدي. وقال أبو اليقظان: هو أول مولود ولد بالمدينة في الإسلام وبنى الكعبة فجعل لها بابين، وطلب الخلافة فظفر بالحجاز والعراق واليمن ومصر، فمكث بعد ذلك تسع سنين فسار إليه الحجاج فحاصره بمكة ثم أصابته رمية فمات بها وكان بخيلاً. فقال الشاعر فيه:
رأيت أبا بكر وربك غالب * على أمره يبغي الخلافة بالتمر
وقتل وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وصلب حيث أصيب، فولد عبد الله حمزة وخبيباً وثابتاً وموسى وعباداً وقيساً وعامراً وعبد الله وبنات.
فأما حمزة فكان أجود العرب، وكان عامل أبيه على البصرة وله عقب بالمدينة.
وأما خبيب فكان عقيماً.
وأما ثابت فكان بذيئاً لسناً بئيساً وله عقب، ومن ولده الزبير بن عبد الله بن مصعب بن ثابت عامل هارون على المدينة واليمن.
وأما موسى فله عقب بالمدينة منهم: صديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير، وكان من سروات قريش.
وأما عباد فله ولد بالمدينة وقيس ولا عقب له.
وأما عامر بن عبد الله فكان من أعبد أهل زمانه، وكان لا يزوج بناته وهو الذي سرقت نعله فحلف أن لا يشتري نعلاً مخافة أن يسرقها مسلم فيأثم في سرقته.
وأما عبد الله بن عبد الله فكان أشبه القوم بأبيه، وزوّج عبد الله بن الزبير بناته من بني أخيه.
موالي الزبير وآله: البهي الذي يروي عن عائشة هو مولى الزبير واسمه عبد الله بن يسار ويكنى أبا محمد، ونزل الكوفة فروى عنه الكوفيون ومنهم حميد الأعرج القارئ، وهو حميد بن قيس مولى آل الزبير، وكان قارئ أهل الكوفة كثير الحديث فارضاً حاسباً، وقرأ على مجاهد. وأخوه عمر بن قيس يضعف في الحديث.
وكان مرة عبث بمالك بن أنس فقال مرة يخطئ ومرة يصيب وذلك عند والي مكة فقال له مالك: هكذا الناس، ولم يفهمها وإنما تغفله ثم نبه مالك على ذلك فقال: لا أكلمه أبداً.
وأما أبو الزبير الذي يروي عن جابر واسمه محمد بن مسلم فإنه مولى حكيم بن حزام بن خويلد ابن عم الزبير.
أخبار طلحة بن عبيد الله
رضي الله تعالى عنه
نسب طلحة
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ويكنى أبا محمد وكان يقال له طلحة الخير وطلحة الفياض وطلحة الطلحات وليس هو طلحة الطلحات الذي يقال فيه:
رحم الله أعظما دفنوها * بسجستان طلحة الطلحات
بل ذلك من خزاعة، وكان طلحة من المهاجرين الأولين ومن العشرة المسمّين للجنة وأحد أصحاب الشورى، ولم يحضر يوم التشاور وكان غائباً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ووقاه يومئذ من ضربة قصد بها إليه فشلت يده وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجب طلحة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن أبي وقاص وكان شديداً على عثمان وأمه الصعبة بنت الحضرمي، وكانت قبل أن تكون عند عبيد الله تحت أبي سفيان بن حرب، فطلقها ثم تبعتها نفسه فقال:
إني وصعبة فيما يرى * بعيدان والود دان قريب
فإن لم يكن نسب ثاقب * فعند الفتاة جمال وطيب
فيا آل قصي ألا فاعجبوا * هزبر يصيد الغزال الربيب
فلما قدم البصرة لقتال علي وشهد يوم الجمل فنظر إليه مروان بن الحكم وكان يحقد عليه ما كان منه من أمر عثمان فرماه بسهم فأصاب ساقه فشكها بجنب الفرس، فاعتنق هاديه يعني عنق الفرس وقال: تالله ما رأيت مصرع أشياخ أضيع، ومات فدفن بقنيطرة قرة. ثم رأت عائشة بنته بعد موته بثلاثين سنة في المنام أنه يشكو إليها الندى، فأمرت به فاستخرج طرياً وتولى إخراجه عبد الرحمن بن سلامة التيمي فدفن في داره في الهجريين بالبصرة فقبره هناك مشهور.
وكان لطلحة أخوان عثمان بن عبيد الله ومالك بن عبيد الله، فأما عثمان فكان له قدر في الجاهلية وأدرك الإسلام فأخذ طلحة وأبا بكر فقرنهما بحبل فلذلك سميا القرينين وقال بعض آل الزبير في رجل من ولد طلحة ولده أبو بكر:
يا طلحة يا بن القرينين اللذين هما * مع النبي أذلا كل جبار
هذا المسمى بفعل الخير نافلة * دون الأنام وهذا صاحب الغار
ولعثمان عقب، ولمالك أيضاً عقب بمكة.
سن طلحة وحليته
واختلفوا في سن طلحة وحليته؛ قال أبو اليقظان: قتل وهو ابن ستين سنة. قال الواقدي: قتل وهو ابن أربع وستين سنة في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروى عن بعض ولده أنه قال: قتل وهو ابن اثنتين وستين سنة. واختلفوا في حليته، فقال بعضهم: كان آدم كثير الشعر ليس بالسبط ولا بالجعد القطط، حسن الوجه دقيق العرنين إذا مشى أسرع، وكان لا يغير شعره، وقال موسى بن طلحة: كان أبيض الوجه يضرب إلى الحمرة مربوعاً هو إلى القصر أقرب، رحب الصدر عريض المنكبين إذا التفت جميعاً، ضخم القدمين لا أخمص لهما، وإذا كان الرجل لا أخمص لقدميه فهو أدج. وروى الفضل بن دكين، عن قيس بن الربيع، عن عمران بن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: كان في يد طلحة خاتم من ذهب فيه ياقوتة حمراء، وكانت غلته كل يوم ألف درهم واف.
ولد طلحة بن عبيد الله
فولد طلحة عشرة بنين وأربع لأمهات مختلفات منهم: محمد بن طلحة وأمه حمنة بنت جحش وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عابداً يقال له السجاد، ويكنى أبا القاسم وشهد يوم الجمل ونهى عنه علي وقال: إياكم وصاحب البرنس، فقتله رجل وأنشأ يقول شعراً:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما ترى العين مسلما
أمكنه بالرمح حضني قميصه * فخر قتيلاً لليدين وللفم
على غير شيء غير أن ليس تابعاً * علياً ومن لا يتبع الحق يظلم
يناشدني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم
فولد محمد بن طلحة إبراهيم وكان أصلع أعرج سيداً يسمى أسد الحجاز واستعمله عبد الله بن الزبير على أخراج الكوفة ومات بمكة وهو محرم، فمن ولد إبراهيم عمران ويعقوب ابنا إبراهيم وأمهما بنت إسماعيل بن طلحة وأمها لبابة بنت عبد الله بن العباس، فولد عمران، محمد بن عمران قاضي المدينة لأبي جعفر، وكان بخيلاً وهو القائل حين عوتب في البخل إني لا أجمد عن الحق ولا أذوب في الباطل.
ومنهم عمران بن طلحة وأمه حمنة، وكانت عنده أم كلثوم بنت الفضل بن العباس ولا عقب له، ومنهم: عيسى بن طلحة وكان ناسكاً بخيلاً ووفد إلى عبد الملك بن مروان فكلمه في عزل الحجاج مع عمر بن عبد الرحمن بن عوف حتى عزله عن الحجاز وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز وله عقب، ومنهم: يحيى بن طلحة وكان من خيار ولد طلحة وكان ابنه إسحاق بن يحيى بن طلحة يروي عنه الفقه، وأم إسحاق أم أياس بنت أبي موسى الأشعري.
ومنهم إسماعيل بن طلحة وكان سرياً وكان عنده لبابة بنت عبد الله بن العباس.
ومنهم إسحاق بن طلحة وكان معاوية استعمله على خراسان شريكاً لسعيد بن عثمان بن عفان، ومات بالري ولولده عقب وعدد.
ومنهم يعقوب بن طلحة قتل يوم الحرة وله عقب منهم: أبو يعرة عامل أبي جعفر على البحرين.
ومنهم موسى بن طلحة وكان من خيار ولده وله قدر ونبل مات بالكوفة سنة أربع ومائة، وكان يكنى أبا عيسى ويشد أسنانه بالذهب ويخضب بالسواد، وابنه محمد بن موسى كانت أمه بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ووجهه عبد الملك بن مروان إلى شبيب فقتله شبيب. وعمران بن موسى أمه أم ولد وكان سخياً وله عقب.
ومنهم زكريا بن طلحة أمه أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وأخته لأمه وأبيه عائشة بنت طلحة وكان سخياً وله عقب.
ومنهم صالح بن طلحة أمه تغلبية. ومن بناته أم إسحاق بنت طلحة وكانت تحت الحسن بن علي، فولدت له طلحة بن الحسن وهلك وهو صغير، ثم تزوجها الحسين بن علي فولدت له فاطمة بنت الحسين وهي أم عبد الله بن الحسين، ثم تزوجها عبد الله بن محمد بن أبي عتيق فولدت أمية. ومن بناته عائشة بنت طلحة تزوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ثم تزوجها مصعب بن الزبير فأعطاها ألف ألف درهم، فقال أنس بن زنيم الديلمي لأخيه:
أبلغ أمير المؤمنين رسالة * من ناصح لك لا يريد خداعا
بضع الفتاة بألف ألف كامل * وتبيت سادات الجيوش جياعا
لولا أبو حفص أقول مقالتي * وأقص شأن حديثهم لأرتاعا
يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلما قتل مصعب تزوجها عصر بن عبيد الله بن معمر التيمي ولم تلد إلا لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر. ومن بناته الصعبة لأمة ومريم لأمة.
موالي طلحة
رضي الله عنه من مواليه مسلم بن يسار وكان لا يفضل عليه أحد في زمانه، وكان إذا غضب فاشتد غضبه قال: فرق بيني وبينك! فإذا قالها علموا أنه لم يبق بعد ذلك شيء. وكان يقول: إني لأكره أن أمر فرجي بيميني، وأنا أرجو أن آخذ بها كتابي، ومر بمسجد فأذن المؤذن فرجع، فقال له المؤذن: ما ردك? قال: أنت رددتني. وكان لا يلعن شيئاً، فإذا غضب على البهية قال: أكلت سماً قاضياً، وتوفي سنة مائة أو إحدى ومائة وابنه عبد الله بن مسلم بن يسار وقد روى عنه. ومن موالي طلحة أبو نعيم الفضل بن دكين بن حماد المحدث، كان يروي عن الأعمش والثوري وتوفي بالكوفة سنة تسع عشرة ومائتين. وأما حميد الطويل فهو مولى طلحة الطلحات الخزاعي لا طلحة بن عبيد الله التيمي.
أخبار عبد الرحمن بن عوف
رضي الله تعالى عنه
نسب عبد الرحمن
رضي الله تعالى عنه:
قال أبو محمد: هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان اسمه في الجاهلية عبد الحارث وقيل: عبد عمرو، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن، وقتل أبوه عوف في الجاهلية بالغميصاء قتله بنو جذيمة، وكانت أمه تسمى الشفاء وهي زهرية أيضاً، وكان لعبد الرحمن إخوة أحدهم: عبد الله بن عوف من سرات وقريش، وابنه طلحة بن عبد الله بن عوف له عقب بالمدينة، والآخر الأسود بن عوف كانت له صحبة ووجده عمر بن الخطاب بمكة شارباً فأمر به فجلده الحد، وشهد يوم الجمل مع عائشة فقتل وله عقب.
وكان عبد الرحمن يكنى أبا محمد وهو أحد العشرة الذين سموا للجنة وأحد الستة الذين ذكروا للشورى وكان به برص.
قال الواقدي: ولد عبد الرحمن بن عوف بعد الفيل بعشر سنين، ومات سنة اثنتين وثلاثين وهو يومئذ عن خمس وسبعين سنة. قال أبو اليقظان: توفي في خلافة عثمان وقسم ميراثه على ستة عشر سهماً، فبلغ نصيب كل امرأة له ثمانين ألف درهم، وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً وأوصى أن يصلي عليه عثمان بن عفان.
حلية عبد الرحمن بن عوف
قال الواقدي: كان رجلاً طوالاً حسن الوجه رقيق البشرة فيه جناً أبيض مشرب حمرة لا يغير رأسه ولا لحيته، وقالت سهلة بنت عاصم بن عدي: كان أعين أقنى طويل الثنيتين العليتين ربما أدمى بهما شفته جداً، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق تنظر إلى صورة وجهه كأن فيه حباب الماء، ضخم الكفين غليظ الأصابع.
ولد عبد الرحمن بن عوف
فولد عبد الرحمن محمداً وإبراهيم وحميداً وزيداً، أمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأبا سلمة الفقيه أمه تماضر بنت الأصبغ الكلبية، ومصعباً أمه يمانية، وعثمان والمسور وعمر وغيرهم وبنات.
محمد بن عبد الرحمن: فأما محمد بن عبد الرحمن فكان شديد الغيرة وولد عبد الواحد وله عقب.
إبراهيم: وأما إبراهيم فكان سيد القوم وكان قصيراً وتزوج سكينة بنت الحسين فلم يرض بذلك بنو هاشم فخلعت منه وكان يكنى أبا إسحاق، ومات سنة ست وسبعين وهو ابن خمس وسبعين سنة، فولد إبراهيم سعد بن إبراهيم، أمه بنت سعد بن أبي وقاص، وكان قاضي المدينة زمن هشام، وله عقب، وقال فيه موسى شهوات:
يتقي الناس فحشه وأذاه * مثل ما يتقون بول الحمار
لا يغرنك سجدة بين عينيه * حذاري منها ومنها فراري
وذكر أنه جلد رجلاً دخل عليه، فقال له: في أي شيء جلدتني? قال: في السماجة. فقال قائل بالمدينة:
جلد الحاكم سعد اب * ن سليم في السماجة
فقضى الله لسعد * من أمير كل حاجة
وتوفي سعد بالمدينة سنة سبع وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وابنه إبراهيم بن سعد أبو إسحاق كان ببغداد على بيت المال، وكان عسراً في الحديث، ومات ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة.
حميد بن عبد الرحمن: وأما حميد بن عبد الرحمن فكان له مال وجاه وحمل عنه الحديث وكان يكنى أبا عبد الرحمن، ومن ولده عبد الرحمن بن حميد كان من سروات قريش بالمدينة، ومات بالمدينة سنة خمس وتسعين، ويقال إنه مات سنة أربع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقال بعضهم: مات سنة خمس ومائة.
أبو سلمة بن عبد الرحمن: وأما أبو سلمة بن عبد الرحمن فكان فقيهاً يحمل عنه الحديث واسمه عبد الله وابنه عمر بن أبي سلمة قتله أبو جعفر بالشام، وكان عمر مع بني أخت له من بني أمية فقتله معهم، ومات أبو سلمة سنة أربع وتسعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. ويقال إنه مات سنة أربع ومائة.
مصعب بن عبد الرحمن: وأما مصعب بن عبد الرحمن فكان شجاعاً، وقال عبد الملك لرجل من أهل الشام أي فارس لقيته قط أشد? قال: مصعب. فقتل مع ابن عم الزبير، وكان قبل ذلك مع مروان على شرطته بالمدينة، وفيه يقول ابن قيس الرقيات:
حال دون الهوى ودو * ن سرى الليل مصعب
وسياط على أك * ف رجال تقلب
وقال الواقدي: قتل مصعب بن عبد الرحمن من أصحاب الحصين بن نمير بيد خمسة، ثم رجع وسيفه منحنٍ فجعل يقول:
إنا لنوردها بيضاً ونصدرها * حمراً وفيها انحناء بعد تقويم
وكان الواقدي ينكر أنه توفي ولم يقتل.
سهيل بن عبد الرحمن: وأما سهيل بن عبد الرحمن فكان تزوج الثريا امرأة من بني أمية الصغدي، وهي التي كان يشبب بها عمر بن أبي ربيعة، فقال:
أيها المنكح الثريا سهيلاً * عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت * وسهيل إذا استقل يماني
ولسهيل عقب بالمدينة منهم: عتير بن سهيل وكان صاحب شراب، وفيه يقول الشاعر:
إذا أنت نادمت العتير وذا الندى * جبيراً وعاطيت الزجاجة خالدا
وجبير هو ابن أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالد هو ابن أبي أيوب الأنصاري.
عمر بن عبد الرحمن: وأما عمر بن عبد الرحمن فكان من جلداء قريش، وهو أحد من عمل في أمر الحجاج حتى عزله عبد الملك عن المدينة، ومن ولده: محمد بن عبد العزيز قاضي أبي جعفر على المدينة، وله عقب.
وأما المسور بن عبد الرحمن فقتل يوم الحرة.
وأما عثمان بن عبد الرحمن فله عقب بالبصرة.
أخبار سعد بن أبي وقاص
رضي الله تعالى عنه
نسب سعد
قال أبو محمد: هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، يكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، وله أخوان: عتبة وعمير. فأما عتبة: فمن ولده هاشم بن عتبة المرقال وكان أعور، وكان مع علي يوم صفين، وكان من أشجع الناس وهو القائل:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا
لا بد أن يغل أو يغلا"
وأما عمير بن أبي وقاص فاستشهد يوم بدر، وكان سعد أحد العشرة الذين سموا للجنة، وأحد أصحاب الشورى، وكان أرمى الناس، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم استجب دعوته وسدد رميته." وجمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه، فقال: أرم فداك أبي وأمي. وقال: هذا خالي فليأت كل رجل بخاله، وولاه عمر بن الخطاب الكوفة. وكان على الناس يوم القادسية، وكان به جراح فلم يشهد الحرب واستخلف خليفة، ففتح الله على المسلمين. فقال رجل من بجيلة:
ألم تر أن الله أظهر دينه * وسعد بباب القادسية معصم
فأبنا وقد أيمت نساء كثيرة * ونسوة سعد ليس منهن أيم
فقال سعد: اللهم أكفنا يده ولسانه! فأصابته رمية رمية فخرس ويبست يده، ثم شكا أهل الكوفة سعداً فعزله عمر، ثم ولاه عثمان بعده الكوفة ثم عزله، واستعمل الوليد بن عقبة، فلما قدم عليه قال سعد للوليد: يا أبا وهب أكست بعدنا أم حمقنا بعدك? فقال: ما كسنا ولا حمقت ولكن القوم استأثروا! ثم ذكر شيئاً ومات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، فحمل إلى المدينة على رقاب الناس وكان وفاته سنة خمس وخمسين وهو آخر العشرة موتاً، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة لمعاوية، وبلغ من السن بضعاً وثمانين سنة أو بضعاً وسبعين سنة، وكان يقول: أسلمت وأنا ابن تسعة عشرة سنة.
حلية سعد رضي الله عنه: قال الواقدي: قالت عائشة بنت سعد: كان أبي رجلاً قصيراً دحداحاً غليظاً ذا هامة، ششن الأصابع. وقال عامر بن سعد: كان سعد جعد الشعر أشعر الجسد آدم طويلاً، وذهب بصره في آخر عمره.
ولد سعد
فولد سعد عمر بن سعد ومحمد بن سعد وعامر بن سعد وموسى بن سعد ومصعب بن سعد وعائشة بنت سعد وغيرهم.
فأما عمر بن سعد: فهو قاتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وكان عبيد الله بن رياد وجهه لقتاله، فلما كان أيام المختار بعث إلى عمر بن سعد أبا عمرة مولى بجيلة فقتله وحمل رأسه إليه وعنده حفص بن عمر بن سعد، فقال له المختار: أتعرف هذا الرأس? قال: نعم هذا رأس أبي حفص. قال: فألحقوا حفصاً بأبي حفص فقتل ولعمر عقب بالكوفة.
وأما محمد بن سعد فخرج مع ابن الأشعث فقتله الحجاج صبراً، وكان ابنه إسماعيل بن محمد بن سعد من فقهاء قريش وذوي النبل منهم.
وأما عامر بن سعد فذكروا أنه بكى عند موت أبيه، فقال له: ما يبكيك يا بني إني أقسم على ربي أنه لا يعذبني ، ومات مصعب سنة ثلاث ومائة وقد روي عنه الحديث.
وأما موسى بن سعد فله عقب منهم نجاد بن موسى.
أخبار سعيد بن زيد
رضي الله تعالى عنه
نسب سعد
قال أبو محمد هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن قرط بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وعمر بن الخطاب ابن عم أبيه وكان نفيل ولد عمر بن نفيل والخطاب بن نفيل، وأم الخطاب امرأة من فهم، فتزوج عمرو بن نفيل امرأة أبيه بعد أبيه فولد عمرو زيد بن عمرو وأمه أم الخطاب.
وكان زيد رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين حتى وقع على رجل بالجزيرة فوصف له دين إبراهيم وقال: ارجع إلى بلادك فقد دنا خروج نبي فإذا خرج فاتبعه، فبقي زيد حتى لقي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه حديثه وقال: قد رجعت فما أرى شيئاً، وذلك قبل أن يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى الشام فقتله النصارى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه يبعث أمة وحده. وله يقول ورقة بن نوفل:
رشدت وأنعمت بن عمرو وإنما * تجنبت تنوراً من النار حاميا
وزيد بن عمرو القائل:
أسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذباً زلالا
فولد زيد بن سعيد بن زيد وعاتكة بنت زيد.
فأما عاتكة فكانت عند عبد الله بن أبي بكر، ثم خلف عليها عمر بن الخطاب ثم خلف عليها الزبير.
وأما سعيد بن زيد فكان يكنى أبا الأعور، وكان من المهاجرين الأولين. وأسلم قبل عمرو وهو أحد العشرة الذين سموا للجنة، وبقي إلى خلافة معاوية، وعقبه بالكوفة كثيرة، وكانت له بنت عند الحسن بن الحسن بن علي، وبنت عند المنذر بن الزبير بن العوام، وبنت عند عاصم بن المنذر. ومن ولد محمد بن عبد الله بن سعيد كان يقول الشعر، وهو القائل ليزيد بن معاوية يوم الحرة:
لست فينا وليس خالك منا * يا مضيع الصلاة للشهوات
قال الواقدي: كان سعيد رجلاً آدم طوالاً أشعر، وتوفي سنة إحدى وخمسين وهو يومئذ ابن بضع وسبعين سنة، وقبره بالمدينة ونزل في قبره سعد بن أبي وقاص وابن عمر، وقال غيره: كان ممن سكن الكوفة وقبر بها.
أبو عبيدة بن الجراح
رضي الله عنه
نسبه
قال أبو اليقظان: هو أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح، ونسب إلى جده واسمه عامر، وهو من بني الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وبنو فهر وهو قريش، ومن فهر تفرقت قبائلها، وأمه من بني الحارث بن فهر، وقد أسلمت وزوجها أبو عبيدة في الإسلام، والحارث بن فهر من المطيبين، وأبو عبيدة من عظماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة". وقال أبو بكر يوم سقيفة بني ساعدة: رضيت لكم أحد صاحبي أبا عبيدة أو عمر. أما أبو عبيدة فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لكل أمة أمين وأبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة".
وأما عمر فسمعته يقول: اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل. ومات أبو عبيدة بالشام في طاعون عمراس ولا عقب له. قال جهل. قال الواقدي: وكان رجلاً نحيفاً معروق الوجه خفيف اللحية طوالاً أجنأ أثرم الثنيتين، وكان يخضب بالحناء والكتم. قال غيره: سبب ثرمه أنه كان انتزع نصالاً من جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بثنيته فسقطتا، فما رؤي أهتم كان أحسن من أبي عبيدة. والأهم هو الأثرم، وحكى الواقدي عن رجل من قومه: أنه شهد بدراً وهو ابن إحدى وأربعين سنة، ومات سنة ثماني عشرة وهو ابن ثمان وخمسين.
?عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه
نسبه
كان عبد الله بن مسعود من هذيل، ورهطه منهم: بنو عمر بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وكان من خلفاء بني زهرة ويكنى أبا عبد الرحمن، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وبيعة الرضوان وجميع المشاهد، وكان على قضاء الكوفة وبيت مالها لعمر وصدراً من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة قتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة ودفن بالبقيع، وكان رجلاً نحيفاً قصيراً يكاد الجلوس توازيه من قصره، وكان شديد الأدمة وله شعر يبلغ ترقوته يجعلها وراء أذنيه، وكان لا يغير شيبه، وكان يتختم بالحديد.
ولد عبد الله بن مسعود
ومن ولد عبد الله بن مسعود عبد الرحمن بن عبد الله وعتبة بن عبد الله وأبو عبيدة بن عبد الله.
فأما عبد الرحمن فولد القاسم بن عبد الرحمن وكان على قضاء الكوفة، ومعن بن عبد الرحمن وولد معن القاسم بن معن وكان على قضاء الكوفة ولم يرتزق شيئاً حتى مات، وكان عالماً بالفقه والحديث والشعر وأيام الناس والنسب وكان يقال له شعبي زمانه.
وأما عتبة بن عبد الله فله عقب منهم: أبو عميس عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، مات ببغداد وأخوه عبد الرحمن المسعودي واختلط في آخر عمره ومات ببغداد وهو المسعودي الأكبر.
وأما الأصغر فهو عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة.
??عتبة بن مسعود
أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: وكان لعبد الله أخ يقال له عتبة بن مسعود لأبويه، وكان قديم الإسلام ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ومات في خلافة عمر، وكان له ابن يقال له عبد الله ويكنى أبا عبد الرحمن منزله بالكوفة، ومات بها في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان كثير الحديث والفتيا فقيهاً. ومن ولده: عبيد الله بن عبيد الله بن عتبة كان عالماً وهو الذي يروي عنه الزهري، وكان الزهري يقوم له إذا خرج، فلما ظن أنه قد استنفد ما عنده لم يقم، فقال له: إنك في العزاز، فقم العزاز ما غلظ من الأرض يقول إنك بعد في الأطراف، ومات سنة ثمان وتسعين. ومن ولده عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كان زاهداً عالماً وكان في أول عمره يقول بالإرجاء ثم رجع عن ذلك وقال:
وأول ما نفارق غير شك * نفارق ما يقول المرجئونا
وقالوا مؤمن دمه حلال * وقد حرمت دماء المؤمنينا
وقالوا مؤمن من أهل جود * وليس المؤمنون يحاربونا
وكان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز له، ويقول جرير:
يا أيها القارئ المرخي عمامته * هذا زمانك إني قد خلا زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه * إني لدى الباب كالمشدود في قرن
ولعون كلام كثير بليغ حسن، وأوصى ابنه بوصية طويلة أولها: يا بني كن ممن نأيه نز عمن نأى عنه تقى وتراهة. وعوتب أخوه عبيد الله في قول الشعر، فقال: لا بد للمصدر من أن ينفث
أبو ذر الغفاري
رضي الله عنه
نسبه
قال أبو اليقظان: اسمه جندب بن السكن. ولقبه برير، قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، قال: حدثنا عمر بن ثابت عن ابن إسحاق عن حفص بن المعتمر، قال: جئت وأبو ذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول أنا أبو ذر الغفاري من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا "، وهو من غفار، وغفار قبيلة من كنانة، وهو غفار بن مليك بن ضمرة بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة، وأسلم رجع إلى بلاد قومه فأقام حت مضت هذه المشاهد، ثم قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عثمان شيره إلى الربذة فمات بها سنة اثنتين وثلاثين وليس له عقب. وعبد الله الصامت بن أخي ذر ويكنى أبا نصر.
معاذ بن جبل معاذ
رضي الله عنه
نسبه
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي، وهو من الخزرج ويكنى أبا عبد الرحمن وأمه هند بنت سهل بن جهينة وأخوه لأمه عبد الله بن جرير بن قيس بدوي. وقال بعضهم: لم يولد له قط. وقال آخرون: كان له من الولد أم عبد الله وهي من المبايعات، وابنان أحدهما عبد الرحمن ولم يسم الآخر. فهلك هو وابناه في طاعون عمواس بعد أبي عبيدة، ولا عقب له وكانت وفاته بناحية الأردن.
واختلفوا في سنه فروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: مات معاذ وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وقال الواقدي: شهد معاذ بدراً وهو ابن عشرين سنة أو إحدى وعشرين سنة. ومات سنة ثماني عشرة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. واختلفوا في لونه، فقال الواقدي: كان أبيض طوالاً حسن الثغر عظيم العينين جعداً قططاً من أجمل الرجال، وقال غيره: كان آدم جميلاً براق الثنايا.
عبادة بن الصامت
رضي الله عنه
نسبه
هو عبادة بن الصامت بن قيس من الخزرج ويكنى أبا الوليد وأمه قرة العين بنت عبادة بن فضلة خزرجية، وكان عبادة أحد النقباء الاثني عشر وشهد بدراً والمشاهد كلها، وشهد العقبة مع السبعين وأخوه أوس بن الصامت شهد بدراً وهو أول من ظاهر في الإسلام وكان به لمم فلاحى امرأته خولة في بعض صحواته، فقال: أنت علي كظهر أمي ثم ندم، القصة. وكان عبادة جميلاً جسيماً توفي بالرملة من الشام سنة أربع وثلاثين وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة، وابنه الوليد بن عبادة ولد في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان بالشام، وكان ثقة قليل الحديث وله عقب.
عمار بن ياسر
رضي الله عنه هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك من عنس، وعنس من مذحج من اليمن رهط العنسي الكذاب المتنبي وهم أخوة مراد من مذحج وسعد العشيرة من مذحج، وكان ياسر قدم من اليمن مكة وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي وزوّجه أبو حذيفة أمة له يقال لها سمية فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة. ولم يزل ياسر وعمار ابنه مع أبي حذيفة إلى أن مات، وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وعمار وسمية وأخوه عبد الله بن ياسر وخلف على سمية بعد ياسر الأزرق، وكان غلاماً رومياً للحارث بن كلدة وهو ممن خرج يوم الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع عبيد أهل الطائف، ومنهم: أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولدت سمية للأزرق سلمة بن الأزرق وهو أخو عمار بن ياسر لأمه ثم ادعى ولد سلمة أنهم من غسان وأنهم حلفاء لبني أمية وشرفوا بمكة، وتزوج الأزرق وولده في بني أمية، وكان لهم منهم أولاد. وسمية أم عمار أول شهيدة استشهدت في الإسلام وجأها أبو جهل بحربة فماتت، وشهد عمار صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقتل ودفن هناك وصلى عليه علي ولم يغسله، وعمار ممن شهد بدراً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: حدثني الزيادي، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا زمعة بن كلثوم بن جبير، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو العامرية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإن الحق يومئذ لمع عمار". قال أبو العامرية: وسمعت عماراً يذكر عثمان في المسجد، قال: يدعى فينا جباناً ويقول إن نعثلا هذا يفعل ويفعل يعيبه، فلو وجدت ثلاثة أعوان يومئذ لوطئته حتى أقتله، فبينما أنا بصفين إذ أنا به أول الكتيبة، فطعنه رجل في كتفه فانكشف المغفر عن رأسه فضرب رأسه فإذا رأس عمار قد نذر، قال أبي، فما رأيت شيخاً أضل منه يروي إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما قال، ثم ضرب عنق عمار.
قال الواقدي: كان عمار رجل آدم طويلاً مضطرباً أشهل العينين بعيد ما بين المنكبين يكنى أبا اليقظان. وقال غيره: وقطعت أذن عمار يوم اليمامة، وقتل سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وكان لعمار ابن يقال له محمد بن عمار قد روى عنه.
وسعد القرظ مولى عمار كان يؤذن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بقباء، فلما ولي عمر أنزله المدينة فكان يؤذن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولده إلى اليوم يؤذنون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سعد بن عبادة
رضي الله عنه هو سعد بن عبادة بن دليم من بني ساعدة من الخزرج ويكنى أبا ثابت، وكان يكتب في الجاهلية ويحسن العوم والرمي، وكان يسمى الكامل، ولم يشهد بدراً لأنه كان نهش، ثم شهد المشاهد كلها وخرج إلى الشام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بحوران لسنتين ونصف من خلافة عمر، وكان سبب موته أنه جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته واخضر جلده، وقال رجل من ولده: ما علمنا بموته بالمدينة حتى بلغنا أن غلماناً سمعوا قائلاً في بئر يقول:
قد قتلنا سيد الخز * رج سعد بن عباده
ورميناه بسهمي * ن فلم نخط فؤاده
ويقال: إنه نهش وهو الصحيح. ومن ولده: قيس بن سعد يكنى أبا عبد الملك وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث، وتوفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية، وسعيد بن سعد كانت تحته بنت أبي الدرداء وله منها أولاد.
زيد بن ثابت
رضي الله عنه
هو زيد بن ثابت بن الضحاك من الأنصار أحد بني غنم بن مالك بن النجار ويكنى أبا سعيد ويقال يكنى أبا عبد الرحمن، قتل أبوه في وقعة بعاث وهو ابن ست سنين، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة، وكان آخر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن على مصحفه وهو أقرب المصاحف من مصحفنا، وقد كتب زيد لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ومات سنة خمس وأربعين وصلى عليه مروان، وكان له أخ يقال له يزيد بن ثابت، وابنه خارجة بن زيد يكنى أبا زيد قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها فمات فيها وهي سنة مائة بالمدينة، وقتل لزيد بن ثابت يوم الحرة سبعة أولاد لصلبه وله عقب بالمدينة.
أبي بن كعب
رضي الله تعالى عنه هو من الأنصار ويكنى أبا المنذر وكان يكتب في الجاهلية، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وكان دحداحاً أبيض الرأس واللحية لا يغير شيبه، واختلف في وقت موته، فقال قوم: مات في خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين، فقال عمر: اليوم مات سيد المسلمين. وقال آخرون: مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان وكان له أولاد منهم الطفيل ابن أبي ومحمد بن أبي.
المقداد بن الأسود
رضي الله عنه قال أبو اليقظان: هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة من اليمن، وكان الأسود بن عبد مناف بن زهرة ادعاه لأنه كان حليفاً له فنسب إليه ثم رجع إلى نسبه وكان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وكانت تحته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجلاً طوالاً آدم ذا بطن كثير شعر الرأس يصفر لحيته أعين مقروناً أقنى ويكنى أبا معبد ومات بالجرف فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين وهو ابن سبعين سنة أو نحوها.
حذيفة بن اليمان
رضي الله عنه قال أبو اليقظان: هو حذيفة بن حشد بن جابر وكان حشد يلقب اليمان ويكنى أبا عبد الله، قال: وهو من بني عبس وعداده في بني عبد الأشهل، وأسلم من بني عبس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، وشعارهم عشرة وأسلم اليمان وأخطأ به المسلمون يوم أحد فقتلوه، وحذيفة يقول أبي أبي. وقال غيره: حذيفة بن حشد بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وجروة هو اليمان وكان أصاب دماً في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لأنه حالف اليمانية.
وروى الأشعث عن الحسن إنه قال: كان حذيفة رجلاً من عبس فخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شئت كنت من المهاجرين، وإن شئت كنت من الأنصار. قال: من الأنصار. قال: فأنت منهم. ولحذيفة عقب في الأنصار، ولم يشهد حذيفة بدراً وأخوه صفوان بن اليمان شهد أحد ولم يشهد بدراً، وهلك حذيفة بالكوفة بعد مقتل عثمان. وقال الواقدي: مات بالمدائن سنة ست وثلاثين وجاءه نعي عثمان ولم يدرك الجمل، وكان الجمل لعشر ليال خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وأخته ليلى بنت اليمان أم سلمة بنت ثابت بن وقش، وأخته فاطمة بنت اليمان.
صهيب بن سنان
رضي الله عنه هو صهيب بن سنان بن مالك بدري، وجميع المدنيين يثبتون نسبه في النمر بن قاسط وأمه سلمى من مازن تميم. وقال بعضهم: كان أبوه سنان بن مالك عاملاً لكسرى على الأبلة، وكذلك كان عمه، وكانت منازلهم بأرض الموصل وما يليها من الجزيرة، فأغارت الروم على تلك الناحية فسبوا صهيباً وهو غلام صغير فنشأ بالروم فابتاعته كلب منهم ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان، ويقال: إن ابن جدعان أعتقه وبعث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول ولده إنه هرب من الروم فقدم مكة فخالف عبد الله بن جدعان.
قال: وحدثني زياد بن يحيى، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا يوسف عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق فارس وبلال سابق الحبش.
قال الواقدي: كان صهيب رجلاً أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير وهو إلى القصر أقرب، كثير شعر الرأس يخضب بالحناء والكتم وكان مزاحاً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتأكل تمراً وبك رمد? فقال: يا رسول الله! إنما أمضغ بالناحية الأخرى، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم منه، وتوفي بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في شوال وهو ابن سبعين سنة فدفن بالبقيع، وأولاده: حمزة وصيفي وعمارة بنو صهيب.
أبو موسى الأشعري
رضي الله عنه هو عبد الله بن قيس من الأشعريين من اليمن وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشعريين فأسلموا. وأول مشاهده خيبر وكان يقال لأمه طغية.
قال أبو محمد: الطغية: خوصة المقل وهي من عك. وأسلمت أمه طغية وماتت بالمدينة وكان لبني موسى أخوة أسلموا، منهم: أبو عامر بن قيس قتل يوم أوطاس، وأبو بردة بن قيس، وأبو رهم بن قيس، ولم يروِ أبو رهم عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.
وكان أبو موسى خفيف الجسم قصيراً ثطاً، والثط: السناط،، حسن الصوت بالقرآن. وتوفي سنة اثنتين وخمسين، ويقال سنة اثنتين وأربعين وكان له أولاد. منهم: أبو بردة بن أبي موسى كان قاضياً وابنه بلال بن أبي بردة كان قاضياً، واسم أبي بردة عامر بن عبد الله، وتوفي أبو بردة سنة ثلاثة ومائة. ومنهم: موسى بن أبي موسى أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب. ومنهم أبو بكر بن أبي موسى واسمه وكنيته وكان أسن من أبي بردة.
خالد بن الوليد
رضي الله عنه وهو خالد بن الوليد بن المغيرة من بني مخزوم، وأمه لبابة الصغرى بنت الحرث الهلالية أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأخت لبابة الكبرى وهي أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، وأم عبد الله بن العباس والفضل وعبيد الله وغيرهم من ولده. ويكنى خالد أبا سليمان ولم يشهد بدراً ولا أحداً ولا الخندق: وكان في ذلك كله مع المشركين وأسلم سنة ثمان هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة. وخالد قتل مسيلمة ومالك بن نويرة وهزم طليحة الكذاب وقتل بني جذيمة وهم من بني كنانة بالغميصاء فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وافتتح عين التمر وعامة الشام وحمى المسلمين يوم مؤته ومات بحمص سنة إحدى وعشرين، وكان له بالشام من الولد عدد كثير فقتل الطاعون منهم أربعون رجلاً فبادوا، وكان خالد يقول: لقد لقيت كذا وكذا زحفاً فما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء.
أبو سعيد الخدري
رضي الله تعالى عنه هو سعد بن مالك منسوب إلى الخدرة وهم من اليمن، وأخوه لأمه قتادة بن النعمان، وكان قتادة من الرماة المذكورين في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبو سعيد سنة أربع وسبعين وفيها مات سلمة بن الأكوع وكان له من الولد عبد الرحمن وسعيد وبشير.
فأما عبد الرحمن فكان يكنى أبا محمد ومات سنة اثنتي عشرة ومائة بالمدينة وولد لعبد الرحمن عبد الله وربيح واسمه سعيد وهو ضعيف عند أصحاب الحديث ليس بثبت وحديثه كثير.
أبو الدرداء
رضي الله تعالى عنه
هو عويمر بن مالك، ويقال عويمر بن زيد، ويقال عويمر بن عامر بن الحرث بن الخزرج، وكان آخر أهل داره إسلاماً، وكان قبل إسلامه تاجراً ومات بالشام سنة اثنتين وثلاثين وعقبه بالشام.
عثمان بن أبي العاص الثقفي
رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عبد الله واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف فلم يزل عليها إلى أن مضت سنون من خلافة عمر، واستعمله عمر على عمان والبحرين وصار إلى توج فقاتل شهرك الأذري فقتل شهرك، ونزل عثمان بالبصرة فأقطعه عثمان بن عفان اثني عشر ألف جريب ومات في خلافة معاوية وله عقب أشراف.
محمد بن مسلمة
رضي الله عنه
هو محمد بن مسلمة بن سلمة من بني حارثة بن الحرث بن الخزرج حليف لبني عبد الأشهل، وكان يقال له فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلفه في غزاة قرقرة الكدر على المدينة، وكان أسود طويلاً عظيماً أصلع، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، والمشاهد كلها، واتخذ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفاً من خشب وجعله في جفن ولم يشهد الجمل. ولا صفين ولا حارب في فتنة، وكان يكنى أبا عبد الرحمن ونزل بالمدينة ومات بها في صفر سنة ست وأربعين أو ثلاث وأربعين وصلى عليه مروان بن الحكم وكان له من الولد عشرة ذكور وست بنات.
أبو الهيثم بن التيهان
هو مالك بن التيهان بن بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف لبني عبد الأشهل، وقال بعضهم: هو من الأوس وكان يخرص لرسول الله صلى الله عليه وسلم النخل، وذكر قوم أنه شهد صفين مع علي بن أبي طالب، رواه جرير عن عمر بن ثابت وليس يعرف ذلك أهل العلم ولا يثبتونه، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة سنة عشرين وليس له عقب باق، وأخوه عبيد بن التيهان يختلف في اسمه فيقول قوم عبيد ويقول قوم عتيك.
سلمان الفارسي
رضي الله تعالى عنه كان يكنى أبا عبد الله، ويقول قوم إنه من أهل أصبهان، ويقول قوم إنه من فارس من رامهرمز، وأصبهان تحاذي فارس، ولم يشهد بدراً ولا أحداً لأنه كان في أوقاتهما عبداً وأول غزاة غزاها الخندق سنة خمس من الهجرة وعمر طويلاً ومات في أول خلافة عثمان.
وفي بعض الروايات: أنه مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه بالمدائن.
أبو طلحة الأنصاري
رضي الله عنه هو زيد بن سهل وهو القائل:
أنا أبو طلحة واسمي زيد * وكل يوم في سلاحي صيد
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل"، وكان من الرماة وقتل يوم حنين عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، وكان آدم مربوعاً لا يغير شيبه، ومات بالمدينة سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان، وأهل البصرة يروون أنه ركب البحر فمات فيه ودفنوه في جزيرة، وكانت أم سليم بنت ملحان تحت أبي طلحة وهي أم أنس بن مالك وأخوها حرام بن ملحان.
أبو دجانة الأنصاري
رضي الله عنه هو سماك بن خرشة وكان شهد يوم مسيلمة وشارك في قتل مسيلمة ثم قتل في ذلك اليوم، وله عقب بالمدينة والعراق.
أبو أسيد الساعدي
رضي الله عنه هو مالك بن ربيعة، وكان قصيراً دحداحاً كثير شعر الرأس أبيض الرأس واللحية، وذهب بصره ومات وهو ابن ثمان وسبعين وذلك سنة ستين وله عقب بالمدينة ومدينة السلام.
أبو حذيفة بن عتبة
رضي الله عنه هو هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرتين جميعاً، وولد له هناك محمد بن أبي حذيفة، وكان أبو حذيفة طوالاً حسن الوجه أثعل أحول وقتل يوم اليمامة، وكفل عثمان بن عفان ابن أبي حذيفة ولم يزل في نفقته، فلما حصر عثمان وكان محمد بن أبي حذيفة أحد من وثب به وأعان عليه وحرض أهل مصر حتى ساروا إليه، فلما قتل عثمان هرب محمد بن أبي حذيفة إلى الشام فوجده رشدين مولى معاوية فقتله، وقد انقرض ولد أبي حذيفة فلم يبق منهم أحد، وانقرض ولد أبيه عتبة بن ربيعة إلا ولد المغيرة بن عمران بن عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة فإنهم بالشام.
سالم مولى أبي حذيفة
بن عتبة رضي الله عنه كان سالم يكنى أبا عبد الله وهو بدري وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر، وكان ولاء سالم لامرأة أبي حذيفة وكانت أنصارية، فجعلت ولاءه لأبي حذيفة. وقال بعضهم هو سالم بن معقل من أهل اصطخر وكان مولى لبثينة الأنصارية، فهو يذكر في الأنصار لعتقها إياه ويذكر في المهاجرين لموالاته لأبي حذيفة، وكانت بثينة تحت أبي حذيفة فأعتقته سائبة. قال: والسائبة الذي لا يرجع إليه من أسبابه شيء، فتولى أبا حذيفة وتبناه وزوّجه أبو حذيفة بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة. ويقول قوم: إن المعتقة له امرأة أبي حذيفة كان اسمها سلمى من خطمة، واستشهد يوم اليمامة ولا عقب له.
عكاشة بن محصن
هو عكاشة بن محصن بن حرثان من أسد خزيمة بدري يكنى أبا محصن، وأخته أم قيس بنت محصن التي دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة والعذرة وجع الحلق، وكان عكاشة من أجمل الرجال وبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة بغير حساب، وقتل ببزاخة في خلافة أبي بكر وأخوه أبو سنان بن محصن شهد بدراً وأحداً والخندق وسائر المشاهد، وهو أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في قول بعضهم.
وقال الواقدي: أول من بايعه بيعة الرضوان ابنه سنان بن أبي سنان الأسدي، ويقال عبد الله ابن عمر.
أبو أيوب الأنصاري
رضي الله تعالى عنه هو خالد بن زيد بن كليب شهد مع علي حروراء وغزا مع يزيد بن معاوية ومات بالقسطنطينية وقبر بأصل سور المدينة وغبى قبره.
قال مجاهد: أمر يزيد بالخيل فجعلت تقبل عليه وتدبر حتى غبى، فأشرف أهل القسطنطينية فقالوا: لقد كان لكم الليلة شأن قالوا: هذا رجل من أكابر صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاماً وقد دفناه حيث رأيتم والله لئن نبش لأضرب بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.
قال مجاهد: فكانوا إذا محلوا كشفوا عن قبره فمطروا، وله عقب بالمدينة.
?عتبة بن غزوان رضي الله تعالى عنه هو عتبة بن غزوان بن الحرث بن جابر من بني مازن أخي سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، وهو من المهاجرين الأولين، وهو ممن شهد بدراً، وكان من الرماة المذكورين وهو الذي افتتح الأبلة واختط البصرة وأمر محجن بن الأزرع فاختط مسجد البصرة، وكان رجلاً طوالاً قدم المدينة في الهجرة وهو ابن أربعين سنة وتوفي وهو ابن سبع وخمسين سنة في طريق مكة بمعدن بني سليم في خلافة عمر سنة سبع عشرة ومولاه خباب، شهد بدراً.
يعلى ابن منية
رضي الله تعالى عنه هو يعلى ابن منية من المهاجرين وأمه منية نسب إليها، وهي منية بنت الحرث بن جابر من بني مازن بن منصور، ومنية عمقة عتبة بن غزوان، وكان اسم أبيه أمية بن أبي عبيدة من بني زيد بن مالك بن حنظلة، وجاء يعلى بابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله???! بايعه على الهجرة. فقال: لا هجرة بعد الفتح. وولى أبو بكر رضي الله تعالى عنه يعلى اليمن وتزوج بنت الزبير بن العوام وبنت أبي لهب، وقدم يعلى في خلافة عثمان وأتاه أبو سفيان بن حرب فأعطاه عشرة آلاف درهم، فلما كان يوم الجمل حمل يعلى عائشة على جمل يقال له عسكر فهو جمل عائشة وجهز تسعين رجلاً من ماله فقال علي حين بلغه قدومهم البصرة: بليت بأشجع الناس يعني الزبير بن العوام، وأجبن الناس يعني طلحة، وأطوع الناس في الناس يعني عائشة، وأنض الناس أي أكثر الناس مالاً يعني يعلى ابن منية. وكان له ابن يقال له عبد الله بن يعلى وكان ينزل عليثبالقرب من مكة، وكان شاعراً وهو القائل في زينب امرأته يرثيها:
بوجهك عن مس التراب مضنة * فلا تبعديني كل حي سيذهب
تنكرت الأبواب لما دخلتها * وقالوا ألا بانت اليوم زينب
أأذهب قد خليت زينب طائعاً * ونفسي معي لم ألقها حيث أذهب
ومن موالي يعلى قوم باليمن يدعون بنو هشاب لهم خطر وقدر، وكانوا عرباً من خولان فسباهم يعلى فانتموا إلى اليمن، وفي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلى بن مرة من ثقيف وهو الذي أمره بقطع شجر الطائف.
أبو هريرة
رضي الله تعالى عنه اختلفوا في اسمه واكثروا، فقال الواقدي: هو عبد الله بن عمرو وقال غيره: هو عبد الرحمن، وقال غيره: عبد عمرو بن عبد غنم، ويقال عبد شمس، ويقال: عمير بن عامر: ويقال: سكين. وهو من قبيلة من اليمن يقال لها دوس، وهو دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران من الأزد، وأمه أمية بنت صفيح بن الحرث من دوس، وقد أسلمت أمه وخاله سعد بن صفيح من أشد أهل زمانه.
وقال أبو هريرة: نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت أجيراً لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي، فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إذا ركبوا فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قواماً، وجعل أبا هريرة إماماً، وكنيت بأبي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها. فكان قدومه المدينة سنة سبع والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر فسار إلى خيبر حتى قدم مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان أبو هريرة آدم بعيد ما بين المنكبين ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يصفر لحيته ويعفيها ويحفي شاربه وكان مزّاحاً.
وروى عثمان عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع، قال: كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب حماراً قد شد عليه برذعة وفي رأسه خلبة من ليف فيسير فيلقى الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير. ورربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب فلا يشعرون بشيء حتى يلقي نفسه بينهم ويضرب برجليه فينفر الصبيان فيفرون، وربما دعاني إلى عشائه بالليل فيقول دع العراق للأمير فانظر فإذا هو ثريد بزيت. وتوفي سنة تسع وخمسين ويقال: سنة سبع وخمسين.
عقبة بن عامر الجهني
رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عمرو ويقال كنيته أبو حماد وأسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان يكثر الرمي لشيء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات وترك سبعين قوساً بجعابها ونبالها، وشهد صفين مع معاوية وتحول إلى مصر فنزل بها وبنى داراً له بها وكان يصبغ بالسواد ويقول: نغير أعلاها وتأبى أصولها. وتوفي في آخر خلافة معاوية.
زيد بن خالد الجهني
رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عبد الرحمن، ويقال يكنى أبا طلحة، واختلفوا في الموضع الذي مات فيه، فقال بعضهم: مات بالمدينة سنة ثمان وسبعين وهو ابن خمس وثمانين. وقال آخرون: توفي بالكوفة في آخر خلافة معاوية.
عبد الله بن أنيس الأنصاري
رضي الله عنه كان يكنى أبا يحيى ويعرف بالجهني وليس بجهني، ولكنه من وبرة من قضاعة حليف لبني سلمة، وجهينة أيضاً من قضاعة، شهد العقبة وأحداً واختلف في بدر أشهدها أم لم يشهدها، وكان منزله بإعراف على بريد من المدينة، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عصا وقال: "هي آية بيني وبينك إن أقل الناس المتحضرون يومئذ، وهو الذي يقال فيه ليلة الأعرابي وليلة الجهني" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن ينزل من باديته إلى مسجده فيصلي فيه ليلة ثلاث وعشرين، فكان يدخل المسجد مساء ليلة ثلاث وعشرين إذا صلى العصر، ثم لا يخرج عنه إلا لحاجة حتى يصلي الصبح، ثم يخرج إلى أهله فقيل: ليلة الجهني وهو الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنه قال: "التمسوها الليلة" وكانت ليلة ثلاث وعشرين ومات بالمدينة في خلافة معاوية.
الحرث بن هشام
هو أخو أبي جهل بن هشام بن المغيرة وشهد بدراً مع المشركين، فانهزم، ففيه يقول حسان ابن ثابت:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني * فنجوت منجى الحرث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم * ونجا برأس طمرة ولجام
فاعتذر الحرث من فراره فقال:
الله يعلم ما تركت قتالهم * حتى علوا فرسي بأشقر مزبد
وعلمت أني إن أقاتل واحداً * أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فصددت عنهم والأحبة فيهم * طمعاً لهم بعقاب يوم سرمد
وأسلم يوم فتح مكة وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه وخرج في زمن عمر إلى الشام بأهله وماله فاتبعه أهل مكة يبكون فرق وبكى، ثم قال: أما لو أنا نستبدل داراً بدارنا أو جاراً بجارنا ما أردنا بكم بدلاً، ولكنما النقلة إلى الله. فلم يزل مجاهداً هناك حتى مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة. وابنه عبد الرحمن بن الحرث كان يكنى أبا محمد، وكان اسمه إبراهيم فدخل على عمر بن الخطاب في ولايته حين أراد أن يغير أسماء المسمين بأسماء الأنبياء فسماه عبد الرحمن وثبت اسمه إلى اليوم، وقالت عائشة رضي الله عنها: لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب إليّ من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أولاد كلهم مثل عبد الرحمن بن الحرث، وكان شهد معها الجمل وكان شريفاً سخياً. وتوفي في خلافة معاوية بالمدينة وابنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام اسمه كنيته، وكان يقال له راهب قريش لفضله وكثرة صلاته، واستصغر يوم الجمل فرد هو وعروة بن الزبير وذهب بصره بعد. ودخل مغتسله فمات فيه فجأة سنة أربع وتسعين بالمدينة وهي سنة الفقهاء.
شداد بن الهادي
رضي الله تعالى عنه
هو شداد بن أسامة، سمي الهادي لأنه كان يوقد النار ليلاً لمن يسلك الطريق، وكانت عنده سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس فولدت له عبد الله بن شداد، وكان فيها محدثاً وهو ابن خالة عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد لأن أم عبد الله وأم خالد أختان لأسماء، وسلمى ابنة عميس.
عتاب بن أسيد
رضي الله تعالى عنه هو عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، أسلم يوم فتح مكة، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين استعمله على مكة فلم يزل عليها حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر، ومات هو وأبو بكر في وقت واحد، لم يعلم أحد منهما بموت الآخر. وأخوه خالد بن أسيد لأبويه أسلم يوم فتح مكة وكان فيه تيه شديد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم زده تيهاً"، فكان ذلك في ولده إلى اليوم وله عقب وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد هو يعسوب قريش شبه بيعسوب النحل وهو أميرها، وشهد الجمل مع عائشة فقتل فاحتملت عقاب كفه وأصيبت ذلك اليوم باليمامة فعرفت بخاتمه.
العلاء بن الحضرمي
رضي الله عنه واسم أبيه الحضرمي عبد الله بن ضماد من حضرموت، وكان حليفاً لبني أمية، وأخوه ميمون بن الحضرمي صاحب بئر ميمون التي بأبطح مكة، وكان حفرها في الجاهلية والعلاء هو الذي عبر إلى أهل دارين البحر على فرسه فقاتلهم فقتلهم وسبى الذراري وافتتح أسافاً من فارس وتوفي في خلافة عمر بتياس من أرض تميم، ويقال: إنه كان مستجاب الدعوة.
سهيل بن عمرو
رضي الله عنه يكنى أبا زيد وهو من بني حسل بن عامر بن لؤي من قريش، خرج إلى حنين مه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على شركه وأسلم بالجعرانة وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه وخرج إلى الشام في خلافة عمر بن الخطاب مجاهداً فمات بها في طاعون عمواس، وكان أعلم الشفة، ولا عقب له من الرجال. والأعلم المشقوق الشفة، وكذا الأفلح. وكان أخوه السكران بن عمرو من مهاجرة الحبشة، وكانت سودة تحته فلما مات تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وليس للسكران عقب أيضاً إنما العقب لأخيهما سهل بن عمرو بالمدينة، وكان سهل بن عمرو أسلم يوم فتح مكة وتوفي بالمدينة.
جبير بن مطعم
رضي الله تعالى عنه هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، أسلم عام الفتح بالمدينة ويكنى أبا محمد، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه، وكان من سادة مسلمي الفتح بالمدينة ومات سنة تسع وخمسين وفيها مات أبو هريرة في قول بعضهم، وابنه نافع بن جبير بن مطعم كان ذا كبر وجلس في حلقة العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو يقرئ الناس فلما فرغ قال: أتدرون لم جلست إليكم. قالوا: جلست لتسمع. قال: لا، ولكني أردت التواضع لله بالجلوس إليكم.
عمرو بن العاص
رضي الله تعالى عنه هو عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان العاص أبوه من المستهزئين، فيه نزلت: "إن شانئك هو الأبتر" الكوثر: 3 ". والأبتر الذي ليس له ولد فأراد أنه ينقطع ذكره وأمه النابغة من عنزة وهو العاصي فحذفت الياء، فولد العاص عمرو بن العاص وهشام بن العاص، وكان هشام من خيار المسلمين وقتل في يوم من أيام اليرموك ولا عقب له، وقيل لعمرو بن العاص: أأنت أفضل أم هشام? فقال: أقول فاحكموا: أمه أم حرملة بنت هشام بن المغيرة وهي خالة عمر بن الخطاب وأمي عنزة وكان أحب إلى أبي مني وبصر الوالد بولده ما قد علمتم، وأسلم قبلي واستبقنا إلى فاستشهد يوم اليرموك وبقيت بعده.
وأما عمرو فكان يكنى أبا عبد الله وأسلم سنة ثمان مع خالد بن الوليد، وولاه معاوية مصر ثلاث سنين ثم حضرته الوفاة قبل الفطر بيوم، وقال: اللهم لا براءة لي فأعتذر ولا لجاء لي فأنتصر، أمرتنا فعصينا ونهيتنا فركبنا، اللهم هذه يدي إلى ذقني، ثم أوصى فقال: خدوا لي الأرض خداً وسفوا عليّ التراب سفا، ثم وضع أصبعه في فمه حتى مات. وقبض وهو ابن ثلاث وسبعين سنة فدفن يوم الفطر بحبل المقطم في ناحية الفخ، وكان طريق الناس إلى الحجاز وقد اختلف في وقت موته، فقيل سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وصلى عليه ابنه عبد الله ثم صلى بالناس صلاة العيد.
عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله تعالى عنه كان يكنى أبا محمد وأسلم قبل أبيه وشهد مع أبيه صفين وكان يضرب بسيفين، وكان مسكنه مكة ثم دخل الشام فأقام بها حتى توفي يزيد بن معاوية ثم توفي بمكة سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، ويقال: توفي بمصر ودفن في داره الصغيرة، وكان بين عبد الله بن عمرو وبين أبيه اثنتا عشرة سنة في السن.
قال أبو محمد: ولا نعرف أحداً بينه وبين أبيه في السن هذا غيره. قال: حدثنا إسحاق بن راهويه، قال: حدثنايحيى بن آدم، قال: حدثنا الحسن بن صالح، قال: كانت لنا جارية بنت إحدى وعشرين سنة وهي جدة، وكانت تحته عمرة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب فولدت له محمداً، فولد محمداً شعيباً فولد شعيب عمرو بن شعيب وكان سرياً ربما قسم في المجلس الواحد من صدقة جده خمسين ألفاً، وشعيب بن شعيب وكان سرياً، وكان يقرأ بالسريانية، وكان لعمرو ابن آخر يقال له محمد. ومن موالي عمرو وردان كان ذا رأي وفكر وله بمصر ولد وسوق يعرف بسوق وردان.
أبو بكرة
رضي الله تعالى عنه
هو نفيع بن الحرث بن كلدة منسوب إليه وكان الحرث بن كلدة طبيب العرب وكان عقيماً لا يولد له. وأسلم ومات في خلافة عمر. وأم أبي بكرة سمية من أهل زندرود، وكان كسرى وهبها لأبي الخير ملك من ملوك اليمن، فلما رجع إلى اليمن مرض بالطائف فداواه الحرث فوهبها له، فلما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف قال: "أيما عبد نزل إلي فهو حر" فتدلى أبو بكرة واسمه نفيع وأراد أخوه نافع أن يدلي نفسه فقال له الحرث: أنت ابني فأقم فأقام فنسبا جميعاً إليه، وأمهما سمية هي أم زياد بن أبي سفيان ونسبت أردة بنت الحرث إلى الحرث، وكانت تحت عتبة بن غزوان، فلما ولي عتبة البصرة حملها فخرج معها أخوتها نافع ونفيع وزياد، فلما أسلم أبو بكرة وحسن إسلامه ترك الانتساب إلى الحرث، وكان يقول أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهلك الحرث فلم يقبض أبو بكرة ميراثه، وكان زوج سمية يسمى مسروحا. وتوفي أبو بكرة عن أربعين ولداً من بين ذكر وأنثى وأعقب فيهم سبعة: عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد العزيز وملم ورواد وعتبة.
فأما عبد الرحمن بن أبي بكرة فهو أول مولود ولد بالبصرة. وأول مولود ولد بالكوفة، معاوية ابن ثور من بني البكاء من بني عامر بن ربيعة.
وأما عبيد الله فكان من أجمل الناس وأشجعهم وكان شديد السواد وأقطع عبيد الله عمر بن عبد الله بن معمر سبعمائة جريت في دفعة فخلف عمر أن لا يراه أبداً إلا أخذ بركابه، ولا يزوج ولداً حتى يكون عبيد الله يزوجه، وكان عبد الملك بن مروان يقول: الأرغم سيد أهل الشرق يعني عبيد الله. ويقال: الأرغم الدابة الديزج شبهه به وولاه الحجاج سجستان سنة ثمان وسبعين فغزا بلاد العدو فأصاب أصحابه جوع شديد وأخذ عليهم الشعب فبلغ الرغيف سبعين درهماً فمات هناك عبيد الله وهلك معه بشر كثير ولقوا ما لم يلقه جيش قط، فقال أعشى همدان:
أسمعت بالجيش الذين تمزقوا * وأصابهم ريب الزمان الأعوج
لبثوا بكابل يأكلون خيارهم * في شر منزلة وشر معرج
لم يلق جيش في البلاد كما لقوا * فلمثلهم قل للنوائح تنشج
عمرو بن عبسة
رضي الله تعالى عنه هو من بني سليم ويكنى أبا نجيح وكان يقال له ربع الإسلام لإنه حين أسلم قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: من اتبعك على هذا الأمر? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حر عبد" فالحر أبو بكر والعبد بلال، فكان عمرو بن عبسة يقول: لقد رأيتني وإني لربع الإسلام فلما أسلم عمرو رجع إلى بلاده أرض بني سليم، فلم يزل هناك حتى مضت بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم سكن الشام بعده.
ابن أم مكتوم الأعمى
رضي الله تعالى عنه يقول قوم اسمه عبد الله ويقول آخرون عمرو وهو ابن قيس من بني عامر بن لؤي، وأمه أم مكتوم واسمها عاتكة مخزومية قدم المدينة يصلي بالناس في عامة غزواته، وشهد القادسية ومعه راية سوداء وعليه درع ثم رجع إلى المدينة فمات بها.
سهيل بن حنيف
رضي الله تعالى عنه
هو من الأنصار من بني عمرو بن عوف ويكنى أبا سعد وشهد مع علي بن أبي طالب صفين، وكان يسكن الكوفة ومات بها سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي بن أبي طالب وكبر عليه ستاً، وقال قوم: كبر عليه خمساً، وقال: إنه بدري وابنه أبو إمامة بن سهيل كثير الحديث واسمه أسعد سمي باسم جده أمية، وكان اسمه أسعد بن زرارة، ولسهيل بنون غيره وعقب بالمدينة وبغداد.
تميم الداري
رضي الله تعالى عنه
هو تميم بن أوس من بني الدار بن هانئ من لخم من اليمن ويكنى أبو رقية، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه نعيم بن أوس مع عدة من بني الدار يقال: كانوا عشرة سنة تسع فأسلموا.
عمران الحق
رضي الله تعالى عنه هو من خزاعة بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وصحبه بعد ذلك وروى عنه حديثاُ، وكان من ساكني الكوفة ومن شيعة علي بن أبي طالب، وكان ممن سار إلى عثمان وشهد مع علي ابن أبي طالب مشاهده وأعان حجر بن عدي ثم هرب إلى الموصل ودخل غاراً فنهشته حية فقتلته وبعث إلى الغار في طلبه فوجدوه ميتاً فأخذ عامل الموصل رأسه وحمله إلى زياد وبعث به زياد إلى معاوية وهو أول رأس حمل في الإسلام من بلد إلى بلد.
جرير بن عبد الله البجلي
رضي الله تعالى عنه هو من بجيلة ويكنى أبا عمرو وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في شهر رمضان وبايعه وأسلم، وكان عمر يقول: جرير يوسف هذه الأمة لحسنه. وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "على وجهه مسحة ملك"، وكان طويلاً يقل في ذروة البعير من طوله وكانت نعله ذراعاً ويخضب لحيته بزعفران من الليل ويغسلها إذا أصبح فتخرج مثل لون التبر، واعتزل علياً ومعاوية وأقام بالجزيرة ونواحيها حتى توفي بالشراة سنة أربع وخمسين في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، وكان لجرير ابنان يروي عنهما إبراهيم وأبان جرير وعمر إبراهيم حتى لقيه شريك وأبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، روى عن جده وعن أبي هريرة وله ابن يقال له عمرو ولا يروى عنه.
عمرو بن حريث
رضي الله تعالى عنه هو من بني مخزوم وتزوج بنت عدي بن حاتم على حكم عدي فحكم عدي بأربعمائة درهم وتزوج بنت جرير بن عبد الله البجلي وله عقب بالكوفة وذكر عظيم، ومن مواليه: عمرو بن العلاء وكان جواداً شجاعاً وولاه المهدي طبرستان وفيه يقول بشار:
إذا أرقتك جسام الأمو * ر فنبه لها عمراً ثم نم
دعاني إلى عمر جوده * وقول العشيرة بحر خضم
ولولا الذي زعموا لم أكن * لأمدح ريحانة قبل شم
وكانت أم عمرو بن حريث بنت هشام بن خلف الكناني، وكان هشام شريفاً في الجاهلية وهو الذي بال على رأس النعمان بن المنذر، وذلك أن النعمان كان على دين العرب فحج، فلما صار بمكة رآه هشام فقال: أهذا ملك العرب? قالوا: نعم، فبال على رأسه ليذل، فتحول عن دين العرب وتنصر وكان لعمرو بن حريث أخ يقال له سعيد بن حريث.
النعمان بن بشير
رضي الله تعالى عنه ويكنى أبا عبد الله وأمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة، وفيها يقول الشاعر:
وعمرة من سروات النسا * ء وتنقع بالمسك أردانها
وسمع قائلاً يقول هذا فأسكتوه. فقال النعمان: ما قال إلا حقاً ولم يقل سوءاً وقتل غيلة بالشام فيما بين سلمية وحمص.
المغيرة بن شعبة
رضي الله تعالى عنه
هو من ثقيف ويكنى أبا عبد الله وعمه عروة بن مسعود الثقفي، وكان عروة أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا قومه إلى الإسلام فقتلوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو شبيه بمؤمن آل ياسين"، وكان المغيرة صاحب قوماً من المشركين إلى مصر فقتلهم غيلة وأخذ ما معهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وشهد بيعة الرضوان وشهد اليمامة وفتوح الشام واليرموك والقادسية وولاه عمر بالبصرة فافتتح عيسان. وأبو الحسن البصري وأبو محمد بن سيرين من بني عيسان، وافتتح دست عيسان وابرقبان وسوق الأهواز وهمذان وشهد نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن وهو أول من وضع ديوان البصرة، ويقال إنه أحصن ثمانين امرأة، وقيل لامرأة من نسائه إنه أعور دميم، فقالت: هو والله عسلة يمانية في ظرف سوء. ومات بالكوفة وهو أميرها بالطاعون سنة خمسين، وقال حين حضرته الوفاة: اللهم هذه يميني بايعت بها نبيك وجاهدت بها في سبيلك. وولد له عروة بن المغيرة ويكنى أبا يعقوب وكان أميراً بالكوفة وكان خيراً والعفار ويعفور وحمزة وقد روى عنهم جميعاً.
خالد بن سعيد بن العاص
بن أمية رضي الله تعالى عنه
ذكر أبو اليقظان شخيم بن حفص بن قادم العجيفي وغيره أنه أسلم قبل إسلام أبي بكر وذلك لرؤيا رآها، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني زبيد فصارت إليه الصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب، فلم يزل عند آل سعيد بن العاص حتى اشتراه المهدي منهم بعشرين ألف درهم، وقتل خالد يوم اليرموك وأخوه العاص بن سعيد قتل مشركاً يوم بدر، والقاتل له علي رضي الله عنه، وكان ابنه غلاماً فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فبها سميت الثياب السعدية. وكان سعيد أول من خش الإبل في العظم وولد له نحواً من عشرين ابناً وعشرين بنتاً، ومن ولده عمرو بن سعيد الأشدق الذي قتله عبد الملك بن مروان. ومات سعيد بن العاص سنة تسع وخمسين. وقال معاوية لابنه عمرو الأشدق وهو صغير: إلى من أوصى بك أبوك? قال: أوصى إلي ولم يوص بي. ومن ولد عمرو إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد كان يروى عنه الحديث ومات سنة أربعين ومائة.
عبد الله بن مغفل
رضي الله تعالى عنه
هو من مزينة مضر ويقال لهم بنو عثمان وألفت مزينة، يعني صارت ألفاً يوم فتح مكة، وألفت سليم أيضاً ويكنى أبا عبد الرحمن ومات بالبصرة في آخر خلافة معاوية في ولاية عبيد الله بن زياد، وأوصى أن لا يصلي عليه ابن زياد وأن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي. وكان له من الولد عشرة منهم: سعيد وحسان الأكبر وحسان الأصغر وزياد وطارق والمغيرة، وروى محمد بن عبد الله بن خزاعي بن زياد بن عبد الله بن مغفل أن كنيته أبو سعيد عبد الله بن مغفل بن عبد نهم، وولد عبد نهم المغفل وخزاعياً وعبد الله ذا البجادين لأم واسمها عبلة بنت معاوية بن معاوية المزني.
معقل بن يسار
رضي الله عنه
هو من مزينة مضر أيضاً ويكنى أبا عبد الله وهو الذي فجر فوهة نهر معقل، وكان زياد حفره فتيمن به لصحبته فأمره ففجره فنسب إليه، وإليه ينسب الرطب المعقلي وتوفي في آخر خلافة معاوية وله عقب بالبصرة، ومن مواليه حبيب المعلم وهو حبيب بن زيد مولى معقل بن يسار.
معقل بن سنان
رضي الله تعالى عنه هو من أشجع، وشهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم وبقي إلى يوم الحرة فقتله مسلم بن عقبة يومئذ وتولى قاله نوفل بن مساحق لأنه سمعه قديماً يذكر يزيد بن معاوية بشرب الخمر ويطعن عليه، فحقد ذلك عليه.
عائذ بن عمرو
رضي الله تعالى عنه
هو من مزينة مضر أيضاً وهو الذي قال له عبيد الله بن زياد: إنك لمن حثالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عائذ: وهل في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من حثالة? وله دار بالبصرة في مزينة.
بلال بن الحرث
رضي الله تعالى عنه
هو من مزينة مضر ويكنى أبا عبد الرحمن وهو الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم معادن القبيلة. ومات سنة ستين وسنة ثمانون. وابنه حسان بن بلال أول من أحدث الأرجاء بالبصرة.
النعمان بن مقرن
رضي الله تعالى عنه
هو من أوس من مزينة إلا أنهم ليسوا من ولد عثمان وعددهم قليل، وفتح نهاوند لعمر وقتل يومئذ وقبره هناك بموضع يقال له الاسفيذهان، وقبر طلحة بن خويلد وقبر عمرو بن معد يكرب وقبور جماعة من المسلمين وله أخوان: سويد بن مقرن ومعقل بن مقرن وكلهم يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسكنهم الكوفة، ومعقل بن مقرن هو أبو عمرة المزني.
حنظلة الكاتب
رضي الله تعالى عنه
هو حنظلة بن ربيعة بن صيفي بن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب من بني تميم من بطن يقال لهم بنو شريف، وكان أكثم أدرك مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يوصي قومي بإتيانه والسبق إليه، ولم يسلم وبلغ مائة وتسعين سنة، فقال:
وإن امرأ قد عاش تسعين حجة * إلى مائة لم يسأم العيش جاهل
ولأكثم عقب بالكوفة ومات أكثم بالبادية.
وأما حنظلة فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي إلى زمن معاوية ومات ولا عقب له. وقال بعضهم: هو حنظلة بن الربيع وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم مرة كتاباً فسمي بذلك الكاتب، وكانت الكتابة في العرب قليلاً وله صحبة وأخوه رياح بن ربيعة بن صيفي كانت له صحبة، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم لليهود يوم وللنصارى يوم، فلو كان لنا يوم فنزلت سورة الجمعة.
بريدة الأسلمي
رضي الله تعالى عنه هو بريدة بن الخصيب، وكان رئيس أسلم ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بكراع الغميم وبريدة بها فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلموا، ثم قدم بريدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة هو يبني المسجد ومات بريدة في خلافة يزيد بن معاوية بمرو.
عبد الله بن سعيد
بن أبي سرح رضي الله عنه
اسم أبي سرح الحسام، وهو الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيملي عليه النبي صلى الله عليه وسلم: عزيز حكيم، فيكتب غفور رحيم، وفيه نزلت: "ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله" الأنعام: 93 " فنذر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة، وكان أخا عثمان من الرضاعة فجاء به عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل به حتى أمنه، واستعمله عثمان على مصر، وهو الذي افتتح أفريقية وأبوه سعد من المنافقين.
قيس بن عاصم
هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر ويكنى أبا علي، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيد أهل الوبر. وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد تميم بعد الفتح فأسلم وكان شريفاً سيداً، وفيه يقول الشاعر:
فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما
وكان له من الولد طلبة والقعقاع وشماخ وغيرهم، يقال إنهم كانوا ثلاثة وثلاثين ابناً، ومية صاحبة ذي الرمة من ولد طلبة.
الزبرقان بن بدر
رضي الله تعالى عنه كان اسمه حصين بن بدر بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد وسمي الزبرقان لجماله، وكان يقال له قمر نجد وولده عباس، وكان يكنى به وعياش وأبو شذرة وبنات وعقبه بالبادية كثير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل الزبرقان على صدقات قومه فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم فذهب بالصدقة إلى أبي بكر وهي سبعمائة بعير.
عيينة بن حصن
رضي الله تعالى عنه
هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وكان اسمه حذيفة فأصابته لقوة فجحظت عيناه فسمي عيينة ويكنى أبا مالك، وجده حذيفة بن بدر سيد غطفان وكان يقال له رب معد، وكذلك ابنه حصن قاد أسداً وغطفان وقتل بنو عبس حذيفة، وقتل بنو عقيل حصناً وخارجة بن حصن ابنه سيد أهل الكوفة. قال الواقدي: أجدبت بلاد بدر بن عمرو حتى ما أبقت لهم من مالهم إلا الشريد، وذكرت لهم سحابة وقعت بتغلمين إلى بطن نخل فسار عيينة في آل بدر حتى أشرف على بطن نخل ثم هاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فورد المدينة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الإسلام فلم يبعد ولم يدخل فيه، وقال: إني أريد أن أدنو من جوارك فوادعني فوادعه ثلاثة أشهر، فلما انقضت المدة انصرف عيينة وقومه إلى بلادهم وقد أسمنوا وألبنوا وسمن الحافر على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت بالغابة، فقال له الجارود بن عوف: ما جزيت محمداً سمنت في بلاده ثم غزوته، قال: هو ما ترى. وقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأحمق المطاع. فأسلم وكان من المؤلفة قلوبهم وارتد حين ارتدت العرب ولحق بطلحة بن خويلد حين تنبأ وآمن به، فلما هزم طليحة وهرب أخذ خالد بن الوليد عيينة بن حصن فبعث به إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه في وثاق فقدم به المدينة فجعل غلمان المدينة ينخسونه بالجريد ويضربونه ويقولون: أي عدو الله لقد كفرت بالله بعد إيمانك، فيقول: والله ما كنت آمنت. فلما كلمه أبو بكر رجع إلى الإسلام فقبل منه وكتب له أماناً ودخل على عثمان في خلافته فقال له: يا بن عفان سر فينا بسيرة عمر بن الخطاب فإنه أعطانا فاغنانا وأخشانا فأتقانا. فقال له عثمان: أما والله على ذلك ما كنت بالراضي بسيرة عمر، هل لك إلى العشاء? قال: أنا صائم. قال: أمواصل أنت? قال: وما الوصال? قال: تصوم يومك وليلتك ويومك حتى تمسك. قال: لا، ولكني وجدت صيام الليل أيسر علي من صيام النهار. وعيينة هو الذي أغار على سوق عكاظ فهو الفجار الثاني، وله عقب، وعمي في خلافة عثمان.
عبد الرحمن بن سمرة
رضي الله عنه
هو عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس، وكان سمي عبد كلال، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن وقال له: لا تطلب الإمارة فإنك أن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وولاه عبد الله بن عامر سجستان فافتتحها وهو افتتح كابل، وكان له أخ يقال له عمر بن سمرة قطعه النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة ولهما عقب، ومنصور بن زادان مولاه.
سمرة بن جندب
رضي الله تعالى عنه هو من بني لؤي بن شمح بن فزارة ويكنى أبا سليمان وشهد أحداً وهو صغير، ويقال إنه من العشرة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم آخركم موتاً في النار، وكان أحول وأمه سوداء واستعمله زياد على البصرة ومات بالكوفة سنة بضع وستين وعقبه بها.
سمرة بن جنادة بن جندب رضي الله تعالى عنه وفي الصحابة سمرة بن جنادة بن جندب فظن قوم أنه سمرة الأول وليس كذلك وهو أبو جابر بن سمرة ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومات بالكوفة في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان سعد وهب له يوم المدائن غلامين من أبناء الأكاسرة أحدهما بذيمة وهو أبو علي بن بذيمة الذي يروي عنه، والآخر هو أبو زهير وهو جد المطلب بن زياد بن أبي زهير فأعتقهما جابر.
أبو محذورة
رضي الله تعالى عنه
هو سليمان بن سمرة، ويقال: سمرة بن معير بن لوذان بن عريج بن سعد بن جمح وأمه من خزاعة، وكان سمرة هذا مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال له عمر حين أذن: أما خشيت أن ينشق مريطاؤك، وكان له أخ يقال له أنيس بن معير قتل يوم بدر كافراً، والمريطاء أسفل البطن ما بين السرة إلى العانة، وأسلم أبو محذورة بعد حنين وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان بمكة فالأذان في ولده إلى اليوم في المسجد الحرام وتوفي سنة تسع وخمسين.
رافع بن خديج
بن رافع رضي الله عنه
هو من الأنصار من الأوس ويكنى أبا عبد الله وشهد أحداص والخندق، وكان يحفي شاربه جداً كأنه الحلق ويعفي لحيته ويصفرها، ومات من جراح كان به في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتقض عليه سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ست وثمانين سنة وأخوه رفاعة بن خديج قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وعمه ظهير بن رافع وابنه أسيد بن ظهير قد رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جابر بن عبد الله الأنصاري
رضي الله تعالى عنه
هو جابر بن عبد الله بن عمرو وقتل أبوه يوم أحد وكان جابر يكنى أبا عبد الله وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار وكان أصغرهم يومئذ ولم يشهد بدراً ولا أحداً وشهد ما بعد ذلك. روي في بعض الحديث عنه أنه قال: كنت منيح أصحابي يوم بدر، وهذا غلط لأن أهل السيرة مجمعون على أنه لم يشهد بدراً ومات بالمدينة سنة ثمان وسبعين وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة، وقد كان ذهب بصره وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة، وهو ممن تأخر موته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان له ابنان يروي عنهما الحديث عبد الرحمن بن جابر وكلاهما يضعفه أهل الحديث.
جابر بن عبد الله بن رباب
رضي الله تعالى عنه
وفي الصحابة رجل آخر يقال له جابر بن عبد الله بن رباب روى أحاديث يسيرة.
أنس بن مالك
رضي الله عنه
هو من الأنصار، وأمه أم سليم بنت ملحان امرأة أبي طلحة، وأخوه البراء بن مالك، قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أم أنس قد أتت به للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وهو ابن ثماني سنين فخدمه إلى أن قبض عليه الصلاة والسلام، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم ارزقه مالاً وولداً وبارك"، قال أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالاً وولداً. وخبرت أنه قدم من صلبه إلى مقدم الحجاج البصرة ببضعة وعشرين ومائة ولد، وقال الحرمازي: ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتى رأى كل منهم من صلبه مائة، ذكر: خليفة بن يدر، وأبو بكرة، وأنس بن مالك. وعمّر أنس عمراً طويلاً وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين ويقال سنة ثلاث وتسعين قبل موت الحجاج بسنتين، وروى الحديث من ولد أنس النضر بن أنس وعبد الله وموسى ومالك بنو أنس، وكان محمد بن سيرين مولى أنس كاتب أباه سيرين، وفيه يقول الشاعر:
يأبى الجواب فما يراجع هيبة * فالسائلون نواكس الأذقان
هدى التقي وعز سلطان التقى * فهو المطاع وليس ذا سلطان
عمران بن حصين الخزاعي
رضي الله تعالى عنه
يكنى أبا نجيد وأسلم قديماً وتوفي في خلافة معاوية بالبصرة سنة اثنتين وخمسين.
أبو أمامة الباهلي
رضي الله تعالى عنه
هو صدى بن عجلان وكان ممن شهد صفين مع علي رضي الله عنه، ونزل الشام وهو ممن يعدّ فيمن تأخر موته من الصحابة، وتوفي سنة ست وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان يصفر لحيته. وفي الأنصار: أبو أمامة أسعد بن زرارة، وأبو أمامة الحارثي ثعلبة بن سهل.
عكراش بن ذؤيب
رضي الله تعالى عنه
هو من تميم من بني النزال بن مرة بن عبيد، بعث به بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد الجمل مع عائشة، فقال الأحنف: وهو من رهطه كأنكم وقد جيء به قتيلاً أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت، فضرب ضربة على أنفه فعاش بعدها مائة سنة، والضربة به، وكان يكنى أبا الصهباء، فولد: عبد الله وعبيد الله وعبد السلام. وعبيد الله هو الذي يروي الحديث عن أبيه في قدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبل كأنها عروق الأرط، وأنه أكل معه، وعبيد الله هو الذي يقول فيه أبو النضر مولى عبد الأعلى:
قل لسوار إذا ما * جئته وابن علاثه
زاد في الصبح عبيد الل * ه أوتاداً ثلاثه
ولعبيد الله عقب بالبصرة، وهو القائل: زمن خؤون ووارث شفون، فلا تأمن الخؤون وكن وارث الشفون.
حكيم بن حزام
رضي الله تعالى عنه
هو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد ابن عم الزبير بن العوام وابن أخي خديجة بنت خويلد بن أسد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال حكيم: ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ابنه عبد الله حين وقع نذره عليه وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وشهد حكيم مع ابنه الفجار وقتل أبوه حزام في الفجار، وكان حكيم يكنى أبا خالد، وأسلم يوم الفتح وأسلم أولاده يومئذ وهم: هشام بن حكيم وخالد بن حكيم وعبد الله بن حكيم، وكلهم قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه الحديث، وعاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين وباع داراً له من معاوية بستين ألف دينار، فقيل له: غبنك معاوية! فقال: والله ما أخذتها في الجاهلية إلا بزق خمر أشهدكم أنها في سبيل الله انظروا أيّنا المغبون?
حويطب بن عبد العزّى
رضي الله تعالى عنه
هو من بني عامر بن لؤي، وعاش أيضاً مائة سنة وعشرين سنة، في الإسلام ستين وفي الجاهلية ستين، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية وله عقب، وكان حويطب باع داراً له من معاوية بأربعين ألف دينار، فقيل له: يا أبا محمد أربعون ألف دينار!? قال: وما أربعون ألف دينار لرجل عنده خمسة من العيال، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه.